تحقيقات وتقارير

هواة ومحترفو اقتناء الأسلحة … ومن الحُب ما أرهب


وبدلاً من أن يكون العزف على وتر الرومانسية ممثلاً في معارض اقتناء الطيور والورود والزهور والعطور تحول الاهتمام لعدد مقدر من الشباب للاتجاه نحو هواية اقتناء الاسلحة الصغيرة والمرخصة في عزف على الطبنجة والبندقية والمسدس تماهياً وتماشياً مع أغنية (أضربني بمسدسك أملاني رصاص) فماذا وراء انشاء مجموعة عدد أعضائها يقارب الـ40 آلاف شاب ؟ أم ان للقضية وجه آخر ؟ وهل تندرج صفحة هؤلاء في الفيسبوك تحت هواية جمع الأسلحة او تسويقها عبر الانترنت كسوق الكتروني وتبادل معلومات عن اخر صيحات صناعة الاسلحة ام ان الامر يختلف تماما عما اشرنا اليه ؟
وهل المجموعة جاءت مغايرة لـ(بدل الطبنجة أفضل كمجنة) فهل طغت ثقافة الحرب حتى على واقعنا بهذا الشكل ؟ فالقروب يعرفنا على كافة الاسلحة المنزلية الصغيرة (كاتم صوت – الشبشب والقرصة وغيرها) من أنواع المسدسات والبنادق.
المقاتل السابق في الكتائب والألوية الجهادية بمسارح العمليات في جبهات الجنوب طارق محمد خالد قائد الاوركسترا ومؤسس المجموعة ينقل تفاصيل مغايره لما ذهبنا اليه ويؤكد في افاداته لـ(حكايات) ان المجموعة جاءت وفق فلسفات جديدة هدفها تنويري توعوي وتثقيف المجتمع بخطورة حمل السلاح (الكيري) أو التعامل معه حتى وان كان بسعر رخيص وثمن بخس أو معروضاً ومطروح في أسواق سرية وخفية.
واشار طارق في معرض ردوده على اسئلة (حكايات) بقصتين أوضح فيهما اهمية حمل السلاح الشخصي المرخص بغرض الحماية، وقال ان له صديقاً ثرياً استثمر امواله في مقهى ومطعم فاخر وسياحي بأحد أحياء الخرطوم الراقية، حيث اصبح محلاً لجذب طبقة الاثرياء وان اغلب زبائنه ورواده من الطبقة الارستقراطية واضاف طارق ان صاحبه حقق ارباحا وحصد اموالا طائلة فنصحه بضرورة حماية نفسه خاصة وانه يخرج نم محله التجاري في منتصف الليل بعد إغلاق الكافتيريا ومغادرة عمالها لكنه لم يصغ لنصحه حتى فاجأته عصابة من النيقرز سطت على كافة ممتلكاته واصابته بساطور وما يزال يتلقى العلاج حتى اليوم بجانب انه فقد امواله التي جمعها بعرق جنيبه.
وقال طارق هذا نموذج كان في حاجة ماسة لسلاح خاص مرخص من قبل الشرطة لحماية نفسه وامواله وهو امر مشروع اما المثال الثاني فأشار طارق بضرورة التوعية باستخدام السلاح المرخص خاصة لو كان في المنزل اطفال فان الامر يشكل خطورة اضافية مبيناً انه يعرف شخصاً آخر كان لديه سلاح لكن بسبب سوء الاستخدام فقد ثلاثة من اصابع يده وان الاصابة وقعت بسبب سوء استخدام في الاسلحة المعدلة.
وبالعودة لمجموعة هواة ومحترفي اقتناء الاسلحة الصغيرة والمرخصة فان (القروب) يتم فيه تداول الكثير من ثقافة استخدام السلاح وانواع البنادق والذخيرة واسعارها وعن اهم واشهر موقع بيع وتسويق واستبدال السلاح المرخص بالخرطوم مثل محلات (ماطوس) – (بكري السناري) – (محلات مهند) – (ابو مرين) وغيرها، ويحذر طارق من مخاطر استخدام الذخيرة الحية في مناسبات الافراح وحفلات الزواج والاعراس او اطلاق الذخيرة العشوائية وقال انها ظاهرة مزعجة ومؤسفة حصدت الكثير من الارواح نظراً لطريقة الاستخدام الخاطئي للسلاح الحي مضيفاً بأن لافضل هنا استخدام الذخيرة المطاطية او الفشنك حتى لا تتسبب في الحاق اضرار وخسائر في الأرواح وتنقلب مناسبة الفرح لسرادق عزاء.
وفي ذات السياق انتقد طريقة حماية الفنانين ومشاهير الفن من رعونة معجبيهم او هوس العشاق، وقال ان (البودي قارد) الذي توكل له مهمة تأمين الفنان لايقوم بمهمته على الوجه الأكمل نظر الطريقة وضعية السلاح الخاطئة وانه من السهولة سحب سلاحه من المهاجمين ففي هذه الحالة يكون فيها السلاح مكشوفاً،وقال ان الكشف عن مخبأ السلاح او وضعه في الفخذ داخل الحزام (شيال المسدس) يعتبر خطأ فادحاً لأنه يفقد صاحبه أهم عناصر المفاجأة والمبتغته الا في حالات نادرة، واشار الي احدى المرات التي كان له فيها معاملة مالية في احد بنوك الخرطوم حيث سحب احد الأشخاص اموالا طائلة ووضعها في كيس وبعد خروجه من المصرف تعرض كيس النايلون لخرق وظهرت (باكيتات) الأوراق النقدية، ولاحظ ان الرجل الذي خرج من البنك كان مراقباً من قبل اثنين يرريدان نهبه بعد رصد تحركاته واشار طارق انه حينما احس بان الرجل صاحب الاموال مستهدف اظهر طبنجته لاخافة اللصوص الذي لاذو بالفرار حينما وصلتهم الرسالة.
وحول الذين يقومون بـ(القشرة) عبر اظهار السلاح او ما يسمى بـ(الجنصصة) كمظهر اجتماعي قال طارق ان هذه الظاهرة لها مخاطرها وتترتب عليها اثار فادحة وان الاصل ان يكون السلاح مخفياً ولا يستخرج او يستخدم الا في الحالات الطارئة او عند الضرورة كآخر طلقة، وإختتم حديثه بان غالبية الشرائح والاسر الكبيرة والثرية تقوم باقتناء سلاح مرخص بجانب رجال المال والاعمال وقال ان رواد (البزنس) هم اكثر من يلجأ لترخيص السلاح بغرض حماية نفسه بجانب نجوم الفن والمجتمع وكذلك الدهابة او تجار الذهب في اسواق الصاغة في الخرطوم وام درمان واضاف بان غالبية هؤلاء لديهم اسلحة مرخصة لانهم عرضة للسرقة سواء في مواقع بيع الذهب او في منازلهم كما ان بعض هواة الصيد مثل صيد الطيور البرية والارانب والغزلان ودجاج الوادي والرهو والحمام الخلوي يقومون باجراءات رسمية لاستخراج تراخيص لاسلحة الصيد وهي عبارة عن بندقية (خرطوش القنص).
المفاجأة حالياً ليس في ظهور هواة وحترفي اقتناء الاسلحة الصغيرة والمرخصة فحسب ولكن في عدم وجود ميادين رماية او صالات مغلقة –حتى الآن- لتعليم وتدريب الرمي والتصويب واستخدام لسلاح الصغير وان الساحة الوحيدة التي كانت تستغل للرمي كانت ملحقة بميدان سباق الخيل (الفروسية) بالخرطوم وتم هدمها بصورة نهائية.

الهادي محمد الأمين
صحيفة حكايات