الطاهر ساتي

أعباء مركزية ..!!


:: قبل أشهر، كتبت ناصحاً حكومة طاهر ايلا بعدم الدخول في مقبرة مركزية مسماة – مجازاً – بمشروع الجزيرة.. مقبرة مشروع مياه النيل – بالبحر الأحمر – تكفي، فليست من الحكمة التمادي في تبني قضايا مشروع مركزي آخر ..ونعم، نهضة مشروع الجزيرة هي حلم أهل الجزيرة ..وكذلك حال المشروع من أكبر هواجس أهل الجزيرة ..والبعض يرى في طاهر ايلا ( أمل النهضة)، والبعض الآخر يطالبه بالتدخل..وأمام هؤلاء تسعى الحكومة المركزية لعمل ( شئ ما) بحيث تكون حكومة الجزيرة مسؤولة عن وضع المشروع ..ولكنها مسؤولية صورية، أي بلا أي تعديل في قانون المشروع .. فلتبتعد حكومة الجزيرة سريعاً عن هذه ( المصيدة)..!!
:: ثم – في ذات الزاوية – نبهت حكومة الجزيرة بأن بعض الأهل يشربون المياه الملوثة – مع الأنعام – من حفائر..وبعض التلاميذ الجزيرة يفترشون الأرض (إجلاساً)، وينقصهم الكتاب والمعلم و جدار المدرسة والفصل..ولايزال أهل الجزيرة يتكبدون مشاق السفر ويتزاحمون في مشافي الخرطوم..ولاتزال صحة البئية بمدائن الجزيرة وأسواقها مصادراً للموت والأمراض..ولاتزال المبيدات الفاسدة بمخازن المشروع ترسل ضحاياها إلى مشافي الذرة و الفشل الكلوي..وأن هذه القضايا – وما خفي أكثر – هي ذات السلطة و المسؤولية الولائية التي تؤرق أهل الجزيرة، وحكومتهم الولائية هي المسؤولة عن حلولها بنص الدستور و القانون..!!
:: أما الفشل المركزي – المسمى بمشروع الجزيرة – فما لم يتم تعديل القانون بحيث تصبح السلطة الإدارية (ولائية مطلقة)، وما لم يصبح والي الجزيرة – وليس وزير الزراعة – هو رئيس مجلس إدارة المشروع والمسؤول عن تشكيل (الإدارة العامة)، فلا ننصح حكومة الجزيرة وواليها بالوقوع في هذا (الفخ)..فليتعظ ايلا من تجربة الرهان على السلطة المركزية في مد البحر الأحمر بمياه النيل..نعم، ظل ايلا يعد الأهل هناك سنوياً بهذا المد المرتجى بناءً على وعود السلطة المركزية و (مراكز قواها)، وكان طبيعياً أن يخسر الرهان لأنه لم يراهن على (سلطاته الولائية)..وعليه، ما لم ( يملأ يدو)، بالقانون و سلطته، فعليه ألا يعد مزارع مشروع الجزيرة ب ( أي شئ) ..!!
:: تلك كانت نصيحتنا قبل أشهر، واليوم تلوح في الأفق ملامح سلطة ولائية على مشروع الجزيرة..إذ يقول طاهر ايلا – لصحف الأمس – انهم ينتظرون قرارات رئاسية بشأن مشروع الجزيرة، بحيث تحدد لحكومة الولاية نوع ونسبة المشاركة في إدارة المشروع .. وعليه، لمشروع الجزيرة قانون يفرض (القبضة المركزية)، ونأمل أن يكون القرار الرئاسي المرتقب قراراً بإعادة النظر في هذا القانون بحيث يصبح هذا المشروع الزراعي (ولائياً)، كأي مشروع زراعي في طول البلاد وعرضها..وبالمناسبة، ليس مشروع الجزيرة وحده، بل حتى مشاريع الرهد والسوكي وحلفا أيضاً.. هي محض (حواشات)، وليست جيوشاً ولا موارد باطن الأرض، فلماذا المركزية ؟.. لقد آن أوان توفيق أوضاع هذه المشاريع بحيث تتناسب مع الدستور والحكم اللا مركزي، ولتتحمل الولايات وحكوماتها وأهلها مسؤولية (نجاحها وفشلها)..!!