الصادق الرزيقي

المحرقة الليبية.. وجلسة أم دباكر!!


ماذا يحدث للحركات في ليبيا؟
> ليس جديداً.. تواجد الحركات المسلحة في الجارة ليبيا للقتال كمرتزقة مع أحد أطراف الأزمة الليبية، ففي عهد القذافي عندما اندلعت الثورة الليبية واتقدت شعلتها من مدينة بنغازي، استعان القذافي في ذلك الوقت من نهاية فبراير 2011م، بمجموعات من المرتزقة من جواره الإفريقي واستجلب أعداداً كبيرة منهم، وفي مقدمتهم قوات الحركات المتمردة في دارفور، حيث كان يتواجد قادتها في طرابلس وهرب بعضهم عشية اقتحام الثوار الليبيين لها، وأقام القذافي معسكرات لقوات هذه الحركات في مناطق متفرقة إبان حربه مع الثوار قبل سقوط نظامه، في أواسط الشمال الليبي وفي عمق الصحراء وحول العاصمة طرابلس ومنطاق الشرق والجنوب، وبسقوط نظامه فرت جماعات المرتزقة وحركات دارفور، لكنها عادت مرة أخرى عقب سقوط القذافي واختلاف الليبيين وظهور قائد التمرد الليبي الجديد اللواء متقاعد خليفة حفتر، وتحالفه مع بقايا وفلول نظام القذافي وجيشه ومليشياته، ووقع حفتر في ذات الخطأ القاتل بعد إخفاقه في تحقيق نصر حاسم على خصومه أو الاستيلاء على مدينة بنغازي مهد الثورة الليبية، أو القضاء على خصومه من المجموعات الأخرى، وبدعم خارجي وتمويل كبير استقطب حفتر قادة حركات دارفور للمقاتلة معه خاصة في منطاق جنوب ليبيا والجنوب الشرقي بغرض احتلال مدينة الكفرة ومدن أخرى، وجعلها قواعد لتجميع المرتزقة وتجهيزهم للزحف نحو طرابلس وبنغازي، وواجه حفتر وحلفائه ومرتزقته من حركات دارفور الطامحة للاستفادة من السلاح والدعم الذي يقدم لهم بعد انتهاء مهمتهم لمواصلة حربهم في دارفور لإسقاط الحكم في الخرطوم بسند حفتر ومن يقف خلفه.. واجه هذا التحالف رفضاً من الشعب الليبي وتصدى لهم الجيش الليبي التابع للحكومة في طرابلس والمواطنين في منطاق الكفرة في عدة معارك امتدت من نهاية 2014 وطوال العام الماضي 2015م وحتي المعارك الأخيرة، وطوال هذه المعارك يتكبد متمردي دارفور خسائر كبيرة في الأرواح العتاد الحربي..
> ومن المؤسف أن يدفع قادتهم أبناء السودان الى حروب ليست حروبهم كمرتزقة يصبحون فيها بنادق للإيجار، مما يعقد الوضع في الجارة ليبيا وينعكس على العلاقات التاريخية بين الشعب السوداني والليبي. فما يحدث للحركات المتمردة الدارفورية في ليبيا يتحمله قادتها الذين يتكسَّبون ويجمعون الأموال الطائلة بدماء المغرر بهم والأطفال المختطفين والمجندين قسراً وهم الآن قتلى وأسرى وجرحى، او فارين يهيمون على وجوههم في الصحارى في مناطق الكفرة وسار وجبل العوينات …!
في جلسة أم دباكر.. أين الرعاة؟
> حضرنا العديد من الجلسات لمجلس الوزراء كصحافيين، وشهدنا جلساته خارج الخرطوم، ولكن جلسته أول من أمس، في محطة كهرباء أم دباكر بولاية النيل الأبيض، كانت مختلفة وتاريخية، كما أشار في مداخلاتهم عدد من الوزراء. فالمحطة التي افتتحت تنتج نصف الطاقة الكهربائية المستهلكة في كل السودان في ذات اللحظة التي كان المجلس ملتئماً، كما أن تقرير وخطة وإستراتيجية وزارة الموارد المائية والكهرباء التي قدمها الوزير معتز موسى أثارات نقاشاً واسعاً من الوزراء، وقُدمت فيها آراء ومقترحات بنَّاءة وفاعلة، من شأنها لو أخذت بها الوزارة أن تنقل السودان في مجال الطاقة إلى مرحلة جديدة. فالطاقة هي عصب الحياة في كل الأزمان والعصور، وفي عهدنا الراهن هي الروح التي تسري في أنسجة وخلايا حياتنا بلا منازع، ومن الضروري أن تتجه الدولة إلى جعل الطاقة هي المدخل للنهضة والبناء وترقية الحياة واللحاق بركب الأمم المتقدمة التي لولا توفر الطاقة لديها، لما تطورت في مجالات الصناعة والزراعة والمعرفة والعلوم والتجارة وكل ضروب الإنتاج.
> غير أن ما لفت الانتباه في خطة الوزارة وهي شبه متكاملة، نقصان يذكر فيها وفي محاورها الأحد عشر التي قدمت في عرض على شاشات ضخمة قدمت للمجلس، أن تركيز الطاقة ومشروع تصفير العطش (زيرو عطش)، مشروعات اهتمامها بالمناطق الحضرية أو الريف المرتبط بالزراعة، ولم يرد ذكر ذي بال للقطاع الرعوي الذي يحتاج أكثر من غيره لمصادر المياه وللطاقة نفسها في تطوير القطاع الرعوي والمراعي وصنعة العلف وتحسين نسل القطيع الحيواني السوداني، والأبحاث البيطرية وتهيئة كل الظروف لزيادة الصادر، ومجتمعات الرعاة التي تعاني أكثر من غيرها في الحصول على المياه لاستخدام الإنسان وشرب الحيوان، باتت في حاجة لمصادر سهلة للطاقة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتشغيل الآبار والاستفادة من مشروعات حصاد المياه والحفائر، وما يتعلق بصحة الحيوان.. فالوزارة مطالبة بتخصيص محور لهؤلاء الرعاة الرحل وتنمية مناطقهم، خاصة اذا علمنا أن صادر الثروة الحيوانية خلال الأشهر الماضية بلغ حوالي مليار دولار..