يوسف عبد المنان

السودان والشفافية


ما أن يصدر تقرير منظمة الشفافية السنوي وتحتل بلادنا موقعها المتأخر جداً في قائمة الدول الأكثر فساداً إلا وتعلو الأصوات هنا منددة بالمنظمة وجورها وتحيزها.. وكثيراً ما تتصدى الأقلام الوطنية (غيرة) على الوطن وسمعته وتنافح عن السودان الذي تضعه منظمة الشفافية في (مكاناً ما مكانو)، وقد تصدى الأستاذ “الهندي عز الدين” في زاويته الشهيرة (شهادتي لله) يوم أمس الأول (الأحد) للدفاع عن السودان ورفض أن تظل بلاده في المرتبة قبل الأخيرة بدولتين فقط، هما كوريا الشمالية والصومال باعتبارهما الأكثر فساداً منا.. بيد أن للحقيقة وجهاً آخر.. بكل أسف تساهم الحكومة بمحض اختيارها في موقعها الذي في نظرنا لا يليق بنا.. لكن بأفعال موظفي الحكومة من الوزراء المستهترين الذين يرتكبون جنايات بحق هذا البلد وهم في موضع المسؤولية ليس بفسادهم وسوء تدبيرهم، ولكن منظمة الشفافية العالمية كما حدثني مدير الشرق الأوسط وأفريقيا المقيم بدولة سويسرا وهو لبناني الجنسية من (الدروز) العام الماضي وقد وجهت إليه سؤالاً عن المعايير التي تجعل السودان في مرتبة متأخرة جداً في تصنيف المنظمة الذي يبدأ (بالمقلوب)، حيث يتم وضع الدولة الأكثر فساداً في العالم في رأس القائمة والأقل في ذيلها خلافاً لكل التراتبية المتبعة في التصنيف.. قال المسؤول الكبير في المنظمة إن السودان يتحمل جزءاً كبيراً من أسباب تدهور وضعه ومقامه عند تقارير المنظمة التي تبعث سنوياً (بفورمات) إلى الدول تتضمن ما بين (200 – 190) سؤالاً في الشأن المالي والاقتصادي مثل عدد الموظفين في الدولة ورواتب العاملين من المدنيين والقوات النظامية.. وأسئلة فنية عن موازنة الدولة والبرلمان، والصرف على التعليم والصحة واستغلال عائدات الوارد من الصادرات.. وتوجه أسئلة عديدة إلى البنك المركزي، لكن بكل أسف السودان يتجاهل (فورمات) منظمة الشفافية العالمية ويرفض منح تأشيرات دخول لبعض مندوبي المنظمة، الشيء الذي يفقده كثيراً من النقاط. ويتساءل الموظف الكبير في المنظمة العالمية بدهشة شديدة عن دوافع الحكومة السودانية في تجاهل الرد على الأسئلة، الشيء الذي تعدّه المنظمة عدم رغبة في التعامل معها.. وهناك عديد من الدول أيضاً موقفها يشابه السودان، مثل كوريا والعراق في عهد “صدام حسين”.. أما الصومال فهي أرض بلا حكومة مسؤولة.. ونحن مع تسليمنا التام بأن المنظمات الطوعية العالمية تتحيز ضد السودان ولها معايير مزدوجة في التعامل مع بلادنا نقدم إليها مساعدات كبيرة برفضنا التعاون معها.. ولن يضير السودان شيء إن هو رد على أسئلة المنظمة ويمكنه تجاهل بعض الأسئلة التي يشعر مسؤولو المالية أنها أسئلة ذات طبيعة استخبارية مع أن العالم اليوم قد تجاوز تماماً مسألة الأسرار، ونحن لا نزال نكتب عبارات تثير السخرية والضحك (ممنوع الاقتراب والتصوير)، حيث أصبح التصوير لا يحتاج لاقتراب بل يتم عبر الأقمار الاصطناعية، وحتى تحركات الجيوش وعددها وأنواع أسلحتها بات معلوماً.. وقبل سنوات اشترى السودان طائرات مقاتلة من إحدى الدول الشرقية.. وقبل وصول الوفد الحكومي الذي تعاقد مع الدولة الشرقية نشرت تلك الدولة في موقعها على الانترنت خبراً عن الصفقة التي وقعتها مع السودان.
بعض المسؤولين في السودان يرتكبون جنايات بحق بلادهم في تعاملهم مع الآخرين (بعجرفة) وادعاء أجوف وتعالٍ وغرور، كأنهم دولة عظمى.. وقد شكا كثير من السودانيين الوطنيين العاملين في المنظمات الدولية من تعامل بني جلدتهم معهم، حيث ينظرون إليهم كـ(خونة) و(عملاء)، وهي نظرة جائرة وظالمة بحق كثير من أبناء هذا الوطن المخلصين له.. ولكن بعض المسؤولين خاصة (المتصلين) بالشأن الخارجي يتعاملون مع الآخر بغرور وصلف يصل أحياناً حد (الجلافة)، لذلك يتم وضع السودان في كثير من الأحيان في غير مقامه بما صنعت أيدي أبنائه.


تعليق واحد

  1. طيب ما يردوا على الاسئلة التى تطرح لهم فى الاستمارات بكل وضوح وشفافية عشان يريحونا من الكلام الكتير دا كلوا مرة عدم شفافية وفى قائمة الفساد المالى ليه