رأي ومقالات

السفير الإثيوبي بالخرطوم (أبادري زمو) :إثيوبيا لا تدعم أية جماعات معارضة لحكومة السودان


*هذه هي الأسباب التي جعلت إثيوبيا والسودان لا يتأثران في علاقتهما بالتقلبات الإقليمية والدولية
*إثيوبيا لا تدعم أية جماعات معارضة لحكومة السودان
*الحركات تأتي لإثيوبيا بإذن حكومة السودان ودون ذلك لن نسمح لها بالبقاء ولو لساعة
*نعم …المعارضة في إثيوبيا تعارض ترسيم الحدود بين الدولتين
*تجري الآن عمليات (صيد) للقبض على الشفتة
تم قريباً ذبح ثمانية إثيوبيين من قبل سودانيين بطريقة لا تستخدمها حتى (داعش)
*هناك جماعات مسلحة على حدود البلدين يجب محاربتهم
*ربط اعتداءات الشفتة التي تحدث بترسيم الحدود خطأ كبير.
*الحل… جعل منطقة الفشقة وما حولها منطقة تنمية وتلاقٍ
*لم نستطع التمييز بين من هم شفتة ومن هم غير ذلك
*إذا لم تتخذ إجراءات قانونية ضد الشفتة لكان الوضع أسوأ من ذلك.
*هناك كثير من الاحتكاكات التي يضخمها الإعلام بصورة مزعجة.
في محاولة من (المجهر) لوضع القارئ على كثير من الحقائق في علاقة السودان مع الجارة إثيوبيا، ولتفسير الكثير من الأحداث التي تجري هنا وهناك فيما يتعلق بعلاقة البلدين السياسية والاجتماعية، وغيرها من الملفات كقضية ترسيم الحدود، وما يعرف باعتداءات الشفتة الإثيوبية على المواطنين السودانيين، وملف سد النهضة الذي يدور حديث كثير عنه هذه الأيام، والكثير من القضايا التي تهم البلدين، ولأجل ذلك كله جلست (المجهر) مع السفير فوق العادة والمفوض لجمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية لدى السودان السفير (أبادري زمو) في حوار أجاب فيه عن الكثير والكثير جداً من الاستفهامات التي تدور في خلد كل مواطن سوداني عن علاقة إثيوبيا مع السودان، في المساحة التالية:

أولاً: كيف تقيم مسار العلاقات السودانية الإثيوبية ؟
-العلاقات السودانية الإثيوبية علاقة قديمة ضاربة في الجذور، ولكن هذه العلاقة لم تكن على الدوام جيدة ولم تكن كذلك سيئة، لكننا يمكن أن نقول إن هذه العلاقة خلال العقدين الأخيرين مضت بصورة قوية بين الحكومتين وبين الشعبين.
{برأيك ما هو السر في استدامة هذه العلاقة بالرغم من التحولات الكثيرة والكبيرة على مستوى البلدين وعلى مستوى الإقليم والعالم ؟
-الشيء الرئيسي الذي جعل العلاقة بين البلدين لا تتأثر بالتحولات والتقلبات التي تحدث في العالم أو في المنطقة، هو أن وجهة نظر البلدين تغيرت كثيراً  وبالتالي أي شيء يعود بالمصلحة والمنفعة لأحد البلدين يسعى الطرف الآخر على دعمه، باعتبار أن تلك المصلحة ستنعكس على هذا البلد، وهذا باعتقادي ما جعل العلاقة تمضي في مسارها الصحيح، عكس ما هو كان يحدث في السابق حيث كانت كل دولة من البلدين تسعى إلى تأجيج الصراع في البلد الآخر، وهذا الأمر فطنت له قيادة البلدين خلال الفترة الأخيرة، والآن لا يوجد في البلدين أي دعم لأية معارضة في البلد الآخر مما يؤجج الصراع والفتنة، بل إن هناك رغبة كبيرة في حل مشكلات بعضهما البعض.
{هل تعتقد أن ما يربط البلدين مصالح حقيقية أم هي مجرد تفاهمات لحظية يمكن أن تتأثر بأي أحداث عابرة ؟
-هناك علاقة إستراتيجية تربط بين البلدين، وفي اعتقادي هناك قناعة راسخة لدى قيادة البلدين بضرورة استتباب السلام في إثيوبيا والسودان، كان في السابق إثيوبيا تستضيف جماعات تستهدف زعزعة أمن السودان، وكذلك السودان كان يستضيف مجموعات تعمل على تعكير الأمن في إثيوبيا، الآن هذا انتهى، حيث لا يوجد دعم لأية جماعات معارضة للسودان في إثيوبيا والعكس، كلا البلدين يحتاجان  إلى التنمية، وهي لا يمكن أن تتحقق أثناء الحرب لذلك قناعتنا هي يجب أن يستتب السلام في البلدين، وهذا ليس شيئاً مؤقتاً إنما يجب أن نستمر في هذا النهج.
{حسناً: لكن هنالك مجموعات من الحركة الشعبية وقطاع الشمال تتواجد لفترات طويلة في إثيوبيا، تعقد الاجتماعات وتخطط لبرامج ماذا تسمي هذا الوجود؟
-الحركة الشعبية متواجدة في إثيوبيا منذ توقيعها على اتفاق السلام الشامل الموقع في العام 2005م، وتواجدها في إثيوبيا منذ ذلك التاريخ وحتى الآن باعتبارها حركة موقعة على السلام مع حكومة السودان، وبالتالي أرض إثيوبيا لا يمكن أن تكون أرض انطلاق لها لمحاربة السودان، ولو انطلقت الحركة الشعبية من أرضنا لفعلت الحكومة السودانية المثل وسمحت لمعارضينا الانطلاق من أرضها. ثانياً حركات دارفور تأتي لإثيوبيا بإذن من حكومة السودان، فبعد أن نتلقى رسالة من حكومة السودان أن هذه الحركات تريد أن تتفاوض معها نأذن لتلك الحركات بناءً على طلب السودان لغرض المفاوضات، خلافاً لذلك لا يمكن أن نسمح لتلك الحركات التواجد في إثيوبيا ولو لساعة واحدة. وهنا لابد لي أن أؤكد وبالصوت العالي لا توجد حركات معارضة للسودان في إثيوبيا ولو تواجد بعض الأفراد ربما لتسهيل عملية التفاوض مع السودان .
{حسناً: ننتقل بك إلى محور آخر هل تعتقد أن الخلافات في الحدود يمكن أن تعصف بعلاقات الدولتين؟
-لو تعاطينا مع الأحداث التي تحدث في الحدود بصورة مسؤولة لا يمكن أن يحدث أي شيء بين البلدين، لكن إذا تعاطينا معها بعدم مسؤولية ستؤثر حتماً على علاقات البلدين، وفي تقديري أن قيادة البلدين تتعاملان مع يجري من أحداث هنا وهناك بحكمة وصبر وبجدية .
{برأيك ما هي الأسباب الحقيقية التي تعرقل ترسيم الحدود بين الدولتين؟
-هناك لجان بين البلدين تعمل على  جمع حقائق تاريخية من هنا وهناك حتى يتم تنفيذ ترسيم الحدود، وهذه اللجان لم تنتهِ حتى اللحظة من أعمالها، أيضاً واحدة من أسباب التأخير في تقديري هي تغيير القيادات في البلدين في إثيوبيا والسودان من حين لأخر، وبخلاف ما ذكرت لا توجد أسباب تعرقل الترسيم.
{هناك حديث أن ترسيم الحدود يواجه بمعارضة قوية داخل إثيوبيا لذلك تخشى ردة فعل هؤلاء المعارضين في حالة الترسيم ؟
-نعم في حقيقة الأمر المعارضة في إثيوبيا تعارض ترسيم الحدود بين الدولتين، لكن بالمقابل هناك أشياء كثيرة ترفضها المعارضة بخلاف قضية الترسيم، وبالتالي إذا لم نستطع التغلب على هذه الصعاب كيف يمكننا أن نحكم بلادنا إذا استمعنا لهذه الآراء، وهنا لابد لي أن أقول إننا كحكومة مصلحتنا في ترسيم الحدود بين الدولتين لذلك مثل هذه الأصوات المعارضة تحتاج إلى جهد من أجل إقناعها لأننا دائماً ما نشاور الشعب، والشعب والحكومة لديهم الرغبة في الترسيم، لا يمكن أن نتحدث عن التنمية في ظل حدوث صدامات هنا وهناك، وطالما قناعتنا في الترسيم إذن لن نخشى المعارضة وإلا  لا يمكننا حينها أن نقود البلاد .
{إذن هناك أصوات في إثيوبيا ترفض ترسيم الحدود؟
-نعم موجودة مثل هذه الأصوات لكننا لا نستمع إليها طالما أن مصلحتنا تقتضي ترسيم الحدود، ولا وقت لنا للاستماع لهؤلاء .
{تريد أن تقول إن رفض المعارضة الإثيوبية ليس هو السبب في تأخير ترسيم الحدود؟
{المعارضة التي لا نريد سماعها هي تلك المعارضة الخارجة عن القانون وتلك المتواجدة في ارتريا أو أي بلد آخر وتهاجم حكومتنا ليل نهار وتحاول تشويه سمعة البلد وليس لها أي قناعة لسياساتنا، هؤلاء لا نسمعهم ولا وقت لدينا حتى في الالتفات إليهم، أما المعارضة الشريفة نحن نستمع إلى آرائهم ونقيمها .
{حسناً: طالما أنكم لا تسمعون إلى أصوات المعارضة إذن الأسباب تعود إلى خلافات جوهرية بين السودان وإثيوبيا بشأن الترسيم.
{اللجنة الفنية التي شكلت بين البلدين تم تشكيلها بقرارات قيادة البلدين ولو كان لدينا خلافات مثلما ذكرت لما شكلت هذه اللجان، ولما باشرت أعمالها في جمع المعلومات والحقائق، وبالتالي هناك قرارات صادقة من قيادة البلدين حول ترسيم الحدود.
{ننتقل بك إلى ملف الفشقة واعتداءات الشفتة التي يرى البعض أنها جماعات منظمة تعمل على تقتيل السودانيين وتنهب ممتلكاتهم؟
-هنالك عملية صيد للقبض على الشفتة تجري الآن بتنسيق بين القوات النظامية السودانية والإثيوبية، ولا يوجد لدى حكومة إثيوبيا أي دوافع في أن ينطلق هؤلاء المجرمون من أرضها لمهاجمة المزارعين السودانيين، هناك تنسيق عالٍ بين البلدين لمحاربة هذه المجموعات الخارجة عن القانون، أيضاً هناك جماعات مسلحة على حدود البلدين يجب محاربتهم بتنسيق بين قوات البلدين.
{إلى أي بلد تنتمي هذه الجماعات المسلحة التي تتواجد على حدود البلدين؟
-هناك أشخاص مسلحون بالسلاح الأبيض يتواجدون في الحدود، على سبيل المثال لدينا إحدى القبائل الرعوية في المنطقة دائماً ما يحمل أفرادها السلاح الأبيض، هناك أيضاً سودانيون يحملون أسلحة تقليدية هؤلاء في كثير من الأحيان يخرجون عن نطاق مهنتهم الأساسية ويقومون بأعمال عدائية هنا وهناك، وبالتالي يتحدث البعض أن هؤلاء مدعومون من الحكومة الإثيوبية وإلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي نسمعها ونقرأ عنها أيضاً، لكن نحن بريئون من هذه الاتهامات، هناك أشياء تعودنا عليها منذ زمن بعيد وهي أن يأتي أشخاص مثل الذين تحدثت عنهم ويقومون بنهب قطعان الماشية والأبقار من السودان أو العكس دون علم حكومة البلدين، واعتقد أن السبب الرئيسي في إشعال نار الفتنة في تلك المناطق هي أن بعض السودانيين يقومون باستئجار أراضيهم لمزارعين من إثيوبيا دون علم حكومتي البلدين، وهؤلاء يكونون في معظم الأحيان يحملون الأسلحة، وبالتالي يحدث الاحتكاك، لكن الآن هناك مجهودات كبيرة نبذلها في إثيوبيا في توعية هؤلاء الرعاة والمزارعين في الحدود على كيفية التعامل بصورة مثلى مع جيرانهم وإخوانهم السودانيين في الحدود، وذلك بعدم تأجيج المشكلات الصغيرة وأن لا تقوم حملة كبيرة لمجرد حدوث حدث طفيف. ثانياً قلنا يجب أن تتم أي عقودات لاستئجار الأرض بغرض الزراعة بعلم حكومة البلدين وأن لا تتم أية معاملات من هذا القبيل خارج الأطر القانونية، هناك أيضاً حلول نعمل عليها الآن وهي الرجوع إلى آليات حل المشاكل بين البلدين التي وضعتها حكومات الولايات المتجاورة بين البلدين لحل النزاعات. وعلى سبيل المثال نجد أن حكومة النيل الأزرق وإقليم بني شنقول عقدوا خلال عام واحد (47) اجتماعاً بين قيادات البلدين، بينما حكومة القضارف وحكومة إقليم (الأمهرا) عقدوا اجتماعات قليلة لا تذكر، مثل هذه الآليات يجب أن تستمر إذا تمت عملية ترسيم الحدود أو لم تتم، هناك عمليات قتل ونهب للممتلكات تم حلها بواسطة تلك الآليات بشكل أرضى كافة الأطراف، لذلك قلنا على ولاية القضارف وإقليم الأمهرا نقل تجربة النيل الأزرق وبني شنقول، لذلك أقول ربط الاعتداءات التي تحدث بترسيم الحدود خطأ كبير لأن مثل هذه الأحداث يمكن أن تتم إذا كانت الحدود مرسمة أو غير ذلك، الحل الأفضل هو تفعيل آلية حل المشاكل وجعل منطقة الفشقة وما حولها منطقة تنمية وتلاقٍ بين المجموعات السكانية في البلدين.
{هذه المجموعات تسمى الشفتة ما يعني أنها منظمة، السؤال هو هل الحكومة الإثيوبية عاجزة عن السيطرة على هؤلاء المتفلتين؟
-كل من يحمل السلاح ليس شفتة، ولكن الذي يستخدم السلاح بطريقة غير مشروعة هو ما نسميه نحن بالشفتة، ولذلك لم نستطع التمييز بين من هم شفتة ومن هم غير ذلك، في تلك المناطق في كلا البلدين المزارعون والرعاة جميعهم مسلحون، لكن إذا ثبت لنا انتماء أي شخص للشفتة لا نتردد في محاكمته بالتنسيق مع الحكومة السودانية.
{هل تمت أي محاكمات لأي مجموعات أو أفراد في هذا الشأن؟
-نعم تمت محاكمات للشفتة، وإذا لم تتخذ إجراءات قانونية بحق المتفلتين الشفتة بواسطة اللجان المشتركة في البلدين لكان الوضع أسوأ من الذي نتحدث عنه الآن، الوضع الآن جيد، هناك أخبار كثيرة ومعلومات يتطرق إليها الإعلام غير صحيحة، أذكر منها خبراً عن نهب إثيوبيين لأكثر من (350) رأساً من الأبقار من سودانيين، لكن بحسب المعلومات المتوفرة لدي أن الأبقار المذكورة هنا دخلت على مزرعة أحد الإثيوبيين وبدوره قام باحتجاز ثمانية من الرعاة وحوالي (400) من الأبقار، لكن نجد أن الإعلام هنا يتحدث عن أن الشفتة سرقوا الأبقار واحتجزوا الرعاة وهو أمر ليس صحيحاً، وبالتالي ما أريد أن أوضحه من هذه الحادثة أن مثل هذه الأشياء تحدث بصورة عادية بين المزارعين والرعاة، وبالتالي لا يمكن أن نسمي هذه الحادثة اعتداءً من قبل الشفت.هناك كثير من الاحتكاكات التي يضخمها الإعلام بصورة مزعجة، بينما يستطيع الناس هناك حلها، وهناك أشياء أخرى مزعجة تحدث مثلما حدث قريباً عندما استدرجت مجموعة من السودانيين ثمانية أشخاص إثيوبيين إلى الأراضي السودانية بدعوى إيجاد عمل لهم في السودان، وتم ذبحهم بصورة بشعة حتى جماعة (داعش) لا يمكن أن تقوم بعمل مثل هذا، لكن هؤلاء المجرمين تطاردهم الآن حكومة السودان واستطاعت بالفعل القبض على بعضهم، لذلك لماذا لا نتحدث عن التعاون والرغبة الكبيرة المتوفرة لدى قيادة البلدين  بدلاً من الحديث عن أشياء تؤجج مشاعر الناس، لماذا لا نتحدث عن الأشياء التي تخدم البلدين، هذه الأشياء تحدث بين الأخوين حتى داخل السودان، وعلى سبيل المثال نحن مع ارتريا في حالة اللا حرب واللا سلم، ورغم ذلك تدخل القطعان إلى أراضينا والعكس، لكن لا يحدث أي احتكاك أو تضخيم لما يحدث

 

حوار نزار سيد أحمد –

المجهر السياسي


تعليق واحد