أم وضاح

فتح عينك تأكل ملبن!


{ واحدة من إفرازات وتداعيات الممارسة السياسية المضطربة في السودان خاصة في السنوات الأخيرة، هو ظهور ظاهرة تمدد نفوذ أهل المسؤولين وأقاربائهم وأصهارههم بشكل يدعو للدهشة، وفي هذا أظننا ننفرد بالحق الحصري دوناً عن كثير من البلاد التي انعتقت من هذا الفساد المبطن والمقنن، وليس مهماً ولا ضرورياً ولا معروفاً عند هؤلاء من هو قريب أو شقيق الرئيس الفلاني أو الوزير العلاني أو السفير الفرتكاني إلا عندنا حيث يحظى أقرباء معظم النافذين (ببرستيج كده) انتزعوه لأنفسهم انتزاعاً وهو ليس حقاً مكتسباً لهم لا بالدستور وبلا بالقانون ولا بالعرف، لكن بعضهم للأسف يكتسب لنفسه سلطات يستمدها من سلطات شقيقه أو ابن عمه أو ود خاله ويجعل هذه القرابة الشفرة السرية التي تفتح الأبواب المغلقة أو لعلها كلمة السر التي تفتح مغارة “علي بابا”، وأظنني لست في حاجة أن أذكر أسماء بعينها لشخوص جاءوا من بوابة المجهول واحتلوا مساحات وظيفية أو مميزات استثنائية وضعتهم في الواجهة وواجهة الواجهة كمان دون مسببات ودون معطيات، ولعل من المفارقة المضحكة أن نفوذ هؤلاء وسطوتهم لا تنتهي حتى بانتهاء وانقضاء تكليف أقربائهم عن المنصب وجلوسهم في دائرة الظل واقتناعهم بأنهم ابتعدوا عن المشهد تماماً، لكن من يقنع أولئك بأن زمنهم فات وغنايم مات، وبالمقابل وعند تعيين أحدهم في منصب رفيع تجد أن السعادة والغبطة والسرور قد اجتاحت الدائرة التي حوله بشكل هستيري رغم أن المسؤولية كبيرة والمهمة عظيمة على صاحبهم لكن كل زول في همه ودخول الرجل إلى دائرة الأضواء يضمن لهؤلاء تمهيد الطرق وفتح الأبواب العصية وكفاية جداً أن يكون الكارنيه خاصتهم مكتوب عليه قريب فلان من الدرجة الأولى.
{ أعتقد أن مشاكلنا الأساسية في أكثرها لا يبدو ظاهراً للعيان وحكاية الفساد المالي دي هي قمة جبل الجليد الكارثة الحقيقية في الفساد المجتمعي الذي شكلته هذه الأساليب الملتوية، وكم من أموال ضاعت على البلد بطريقة أعفوا فلان لأنه قريب فلان، وشغلوا فلان حتى لو كان غير مؤهل، بل واجعلوه يقفز بالزانة ليصبح مديراً بعد أن كان مرؤوساً على من يفوقونه شهادات وخبرة وإمكانات، وكم من عطاءات رست على شركة ود فلان وأخو علان ليجلس رصفاؤهم في بيوتهم بلا عمل رغم أنهم الأحق بالصفقة والأقدر على تنفيذها، لكن من يقف أمام هذه الموجة العالية التي ضربت بعرض الحائط المنطق والمقبول.
{ في كل الأحوال ما عادت وفي كثير من المواقع المشكلة تكمن في المسؤول الرفيع، بل أصبحت المشكلة في من حوله بعلمه أو بدون علمه، وبعضهم لا يدري أن صلة القرابة مع أحدهم ربما أكسبته أكثر من المسؤول نفسه، وفتح عينك تأكل ملبن.
{ كلمة عزيزة
تشكو الكثير من ولايات السودان الآن فعلياً من نقص حاد في كوادر الأطباء العموميين (أقول العموميين) وليس الاختصاصيين، لتتضاعف مصيبة هذه الولايات التي تشكو من تدهور المرافق الصحية وتصبح “الخرطوم” هي طريق العلاج لمن استطاع إليه سبيلا، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هل لا تملك وزارة الصحة الاتحادية الآلية التي تجعلها (تجبر) هؤلاء الأطباء على أداء الواجب تجاه المواطن السوداني أياً كان موقعه، وفي ذلك توفر لهم البنية والمناخ الصالح لأداء هذا الواجب من مرتبات محترمة وأماكن للسكن وما إلى ذلك من المخصصات.
{ بالمناسبة بعض الولايات تمنح لأبنائها ميزات لدراسة الطب في الجامعات السودانية دوناً عن بقية الولايات مراعاة للظروف الأمنية بها، والطبيعي أن يعود هؤلاء الطلاب بعد تخرجهم لخدمة مناطقهم التي جاءوا منها بدلاً من الركلسة والبحث عن عمل في مستشفيات “الخرطوم” وعدم العودة إلى ولاياتهم المحتاجة لهم فعلياً، فيا وزارة الصحة الاتحادية ما يحدث كارثة على الغبش الما بقدروا يمشوا الأردن أو مصر القريبة!!
{ كلمة أعز
قال السيد وزير المالية إنه لا زيادات في تعرفة الكهرباء، ووزير المالية الذي صرح بهذا التصريح هو ذاته السيد “بدر الدين محمود” الذي قال إن ميزانية 2016 لن تكون بها أي زيادات (ورجم) المواطن بعدها بأيام بزيادة سعر الغاز، أخي الوزير والله بقت منك خوفة والله يستر!


تعليق واحد

  1. بخصوص الوظائف ذات مرة تم إعلانها بوزارة المالية حوجتهم لثلاثة وظائف هامة لحملت الماستر وتقدم اكثر من 120 شخصاً لها وبعد الفحص والتمحيص والاختيار وبي الباب العديل تم اختيار خمسة اشخاص في قمة التميز لإختيار ثلاثة منهم وأن يكون الاخران هما البديل ولكن بين لليلة وضحاها اصبح الخمسة غير مؤهلين لهذه الوظيفة بعدما اصبحت محجوزة لاقرباء رجل نافذ في الدولة ومايؤسف بأن بعضهم لم يمضي اكثر من سنة منذ ان تخرج من الجامعة .
    والأن كل الشعب السوداني يعني لأن نصف من يديرون المؤسسات الحكومية والخاصة فاشلون ولم يتم اختيارهم بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب ………..؟