تحقيقات وتقارير

يُشاع أن شيخ الأمين ينتوي نقل زاويته إلى هناك خلافة الشيخ جاد الله أب شرا… تسونامي الصراع يعصف بأسرة الفتّاياب


دكتور النجاشي زكريا: لا نعترف بشيخ الجيلي وهو مجرد واعظ

مواطنون: “شيخ الجيلي لحمتو ضان وعصيرو برتكان”

شقيق الشيخ الجيلي: شيخ الأمين جاء في زيارة شخصية ولم يأت من أجل التنصيب

من يصدق أن تلك البقعة الهادئة في الكلاكلة القبة المسماة بـ(توير)، أصبحت تضج بالخلافات والصراعات، التي وصلت إلى الشرطة والمحاكم، وأصبحت حديثاً تلوكه الألسن في فضاء الكلاكلة، وفي خارجها، كل صباح وكل ما حل عليها المساء.. أبناء العمومة وأبناء الخالات، المنحدرون من أسرة الرجل الصالح (فتّاي العلوم)، اختلفوا فيما بينهم واشتد الصراع بداية بسبب إمامة الجامع العتيق مسجد الشيخ النذير خالد بالقبة، ولم يعد حل الخلاف على المستوى الأسري ممكناً أو حتى على مستوى المنطقة، وباءت جهود كل الأجاويد بالفشل الذريع ولم يتم الوصول إلى رأب للصدع.

الشيخ الجيلي.. مفجر الصراع
الخلافات بدأت بتنصيب (الجيلي الأمين نور الدائم) ـ قبل شهرين – (خليفة) للشيخ جاد الله أب شرا حفيد (فتاي العلوم)، هذا التنصيب أثار حفيظة العديد من أبناء الأسرة الممتدة في كل ولاية الخرطوم بل والسودان، ودخل الناس في سجال وخصومة وصراع.. وصل إلى القانون، بعد أن فشلت كل جهود الأجاويد في احتواء الأزمة.. وتمت محاكمة ستة من أفراد أسرة (الفتاياب) بتهمة الإزعاج العام، إثر دخولهم إلى خيمة تنصيب الجيلي نور الدائم، حيث حاول أحدهم أخذ المايكرفون لكنه لم يستطع إلى ذلك سبيلا، فقام بمخاطبة الحضور، وشن هجوماً عنيفاً على الشيخ الجيلي، واتهمه بالتغول على الأسرة الكبيرة.

بيت ديني
أسرة الفتاياب – كما هو معروف عنها – عبارة عن بيت ديني كبير ومتنوع كما يقول أحد سكان المنطقة لـ(الصيحة)، مشيراً إلى أن الأسرة بها من ينتمي للعركيين وللطريقة السمانية وفيهم من هو تابع للشيخ ود بدر، وهناك أنصار السنة والسلفية الذين لا علاقة لهم بالتصوف أصلاً، وبالتالي ليس للفتاياب طريقة معينة حتى يكون الشيخ الجيلي خليفة لها، فكيف يأتي من يدعي أنه خليفة لطريقة الشيخ جاد الله أب شرا، دون مبررات ودون أسانيد، مشيراً إلى أن هناك من هو أحق منه بالخلافة، وفي هذا يقول الصحفي محمد الأمين نور الدائم شقيق الشيخ الجيلي لـ(الصيحة) إن (محمد القلع) وهو من أسرة الفتاياب بالجريف كان مرشحاً للخلافة وجلس إليه الناس ولكنه رفض الأمر قلباً وقالباً.

أصل الحكاية
حسناً.. سنعود للوراء قليلاً، لنعلم من هو الشيخ (جاد الله اب شرا) الذي قال شيخ الجيلي إنه خليفته، وعلى إثر إعلانه هذا انشقت عصا أسرة (الفتاياب)، الشيخ جاد الله هو خليفة الشيخ علي بن محمد بن كنه الشهير بفتاي العلوم، جاء إلى الكلاكلة قبل 500 عام قادماً من الأزهر كما ذكر ذلك الدكتور سعد الدين محمد أحمد في كتابه (حصاد القرون)، حيث ذكر أن فتاي العلوم جاء إلى منطقة المقرن، ثم استقر به المقام مع حمد الله بن محمد العوضي الذي جاء من جوير عوضية من شندي وتصاهر الاثنان واستقروا في تلك الأرض التي أطلق عليها الكلاكلة، ومنذ ذلك الحين لم يكن للشيخ جاد الله خليفة كما قال المعترضون لتنصيب (الجيلي) مشيرين إلى أن مشكلة الجيلي الأساسية هي (جامع الشيخ جاد الله اب شرا العتيق)، لأن الجيلي اعترض على كل من جاء لـ(إمامة) الجامع بعد وفاة الإمام (الأمين موسى) قبل ثلاث سنوات – لم يكن من أسرة الفتاياب.

من جهته يقول محمد الأمين نور الدائم شقيق الشيخ الجيلي إن أخاه- فعلاً – لديه رأي في الأمام وقتها، لأنه يعتقد بأنه غير مؤهل مشيراً إلى أن الخلافات في الجامع بدأت منذ حياة الشيخ الأمين موسى نفسه الذي لم يعترض أحد على إمامته منذ 25 عاماً لأنه رجل مؤهل، ويوضح محمد الأمين نور الدائم بالقول إن الجامع هو مسيد الشيخ جاد الله اب شرا، وعند مرض (الأمين موسى) كان الجامع سيتحول إلى رعاية أسرته بالرغم من أن الجامع هو مسيد الشيخ جاد الله أب شرا .. وبعد وفاته- والحديث لمحمد الأمين – اعترض الشيخ الجيلي على الإمام الذي جيء به، وهو الشيخ محمد يوسف العركي لأنه يتبع لجماعة أنصار السنة، وهذا جامع صوفية.. وبالتالي لا يمكن أن يكون إماماً في جامع صوفية.. وفي هذا يقول أحد المعارضين للشيخ الجيلي إنهم ذهبوا إلى الشيخ محمد يوسف وطلبوا منه أن يبتعد حفاظاً على الوفاق بين الناس وتفادياً للمشاكل فوافق الشيخ محمد على ذلك، ثم جيء بالشيخ حامد الطيب إلا أن شيخ الجيلي رفضه أيضاً. وفي هذا يقول محمد الأمين نور الدائم إن رفض حامد الطيب جاء لأن علاقاته بالدين ضعيفة، وهو غير مؤهل لأن يكون إماماً للجامع.

الشيخ المحاسب
الدكتور النجاشي زكريا أحد أبناء مشايخ أسرة الفتاياب وهو (الشيخ زكريا) يؤكد أنه لا يعلم الكثير عن تفقه الإمام حامد الطيب، لكنه في كل الأحوال أفضل من شيخ الجيلي، لأن الرجل ليس بحافظ لكتاب الله، وليس داعية بل هو واعظ فقط، وهو خريج جامعة النيلين محاسبة، وكان يعمل محاسباً بالهيئة القومية للكهرباء، ثم ترك الوظيفة واتجه للمقاولات. وفي هذا يكون شيخ حامد أفضل منه.

تصاعد المشاكل
بدأت الأوضاع تنفجر شيئاً فشيئاً.. ووصلت الخلافات إلى منبر خطبة الجمعة، الأمر الذي أجبر المعتمد شخصياً – وقتها – مجاهد العباسي للتدخل، وأوقف جميع الأئمة، وانتدب المعتمد إماماً من هيئة الدعوة بعد أن تم تشكيل لجنة من مشايخ الأسرة، وكتب خلالها الشيخ الجيلي تعهداً بأن لا يتعرض لإمام الجامع، ثم انصرف الناس، ولكن هل انتهت المشكلة عند هذا الحد؟

زاوية ضرار
المشكلة لم تنته كما ظن المعتمد مجاهد العباسي حينها، فالشيخ الجيلي في ليلة وضحاها قرر أن ينصب نفسه (خليفة) للشيخ جاد الله أب شرا.. والهدف من هذا التنصيب كما يقول معارضوه، هو الاستيلاء على الجامع وفرض قراراته به بعد أن يكون إماماً للجامع.. في تلك الأثناء – يقول محدثي – جاء إلى المنطقة كل من ياسر جاد الله من العيلفون وعبد القادر فتاي من منطقة أم رباح، وهم من أسرة الفتاياب، وجلسوا إلى أسرتهم (قائلين بأنهم يزكون الشيخ الجيلي خليفة لكل (الفتاياب)، هنا ثارت ثائرة الشباب في المنطقة، ورفضوا الأمر تماماً بحجة أن الشيخ جاد الله أب شرا ليس له خليفة، وأن الزاوية التي يريد أن يقيمها الشيخ الجيلي هي (زاوية ضرار)، من جهته أنكر محمد الأمين نور الدائم هذا الحديث مؤكداً أن هناك خليفة للشيخ جاد الله اب شرا هو الشيخ عبد المحمود الذي توفي في العام 1990.. فمن هو الشيخ عبد المحمود وما هي حكايته وهل كان فعلاً خليفة للشيخ جاد الله أب شرا؟

خليفتان لطريقة واحدة
يقول د. النجاشي زكريا أحد أحفاد الشيخ جاد الله أب شرا وأحد المعارضين لخلافته إن مقترحاً قدم في العام 1963 من أسرة (الفتاياب) لأن يكون الشيخ عبد المحمود خليفة لأب شرا لأن لديه علاقات خاصة مع الشيخ المكاشفي بحيث يكون منزله (بيتاً للضيفان)، ولكن الشيخ عبد المحمود لم يعلن أنه خليفة إلا في العام 1972 عندما تم إنشاء وافتتاح قبة الشيخ جاد الله أب شرا..

يقول الدكتور النجاشي إن الشيخ الطاهر الشيخ النذير خالد جاد الله اب شرا أعلن بأنه خليفة الشيخ النذير خالد.. فصار هناك خليفتان، خلافة للشيخ النذير خالد وخلافة للشيخ جاد الله أب شرا.. وهنا تنازع الناس واختلفوا وعندما استفحل الخلاف وصل الأمر إلى القضاء، وكان هناك قاض يدعى (الهاشمي) قام باستدعاء كل من الشيخ عبد المحمود والشيخ الطاهر وحكم حينها بأن كل من يدعي خلافة الشيخ النذير خالد أو الشيخ جاد الله أب شرا فإنه سيتعرض لسجن لمدة ستة أشهر.. وخرج الشيخان من القاضي.. حيث غادر عبد المحمود إلى منطقة (فتاشة)، وتزوج بها، وطاب له المقام فاستقر هناك ولم يكن يأتي إلى الكلاكلة إلا في المناسبات. وكذلك فعل الطاهر حيث غادر إلى أم درمان وتزوج بها وأصبح لا يأتي الى الكلاكلة إلا كل خميس لإحياء ليلة والده بقراءة (المولد البرزنجي)، حيث انتهى الأمر على ذلك، ولم يزعم أحد أنه الخليفة حتى جاء الجيلي ليدعي أنه خليفة الشيخ جاد الله أب شرا.

تنصيب الشيخ الجيلي
عند التنصيب قام الشيخ الجيلي بدعوة كل من الخليفة الطيب الجد رئيس المجلس الأعلى للتصوف، ولكنه لم يأت إلى التنصيب، وقال معارضو الجيلي إن الخليفة الجد رد عليهم بأن الشيخ جاد الله أب شرا ليس له خليفة.

كما قام الجيلي بدعوة كل من الشيخ الياقوت والشيخ عبد الرحيم الركيني، إلا أن أحداً منهم لم يحضر، ولكن محمد الأمين نور الدائم قال إن الطيب الجد كان مريضاً وقتها وأرسل مندوبين كما فعل كل من عبدالرحيم الركيني والشيخ الياقوت.

لحمتو (ضان) وعصيرو (برتكان)
الأمر الذي يرفضه حتى الذين لا علاقة لهم بالفتاياب هو زيارة شيخ الأمين الشيخ المثير للجدل للمنطقة.. لأنهم يظنون أن شيخ الأمين غير جدير بأن يكون في حرم الفقيه العابد الشيخ جاد الله أب شرا ولا يجوز للشيخ الجيلي أو غيره استقباله على أساس أنه خليفة الشيخ أب شرا. مشيرين إلى أن شيخ الجيلي استقبل شيخ الأمين بعد إغلاق السلطات لزاويته في أبروف. مؤكدين أن الشيخ الأمين يريد أن يستأنف نشاطه من الكلاكلة.. وقال أحد المعارضين للشيخ الجيلي: إذا كان شيخ الأمين محايتو بيبسي وحيرانو جكسي، فإن شيخ الجيلي عصيرو برتكان ولحمتو ضان، في إشارة إلى الوضع المالي وإلى راحة (الحيران) الذين يلتفون حوله.

من جهته استنكر محمد الأمين هذا الوصف، وقال لا يجوز أن نقول مثل هذا الحديث والشيخ الأمين عندما جاء إلى الكلاكلة لم يأت بهدف التواصل الصوفي مع الشيخ الجيلي، أو حتى للمشاركة في تنصيبه، وقال إن هناك علاقة شخصية وقوية تربطه بالشيخ الأمين الذي أتى فقط لزيارته.

رجالات الكلاكلة يرفضون
بدر الدين طه والفاتح الشريف هما أعيان بمنطقة الكلالكة ويرفضون التصرف الذي قام به الشيخ الجيلي ويؤكد أحد سكان المنطقة للصيحة أنهم غير موافقين على السلوك الذي قام به الجيلي. بيد أن محمد الأمين نور الدائم يقول إن الفاتح وبدر الدين طه ليسا من أسرة الفتاياب.

نقلنا هذا الحديث لمعارضي الشيخ الجيلي فقالوا إن الدكتور سعد الدين مؤلف كتاب حصاد القرون هو من الرافضين لتصرف الشيخ الجيلي، وهو من أسرة الفتاياب، والأعذار التي ذكرها محمد الأمين نور الدائم غير صحيحة والشيخ إبراهيم الزين معترض وكذلك الشيخ عبد الباقي.. وبالمختصر المفيد الشيخ الجيلي ليس له أعيان في الكلاكلة حتى يسندوه وجميع الشباب يرفضون تنصيبه لنفسه خليفة.

تدخل السلطات
بات أهل الكلاكلات يترقبون – بحذر – قدوم كل جمعة لخشيتهم من الخلافات والمشاحنات التى تصل الى حد الاشتباك بالأيدي عند كل صلاة، ويبدو أن القضية الأن سوف تأخذ منحىً خطيراً إن لم تتدخل السلطات فوراً، وعلى رأسها متعمد محلية جبل أولياء، الذي التزم كما قال الناس للصيحة بحل الأمر يوم غدٍ الجمعة، بعد أدائه صلاة الجمعة في جامع الشيخ النذير خالد العتيق، ويطمح أهل الكلاكلة – شيوخاً وشباباً – لحل سريع لهذه المشكلة حتى لا تؤثر على النسيج الاجتماعي الذي حافظت عليه أسرة الفتاياب الدينية منذ 500 عام.. وبالرغم من جهود الأجاويد، إلا أن كل طرف ظل متمسكاً برأيه.. ويقول النجاشي زكريا إن الحل الآن بعد أن نقل الشيخ الجيلي الخلاف من إمامة الجامع إلى ادعاء خلافة الشيخ جاد الله اب شرا، هو لدى المجمع الديني للفتاياب وهو كيان يخص الأسرة الممتدة في كل ربوع السودان وأن المجلس سينعقد ليحدد من هو خليفة الشيخ جاد الله أب شرا.

شكوى للمجلس الأعلى للتصوف
وكان ممثلو مناطق الفتاياب والشيخ جاد الله اب شرا قد دفعوا بخطاب الى رئيس المجلس الأعلى للتصوف في السودان الشيخ الطيب الجد، جاء فيه (لقد ظللنا نتابع الفتنة النائمة التي بدأها الجيلي نور الدائم محمد بابكر يدعمه قلة من الفتاياب لا يمثلون ولا هم مفوضون من مناطق الفتاياب المنتشرة في كل ربوع السودان بادعائهم أن هذا الشخص هو خليفة لعموم الفتاياب وللشيخ جاد الله أب شرا وقرروا ذلك دون مشورة بقية الأسرة، ولقد أرسلنا لهؤلاء الذين يتزعمون الأمر عدة خطابات مباشرة وتحدثنا الى الصحافة بأن أمرهم هذا لا شورى فيه ولا أعراف البيوت الصوفية طبقت عليه ولكنهم لا يزالون يتحدثون باسم عموم الفتاياب مصرين على تجاوز أصحاب الحق من غالبية ذرية العارف بالله العلامة الشيخ جاد الله أب شرا والذي لم تعرف له خلافة منذ توفيه وانتقاله للمولى منذ مئات السنين، ونعلم فضيلتكم أن هذا الفعل قد أوقد فتنة كبرى بين المؤيدين والمعارضين وبدأت الارحام تتقاطع والخلافات تتسع مما يخشى معه أن ينفلت الأمر ويحدث ما لا يحمد عقباه إن لم يتم تدارك الأمر ونحن إذ نرفع إلى المجلس الأعلى للتصوف هذا الأمر للتدخل وإثناء المجموعة عن الانفراد برأيها والاحتكام لرأي الجماعة حيث أن هذا البيت يعتبر من البيوت الصوفية العريقة في السودان.

الخرطوم: عطاف عبد الوهاب
صحيفة الصيحة


‫4 تعليقات

  1. دي استهتار بعقول البسطاء من الشعب فالطرق الصوفيه اليوم يغلب عليها الدجل وعدم المصداقية لذلك يجب ان يكون في تنوير للبسطاء الذين يتبعون هذه الطرق بخطورتها علي العقيده وعدم الانسياق وراء معتقداتهم الهدامه للمجتمع

  2. الشيوخ التمام ماتو زمان وخلو العربجيه ديل عايزين يسرقو الناس المساكين….مطلوب من الشرطه كومر كبير بحجم هولاء الرباطيه والسجن طوالي …ما ناقصين دجل.

  3. السلام عليكم
    ارسلت لكم المقال بالأمس عبر تطبيق اتصل بنا ..
    أرجو مراجعة المقال وافادتنا ..
    مودتي