تحقيقات وتقارير

(لاءات) الأطفال العشرة .. خوفاً من الخطف والاغتصاب


لا تخرج وحدك، لا تذهب بعيداً، لا تتكلم مع الغرباء، لا تتطوع بإرشاد أحدهم أو توصيله، لا تقترب من سيارة أو ركشة أو أي أحد لا تعرفه،،،، إلخ. نصائح مبهمة نرددها في بيوتنا صباح مساء نلقيها على مسامع أطفالنا كل يوم، لوائح صارمة لا يفهمونها، ولا يدركون لم نصادر حريتهم وبراءتهم وانطلاقهم واقبالهم على الحياة بسببها انها مخاوفنا التي لا نتردد في غرسها فيهم عن سبق اصرار وترصد تحت دعوى القلق عليهم وحمايتهم.
المكان صيوان للنساء في مناسبة، على غير المألوف لم تكن (شماراتهن) تدر حول ثوب فلانه او حنة علانه ولا تنداح حول تلك التي تتكلم متباهية وهي تجهل ان زوجها قد تزوج عليها سراً، كانت الاحاديث عن الاغتصاب الذي اصبح موضوع الساحة في كل المجالس، أحاديث تتقاطع هنا وهناك وقصص تدمي القلوب بدءاً بـ(مرام) وانتهاءً بـ(شماء) وأخريات سقطن عمداً أو سهواً، تفاصيل حقيقية واخرى اضافت لها (ألحاكية) توابل برع فيها خيالها الخصب، فجأة تنسل من بينهن أم مذعورة تبحث عن طفلتها التي كانت تلعب منذ قليل ولكنها لم تجدها فانخرطت في حالة من الصراخ والبكاء الهستيري فساد الهرج والمرج المكان وتدافع الكل للبحث عن الصغيرة التي لم تكن الا نائمة على أقرب سرير لعبت فوقه ثم سرقها النعاس والتعب.
في مكان آخر والشمس في كبد السماء الأم منهمكة في إنجاز واجباتها وامام المنزل تلعب طفلتاها تركت الباب موارباً لتراقبهما عن كثب اقترب احد المارة وانحنى يحمل لطفلة اندفعت الام خارجة وهي تصرخ ارتعب الشاب ووضع الطفل أرضاً مذهولاً وما هي الا لحظات حتى تجمع الجيران والمارة ونال الشاب علقة ساخنة لم تشفع فيها توسلاته ومحاولاته افهامهم ان الأمر مجرد سوء فهم، وانه لم يكن ينوي سولا احساس بالحب نحو الطفلة ذات الثلاثة سنوات ليتضح لاحقاً ان الشبا لم يكن سوى ضيف ورطه حظه العاثر وقلبه الكبير في هذا الموقف العصيب.
أم لثلاثة أطفال لم تخف مخاوفها التي لا تفارقها أبداً حتى انها انعكست على اطفالها وتعاملها معهم، تقول (سلمى) أصبحت أمنعهم من الخروج ولو خرجوا في غفلة مني ألحق بهم مذعورة، وتعترف انها اصبحت تتكلم مع اولادها بصراحة في مواضيع كانت ضمن الخطوط الحمراء وتشرح لهم جاهدة عسى ان تنجح في ايصال معلومات كافية لتحميهم ولا تخدش حيائهم. وتعترف سلمى بأنها تجاوزت الحد في التضييق عليهم ولكن ماذا تفعل ونحن نسمع كل يوم بحدث اكثر بشاعة من الذي قبله، وتواصل في يوم انفعل زوجي وطلب مني ان اترك ابني الكبير يخرج ويمارس حياته اسرة بإقرانه بدلاً من حبسه كالبنات، لافتاً انتباهي الي انني سأكون السبب في جعل الولد متخلفاً ومعقداً، ولا يحسن التصرف فردد عليه قائلة الأفضل ان يصبح هكذا بدلاً من اجده ميتاً او محطماً لن يفلح شيء في اعادته مرة اخرى وبهذا حسمت تدخل والده في فك أسرة مطلقاً.
(مريم) جدة ترعى أحفادها الثلاثة في غياب والديهم اللذين يعملان تحدثت بمرارة و هي تتسائل ما الذي حدث ؟ وما الذي جعل الناس تتغير وتتوحش طباعهم؟ زمان كان الجار في مقام اولاد الايم تستأمنه على مالك وعرضك وأطفالك، واليوم الناس الفي البيت بقينا نخاف منهم، شنو الحصل ياناس؟ الحاجة (مريم) تصر على ان التلوث والفساد الذي اصاب حياتنا سببه الموبايل والديجيتال والكمبيوتر والأفلام التي غزت حياتنا بلا رقيب وتختتم الناس كانوا نضاف و الحياة بسيطة والزمن سمح بس زمنكم الله يستر ويهديكم يا أولادي.
مخاوفنا … كيف نتعامل معها ؟ وكيف نشرحها لأطفالنا حرصاً على سلامتهم النفسية؟ الأستاذ طارق محمدين، من مركز دراسات معوقات الطفولة يقول: “الشيء الطبيعي هو ان نشعر بالخوف لكن غير الطبيعي هو ان نخاف من اشياء لا تستدعي الخوف ومن الخطأ تنمية احساس الخوف داخل الطفل لأن تنمية الفكرة سهلة جدا ولكن من الصعوبة بعد ذلك معالجتها وتصحيحها الا عبر معالج نفسي، وهذا مالا نريد الوصول اليه لذلك يجب علينا عدم تنمية الخوف داخل الطفل وبدلاً من ذلك علينا ان نعلمه التعامل الصحيح مع مصادر الخطر وتمليكه معلومات يستطيع حماية نفسه بها، بدلاً من ان نقول للطفل لا تفعل ذلك نشرح له بوضوح لماذا لا يفعل ذلك وفي حديثنا عن الاغتصاب لا نتطرق لكثير من الاشياء والتفصايل لأننا نخجل بينما الصحيح ان نوضح له لان للطفل عقلاً ويفهم الصح والخطأ بدلاً من تخويفنا له مما يصيبه بالاضطراب وعدم الثقة، وعدم التوافق الاجتماعي في المستقبل”، وفي نفس السياق يقول الاستاذ نصر الدين احمد ادريس (المنظمة النفسية السودانية) إن ظاهرة إغتصاب الاطفال واختطافهم غريبة لذلك جاءت ردود افعالنا تجاهها عنيفة لاننا مجتمع محافظ ولعل تلك المتغيرات لازمت الوضع العامو ما يعيشه المواطن من مشاكل ادى لبروز تلك الظاهرة بصورة سافرة ولعل الخوف الذي ينتاب الجميع مرده الي غياب المعلومات الكافية وتكرار الحوادث بشكل متقارب لذلك كان الحرص الزائد والخوف على الاطفال من قبل الاسر الا ان كل شيء اذا اد عم حده تكون آثاره سلبية والمشكلة ان الأطفال انفسهم شريحة تحتاج لتعامل خاص واحتياجات خاصة، وكثيراً ما نخفق في توصيل ما نريد للطفل بحيث يحافظ على نفسه فننقلها له مع مشاعر الخوف في جرعة واحدة، كما ان الاحترازات التي نفرضها عليه فجأة تثير في نفسه كثيراً من اللبس والصراعات لأننا ببساطة نطلب منه ان يفعل اشياء وينفذها وهو لا يفهمها ولا يراها منطقية.
ولمعاجلة تلك المشكلة ينادي نصر الدين برفع الوعي الجنسي لدي الأسرة ومناقشة المشاكل الجنسية بتجرد وشجاعة، وإجراء دراسات نفسية واجتماعية تشمل المعتدى عليهم والمعتدين انفسهم، كما يجب ان نفعل تلك المساهمة في جميع القطاعات و المؤسسات.

صحيفة حكايات