حوارات ولقاءات

الفنانة ياسمين إبراهيم تحكي: غلبني حفظ أسماء المطربين الشباب من كثرة عددهم


الفنانة د.ياسمين إبراهيم عضو مجموعة (ساورا) الغنائية السابقة التقت بـها (حكايات) في زيارتها الأخيرة الي البلاد واجرت معها حواراً تناول مسيرتها الفنية بجانب العديد من القضايا الفنية التي أجابت عليها بكل رحابة صدر.
ولدت ف أسرة بشتى ألوان الإبداع فلماذا اخترتِ تحديداً الفن ؟
لم أتجه ناحية التشكيل لأني درست الطب البيطري بجامعة أسيوط بمصر وكنت أتخيل مقدرتي على تقليد والدي في حياته عقب تخرجه من الهندسة بعدها درس الفنون الجميلة لكني وجدت الغناء معي منذ المدرسة ولم نفترق وفي الجامعة كان زملائي من السودانيين عازفين موسيقين وهم من شجعني على ممارسته.
حديثينا عن كيفية انضمامك لمجموعة (ساورا) الغنائية ؟
زميلي في الجامعة واسمه عبد الرحيم نصحني بألا اترك الغناء بعد عودتي الي السودان ووجهني بالانضمام لمجموعة ساورا الغنائية، وبصراحة لم آخذ حديثه بصورة جدية لأن المجموعة وقتها كانت اسما كبيراً ف الساحة الفنية وبهرت الجميع بأعمالها.
وبالصدفة عرفت ان الفرقة محتاجة لصوت (سبرانو) فقلت أجرب حظي بعد معرفتي ان اغلبهم طلاب لا يزالون يدرسون بكلية الموسيقى وبالفعل ذهبت واجريت معانية بواسطة عازف الساكس معتصم محمد احمد وهشام كمال المغني فسمعوا صوتي وكررت التجربة امام جميع الاعضاء ثم نقلوا لي موافقتهم بقبولي بشرط البقاء تحت التجربة والتقييم لمدة ثلاثة اشهر.
وكيف تلقت الأسرة الخبر ؟
كانوا مبسوطين جداً وما كانوا يفوتوا عروض المجموعة خاصة الوالد عليه الرحمة.
أول حفل لك كمغنية مع الفرقة ؟
في مكتبة البشير الريح بأم درمان هذا كان أول عرض ووقفة أمام جمهور ضخم وكنت اغني وانظر للسماء وظل زملائي يسألوني وهم يضحكون انتي بتعايني فوق في السماء في شنو ؟ بصراحة لم أتهيب الجمهور –وقتها- بقدر تقبل فكرة وقوفي وسط (ساورا) الفرقة الكبيرة وأنني اصبحت واحدة منهم والعرض الثاني كن من تنظيمنا بقاعة الشارقة ثم توالت العروض.
الزمن لو عاد بك للوراء هل ستختارين ساورا أم الغناء المنفرد ؟
من دون تردد سأكرر ما فعلته أنا لازلت افتقد (ساورا) حتى بعد مشروعي الفني هذا ولا أزال حتى اليوم أدندن باغنياتها وخطوط الهارموني وكانوا بمثابة بيتي الثاني نجري بروفات ثلاثة ايام في الاسبوع ووجدنا معاناة شديدة واستمريت بالفرقة منذ العام 1996 وحتي 2005 وشاركت في الإلبومان (تُوما 1 و يوماً ما).
ألم تواجهك صعوبة في التحول من الغناء الجماعي الي الفردي ؟
لا لا لم اواجه صعوبة لأن الغناء الجماعي بالفرقة ليس بصورة مستمرة وتتطلب بعض الاغنيات من العضو المغني تقديم العمل منفرداً ويجد التشجيع وزرع الثقة من بقية المجموعة فمثلاً الفنانة مهدية ابراهيم غنت مع ساورا لوحدها اغنية (ان كنت نبيلاً) للشاعر ناصر القوني، والصعوبة الوحيدة التي تواجه المغني تكون عملية اختيار النصوص والملحنين.
يُلاحظ إن الغناء الجماعي لازمك في مسيرتك، فهل يُعد نوعاً من (عُقدة) الوفاء للوالد الراحل ؟
فرقة (أسراب الطيور) كونها الوالد يرحمه الله منا نحن الاخوات واغنية (حسن وبتول) التي تشاركنا بها في مهرجان الاطفال اوائل التسعينات كانت من كلماته وخططنا لتقديم هذا الغناء خارج السودان وبعد ذلك لا ادري هل فعلاً تأثرت بهذا الغناء الجماعي؟ لأنني حين ذهب الي استراليا انضممت لفرقة النيل الازرق التي كونها عاصم الطيب والشقيقان وليد وهاشم الشوية بحكم انحدارهم من منطقة النيل الازرق ولم تستمر لمدة عام ثم توجهت لتكوين فرقتي الخاصة ياسمين ميوزيك باند وحولتها مؤخراً الي (فانوس باند) بسبب محبتي للفانوس ودلالاته واستمريت حتى اليوم.
ما الذي منحته لك (ساورا) ؟
الحميمية والإحساس باننا أسرة ثانية لم تربطنا علاقة عمل بل علاقة اجتماعية ومشاركة في الهموم واللحظات الحلوة والمرة وتقاسم المعاناة والتزام بالفكرة وكل هذه الاشياء وحدتنا معا واهم شي منحتني الشهرة فحتى اليوم ينادونني بـ(بت ساورا).
ماذا عن الأجهزة الإعلامية ؟
الاعلام مهم وبصراحة يمنح مساحات لبعض المغنين لا يستحقونها فمثلا فرقة ساورا ستحتفل باليوبيل الفضي وقدمت غناء جاداً واصيلا ولا اذكر متى كانت اخر مرة قدم فيها التلفزيون هذه الفرقة للمشاهدين؟ولماذا لا يتم استضافتهم عبر الصحف والاذاعات والفضائيات؟ ليتعرف الناس على انهم موجودون لا اعرف الي اين سيؤدي بنا الاجترار وتكرار القديم فمن المؤكد انهم سيقدونا الي قاع لا قرار له.
هذا يقودنا لمعرفة اسباب اختفاء (ساورا) ؟
(ساورا) لاتزال صامدة ولم تتوقف ولا اعلم سبب اختفاءها لأنني غير موجودة ومن الافضل توجيه السؤال للمجموعة باعتبار انهم اصحاب الوجعة الحقيقية (الجمرة بتحرق واطيها) لكن حسب علمي البسيط الكورال مكتمل لكن هناك نقص عازفين.
أغلب أسباب اعتزال الفنانات في البلاد تعود للزواج فهل من الضروري الارتباط بشريك من الوسط الفني ؟
لا اعتقد ذلك الاسرة والزواج لا تمنع واتمنى من كل فنانة ابتعدت ترجع لمواصلة الغناء والزوج يجب ان يكون متفهماً فمثلا زوجي كان ادارياً ثم مديراً لفرقو ساورا يعني يعتبر من الوسط الفني واعتبره عقلي الثاني وذات الاشياء والمهام التي كان يقوم بها في ساورا يتابعها معي الآن.
يلاحظ انك تغنيتي بنصوص لأصحاب تيارات شعرية مختلفة عن السائد والمطروح في السودان ؟
لا أنتقي الشعر من اجل الشاعر تحديداً النص من يفرض نفسه علي والصدفة هي التي جمعتني بهذه القامات الشعرية المغايرة وكل واحد منهم صاحب مدرسة متفردة في الابداع.
أعلنت مؤخراً عن تعاون مع الموسيقار عمر الشاعر الوفي للمدرسة التقليدية للغناء الا تتفقين معي ان هذه نقطة متناقضة ؟
ليس في مشروعي ملحن تقليدي وحديث التعاون مع الموسيقار عمر كان يفترض ان يتم قبل اعوام طويلة وتأخر لبعض الظروف واغلب من تعاونت معهم من الملحنين الحاليين ليسوو اكادميين او خريجي كليات موسيقية المهم جمال اللحن والنص وضرورة ان ينسجم الاثنان معاً.
ألا تخافين من أن يضعك الناس في مقارنة مع أغنيات الفنان الراحل زيدان إبراهيم التي لحنها له من قبل عمر الشاعر ؟
طبعاً مقارنة كهذه لم ولن تحدث اين انا من القامة العندليب الراحل التي لن تتكرر ويخونني التعبير عن الحديث عنه كان يمتلك صوتاً ومقدرات واحساساً ومثقفاً في شخصه وفنان من داخله وخارجه باختصار هو أبداع ومدرسة فنية قائمة بذاتها.
إتجهتِ للكتابة والتلحين لنفسك، أين التخصصية ؟
تقييم العمل والحكم عليه يفترض ان يكون من ناحية (النص واللحن) وليس على شاكلة من الذي كتبه او لحنه؟ وبالنسبة لتجربتي شجعني كثيرون على خوضها ولم اقدمها الا بعد الممارسة والخبرة في هذا المجال باعتبارها تأتي بالتدريب والصقل زائد الموهبة.
ما الذي تحتاجه الأغنية السودانية للخروج والانتشار ؟
تحتاج لدعم الدولة والمؤسسات الثقافية ورعاية لقدرات المبدعين مع توفر المنابر والانتاج الجديد وقيام الدولة بدورها في مساعدة الفنانين في مشاركاتهم الخارجية والتي تتم بالجهد الفردي.
ما أوجه الشبه والاختلاف بين الراحلين مصطفى سيد احمد ومحمود عبد العزيز ؟
المشروعان مختلفان مصطفى سيد أحمد الله يرحمه تركيزه كان على النصوص والرسائل التي تقدمها والخطاب الفني والشعري واغلب أعماله بآلة العود ولحن نصوصاً عصيه على التلحين التقط فيها قيماً جمالية أما الراحل محمود ان همه تقديم غناء جميل ولا يركز على النص بل يولي عنايته واهتمامه للحن والاثنان خلقا قاعدة شعبية ولونية ومشاريع مميزة، و(الحوت) تميز بقدرات هائلة في الصوت والتطريب.
قراءتك للمشهد الفني ؟
في البدء أترحم على روح جميع المبدعين الذين رحلوا باجسادهم عنا مؤخراً وتركوا جرحاً غائراً في نفوس السودانيين و يبقى العزاء في خلود ما تركوه من اعمال واهم شيء الا تتوقف حركة الابداع والانتاج ولاحظت وجود مشاريع جميلة تتميز بالثراء والرسوخ ومغلفة بطعم الاجتهاد في تقديمها من اصحابها.
ما الفائدة التي خرجت بها من مشاركتك في المهرجانات العالمية ؟
كنت سعيدة وفخورة لفرصة وجودي وسط فرق كبيرة وهذا الاختيار يدل على اننا كسودانيين نقدم موسيقى متميزة وفناً متفرداً وحتى اليوم سافرت وشاركت في ثلاث مدن خارج استراليا، وغنيت ايضاً في قطر والامارات وسلطنة عمان.

عمار عبد الله
صحيفة حكايات

صحيفة حكايات