مقالات متنوعة

محمد لطيف : مشافي الخرطوم.. وتوحيد الرؤي الوزارية


(كشفت وزارة الصحة بولاية الخرطوم، عن تلقي 2 مليون أجنبي للعلاج في مستشفيات الولاية بتكلفة تصل إلى (6500) مليون جنيه، وطالبت بإدخالهم في التأمين الصحي حتى لا تكون تكلفة علاجهم على حساب “المواطن”، في وقت أكدت جاهزية مركز التميز للإصابات والطوارئ الجديد بالخرطوم، لاستقبال المرضى، والذي بلغت جملة تشغيله 61 مليون جنيه، لكنها قالت في ذات الوقت إن التحدي يكمن في عدم توفر الكادر المتكامل والتشغيل بمستوى واحد.. وقال وزير الصحة بالخرطوم، مأمون حميدة، إن مركز التميز يشمل 9 تخصصات مختلفة و100 سرير للطوارئ بصورة مجانية وبه مركز للتدريب، وأوضح أنه سيبدأ بتدريب 40 نائب اختصاصي وبعد 4 سنوات سيتم تخريج 160 طبيب طوارئ، وأكد أنها طريقة جديدة للتدريب تشمل إنشاء 35 غرفة للتدريب لامتحانات مجلس التخصصات الطبية، وقال حميدة إنه تم تحديد الوظائف وتجهيز المعدات، لكن التحدي الذي يواجه المركز هو توفير الكادر التشغيلي).
هذا الخبر نقلته المحررة النشطة ندى رمضان في صحيفتها الجريدة الأسبوع الماضي.. ورغم أن موضوعه مركز التميز إلا أنني لن أعلق عليه اليوم لتعذر زيارتي له بدعوة سابقة من البروفيسور مأمون حميدة.. في انتظار سانحة للزيارة.. غير أن موضوعين أثارهما البروف أرى الوقوف عندهما.. الأول هو موضوع نقص الكادر التشغيلي.. والتدريب ورفع القدرات ومنع هجرة الكوادر المؤهلة.. وهذه القضية رغم أنها تتمدد على كل القطاعات إلا أن خطورتها وحساسيتها تزداد في القطاع الطبي.. لأن خطأ طبيب يمكن أن يكون مقابله حياة مريض.. والفرق بين الطبيب والآخرين أن الفاصل الزمني بين اتخاذ قرار خاطىء وتنفيذ ذلك القرار الخاطئ يمكن أن يكون أقل من دقيقة.. وهذا يعزز دعوة السيد وزير الصحة في التأهيل والتدريب.. ولكن يبدو أن القضية أكبر من وزير واحد.. إذ تتعلق بالسياسات الكلية للدولة.. والوضع الاقتصادي.. ودخل الفرد.. ومستوى المعيشة.. والرضى الوظيفي.. والمؤسف أن الدولة تلجأ أحيانا لفرض قيود إدارية على الهجرة.. الأطباء نموذجا.. وهي سياسة أثبتت فشلها الذريع.. ولا سبيل إلا أن تتحمل الدولة مسؤوليتها في توفير الحياة الكريمة لمواطنيها.. وما لم تقتنع الحكومة بأن الإنفاق على المواطن ينبغي أن يتقدم على الإنفاق على الدولة فلن يكون هناك حل..!
الموضوع الثاني هو موضوع علاج الأجانب بالمشافي الحكومية.. ولاحظت أن هذا الموضوع ظل من أكبر شواغل البروفيسور مأمون حميدة.. غير أنني اختلف معه في ما طرحه من حل.. استنادا على فلسفة أنه.. صحيح على الدولة أن تقدم الخدمة العلاجية لأي إنسان يحتاجه.. باعتباره حقا من حقوق الإنسان.. ولكن الصحيح أيضا أن من حق الدولة أن تحمي مصالح مواطنيها.. لذا تجدني أختلف مع السيد وزير الصحة في دعوته بأن يغطي التأمين الصحي الأجانب.. وفي المقابل أتفق مع رؤية الدكتورة أمل البيلي وزير الرعاية الاجتماعية.. في ذات الحكومة.. بأن يغطي التأمين الصحي كل المواطنين السودانيين لتمييزهم في الخدمات العلاجية عن الأجانب.. الذين سيتلقون العلاج بتكلفته وعبر السداد المباشر.. حتى إن الوزيرة طالبت الإعلام بأن يسهم في حملة رفع وعي المواطن بأهمية التأمين الصحي.. باعتبار ذلك السبيل لحفظ حقوقه.. وتمييزه في الخدمة.. عن الأجانب.. وهذا حقه أيضا.. فما رأي السيد وزير الصحة..؟