مقالات متنوعة

د. عارف عوض الركابي : تعليق على تصريح الرئيس بشأن إغلاق المراكز الإيرانية


نشر ببعض الصحف الصادرة يوم أمس الإثنين 22 ربيع الثاني 1437هـ تصريح الرئيس المشير عمر حسن البشير رئيس الدولة حفظه الله ووفقه، حيث قال: «أغلقنا المكاتب الإيرانية لأننا لا نعرف الشيعة وكلنا سنة ولدينا مشكلات وصراعات تكفينا…».
وهذا التصريح من سعادة الرئيس جزاه الله خيراً تضمن أربع جمل: الأولى بيان أسباب إغلاق المكاتب الإيرانية في البلاد، والثانية أن هذا المجتمع لا يعرف التشيع، والثالثة أن هذا المجتمع سني لا يعرف التشيع والرفض، والرابعة أن البلاد بها مشكلات وليست بحاجة إلى أن تزداد هذه المشكلات بدخول الشيعة في المجتمع، خاصة أن تأريخ الشيعة الرافضة في هذا الباب معلوم غير مجهول !! في القديم والحديث!!
أقول جزى الله خيراً الرئيس البشير على هذا البيان الشافي والتوضيح الكافي، في أمر مهم، يحتاج إلى الإعادة والتكرار بين كل فترة وحين لتأكيد أن هذه البلاد سنية وشعبها سني، وأن الرفض والتشيع نبت لم تقبله أرضها.
إن أهل السنة والجماعة في شتى بلاد العالم، ومنهم أهل السنة والجماعة ببلاد السودان على مر التأريخ ومنذ بزوغ شمس الإسلام، يتولون أهل بيت النبي الأطهار رضي الله عنهم ويتقربون إلى الله بحبهم، ويقبلون فيهم وصية النبي عليه الصلاة والسلام، فيجلونهم ويوقرونهم ويبجلونهم ويكرمونهم ويترضون عنهم وينشرون فضائلهم ومآثرهم ومكارمهم، بغير غلو ولا جفاء، وإنما على الشرع والتوجيهات النبوية الكريمة.. وكذلك يتولون الصحابة الكرام رضي الله عنهم ويتقربون إلى الله بحبهم ويقبلون وصية النبي الكريم عليه الصلاة والسلام بتوقيرهم وعدم سبهم وإجلالهم وإكرامهم.. ويعلم أهل السنة في السودان وفي غيره من بلاد العالم العلم اليقين أن الصحابة الكرام وأهل البيت كانوا على ود وحب وإجلال واحترام، وهذا ما تضمنته كتب التأريخ والمنقول الصحيح بالأسانيد المتصلة الثابتة، خلافاً لما وجد في بعض المصادر مثل كتاب «الكافي» الذي كان عمدة بل أحد الكتب الأربعة المعتمدة من عشرة قرون لدى الشيعة الرافضة، والآن أعلنوا أن أكثر من نصفه باطل ولا يصح!!
وإن أهل السودان عموماً وأهل السنة والجماعة في كافة جهات الأرض على إدراك أن الصحابة وأهل البيت كانوا على ود وحب وتوقير وتقدير، هكذا نشأ هذا الاعتقاد بالفطرة السليمة ثم بما وجدنا عليه الآباء والأجداد مما وافق الحق الذي مورده الكتاب الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فتجد في كل أسرة مهما بلغ شأنها من العلم كثر، أو قل تجد فيها التوقير للصحابة وأهل البيت، فيسمون أبناءهم بأسماء الصحابة وأهل البيت في وقت واحد، ففاطمة وعائشة وحفصة وأبو بكر وعمر وعلي والحسن والحسين ومعاوية وسفيان ومروان هي أسماء البيت الواحد في بيوت المسلمين. وبهما نصر الله الإسلام، وأعز الدين، كما هو معلوم، ومن باب تأكيد أنهما لُحمة واحدة فإني رأيت أن أسوق بإجمال يقتضيه مقام المقال بعض ما ورد في أبحاث متخصصة في الصلة بين أهل البيت والصحابة خاصة ما يتعلق بالتسمية والمصاهرات فيما بينهم، فإننا لما نجد أن أهل بيت النبي الكريم سموا أبناءهم بأسماء الصحابة وكذلك العكس، ونجد أنهم قد تصاهروا فيما بينهم، فهذا يؤكد ما هو راسخ معلوم ما بينهما من الود والولاء والحب والإكرام. لقد وجدنا كثيراً من سادة الصحابة أصهروا إلى أهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام وتزوجوا منهم، والعكس كذلك، لاسيما الشيخين منهم، كما هو متفقٌ عليه بين أهل التواريخ ونقلة الأخبار سُنة منهم أو شيعة. فإنَّ النبي عليه الصلاة والسلام تزوج عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنه. وتزوج حفصة بنت عمر رضي الله عنه. وزوج ابنتيه «رقية ثم أم كلثوم» لثالث الخلفاء الراشدين الجواد الحـيِي عثمان بن عفان رضي الله عنهما، ولذلك لقِّب بذي النورين. فالحمد لله على اجتماع كلمتنا في الموقف من التشيع، حكاماً ومحكومين، نحن الرعية مع الراعي لتتكاتف الجهود ليحفظ الله بنا ثوابت دينه، ولنترك الدين لأبنائنا وأجيالنا القادمة كما ورثناه من آبائنا.. نحب الصحابة والقرابة جميعاً نتولاهم، ونسير على دربهم .. وكنتُ قبل ذلك كتبتُ مقالاً عنوانه: «الرفض والتشيع نبتٌ لا تقبله أرضنا» والمنشور بالموقع الإلكتروني لهذه الصحيفة عبر الرابط : http://s.v22v.net/VMvG، ضربتُ فيه مثلاً بموقف أهل منطقة «سالي» من قرى شمال السودان من الرافضي المحامي الذي يقيم بين أظهرهم وما قاموا به تجاهه وما أصدره بعض أبنائهم من بيانات أكّدوا فيها أنهم كغيرهم من أهل سوداننا يحبون الصحابة والقرابة أهل البيت ويتولّونهم جميعاً، ويسيرون على ما أجمع عليه أهل السنة والجماعة في كل زمان ومكان ويقول: أبا بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي.. وبيّنتُ في المقال أن التشيّع والرفض نبتٌ لا يمكن أن تقبله أرضنا الطيبة المعافاة من هذا السرطان المُدمِّر عقديّاً وفكريّاً وبدنياً، وهذه المعافاة لمجتمعنا من هذا الداء العضال على مدى التأريخ عبر القرون الطويلة منذ ظهور الإسلام.. فأفراد مجتمعنا قد رضعوا مع لبن أمهاتهم حب أهل البيت الكرام والصحابة رضي الله عنهم جميعاً.. وهذا من مسؤوليتنا العظيمة أن نبقي الدّين صافياً لأجيالنا القادمة من كدر تكفير الصحابة وإدعاء تحريف القرآن.
وجاءت هذه القرارات الحكومية الكريمة الموفّقة المُسدّدة تؤكد جزمنا بأن التشيع والرفض نبتٌ لا تقبله كل أراضي بلادنا..
فنحمد الله على الوعي الكبير لدى أفراد مجتمعنا ومؤسساته ورجاله ونسائه وشبابه وفتياته على الصعيد الرسمي والشعبي بإدراكهم لخطورة المد الشيعي في البلاد، وسعيهم لأن لا يكون للرفض والتشيع نبتٌ بأرضنا الطيبة أرض السودان التي لم تعرف يوماً في تأريخها الفصل بين الصحابة والقرابة.
إن الثقة متوفرة وكبيرة في مجتمعنا الكريم الذي رُبِّيَ على حب الصحابة والقرابة جميعاً، وعلى قبول تزكية القرآن لهم، والتسليم لما أخبرت به عنهم سنة ولد عدنان عليه أفضل الصلاة والسلام.. فالثقة كبيرة ولله الحمد .. والواقع خير وأكبر دليل مشاهد في رفض المجتمع للعقائد الرافضية التي روّج لها ابن سبأ والتي تتخذ من الحرب على الصحابة الكرام وأمهاتنا زوجات النبي وتجعل ذلك لديها أهم المهمات وأولى الأولويات، لأنه بإسقاط الناقل يسقط المنقول!! والمنقول هو الكتاب والسنة.. كما أخبر بذلك إمام دار الهجرة وإمام مذهب بلادنا مالك بن أنس إمام دار الهجرة رحمه الله.. حيث قال: «إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه حتى يقال رجل سوء ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحين».