تحقيقات وتقارير

خريجو آداب الخرطوم .. الحق الأكاديمي الضائع


تقدم عدد من خريجي كلية الآداب جامعة الخرطوم بمذكرة لإدارة الكلية مطالبين فيها بتعديل شهاداتهم التي اجيزت بتخصص واحد، بعد دراستهم للسنة الخامسة والتي تمنح درجة مرتبة الشرف للطلاب المتفوقين بعد ترشيحهم لها في المستوى الرابع اسوة بخريجي دفعة العام (2013)، والتي قامت الكلية بمعالجة مشكلتهم ومنحهم الحق ﺍﻻﻛﺎﺩﻳﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺨﺼﺼﻴﻦ، فيما لم يطبق ذلك على الدفعات ﺍﻟﺴﺎﺑﻘة ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺮﺟﺖ بتخصص واحد، ﻭﻣﺎﺯﺍﻟﺖ تلك الدفعات ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺿﻴﻖ ﻓﺮﺹ ﺍﻟﻌﻤﻞ لأنهم يحملون شهادات بتخصص واحد.. وبالتالي ضاعت عليهم فرص كثيرة وانسدت أمامهم ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﺑﻮﺍﺏ ولم تجد مطالبهم استجابة من الكلية.
(آخرلحظة) التقت بعدد منهم وسردوا لها رحلتهم مع المعاناة والبحث في سبيل إثبات حقهم الأكاديمي الضائع، والذي منح لآخرين درسوا ذات الدراسة.. كما التقت (آخرلحظة) بالجهات المعنية في إدارة الكلية لاستجلاء الأمر وخرجت بهذه الإفادات

هضم للحقوق الأكاديمية:
أجمع عدد من الخريجين على فقدانهم للعديد من فرص عمل بسبب التخصص الذي ضاع منهم، واوضحوا أن النظام الذي اتبع في استخراج شهاداتهم فيه إجحاف وهضم لحقهم الأكاديمي,, ويسرد الخريج وليد عزالدين قصته بأنه درس إﻋﻼﻡ ﻭﺗﺎﺭﻳﺦ ﺑﻜﻠﻴﺔ آﺩﺍﺏ، ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻛﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮى ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺑﺘﻔﻮﻕ ﺭﺷﺢ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮى ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﻲ تخصص الإعلام، ﻭﺑﻌﺪ ﺗﺨﺮﺟﻪ ﺍﺟﻴﺰﺕ ﺷﻬﺎﺩﺗﻪ ﺑﺎﻟﺘﺨﺼﺺ ﺍلأﺧﻴﺮ ﻭﻫﻮ ﺍلإﻋﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﺸﺮﻑ، ﻭﺑﺪﺃ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺟﺎءﺗﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﻋﻤﻞ ﺑﺘﺨﺼﺼﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ، ﻭﺗﻘﺪﻡ ﻟﻬﺎ ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺜﺒﺖ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺨﺼﺺ ﺧﻼﻝ ﺍﻻﺭﺑﻌ ﺳﻨﻮﺍﺕ، ﻭﻟﻢ ﺗﻘﺒﻞ ﻣﻨﻪ ﻭﻃﺎﻟﺒﻮﻩ ﺑﺎﻟﺸﻬﺎﺩة ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻴة ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ أﻭﺿﺢ ﻟﻬﻢ أﻥ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩة ﺍﺟﻴﺰﺕ ﺑﺘﺨﺼﺺ ﻭﺍﺣﺪ، ﻃﻠﺒﻮا ﻣﻨﻪ إحضار ما يثبت ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ حول دراسته للتاريخ، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺫﻫﺐ ﺍلى ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ذكروا ﻟﻪ ﺍﻧﻪ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﻟﻠﺴنة ﺍﻟﺨﺎﻣﺴة تسقط التخصصات الأخرى التي ﺩﺭﺳها خلال اربع ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻭبذلك ﺿﺎﻋﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺮﺻﺔ العمل التي ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻠﻢ ﺑﻬﺎ.

قرار قاسي:
الطالب عبدالمنعم قال إن هذا القرار يعد قراراً قاسياً وظالماً للخريجين وضيع عليهم تخصصات ظلوا يدرسونها لاربع سنين لتختزل شهادة تخرجهم في تخصص واحد فقط في التخصص دون أن تظهر بقية تلك التخصصات في الشهادة.
وعبر عدد من الخريجين عن أسفهم لدراستهم للسنة الخامسة.. وقالت الخريجة تقوى عوض إنها درست علم النفس والاعلام، وفي السنة الخامسة درست علم النفس وبذلك ضاعت عليها سنين الاعلام السابقة، وتخرجت وكأنها درست فقط علم النفس.. بينما تقول صفاء محمد إنها رشحت للمستوى الخامس ولكنها تركتها خوفاً من فقدان تخصصها .
ويقول ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻨﻌﻢ ﻣﺤﻤﺪ إنه تخرج ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮى ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﺑﺘﺨﺼﺺ ﺟﻐﺮﺍﻓﻴﺎ، ﻭيشعر ﺑﺎﻟﻨﺪﻡ ﻟﺪﺭﺍﺳﺘﻬﺎ ﻟﻀﻴﺎﻉ ﺗﺨﺼﺼه ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ويضيف أنه ﺍﺳﺘﺨﺮج ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻻﺛﺒﺎﺕ ﺩﺭﺍﺳﺘه ﻟﻠﺘﺨﺼﺺ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ﻭﻟﻜﻦ ﻻﺟﺪﻭى ﻣﻨﻬﺎ، ﻓﻬﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺒﻮﻟة ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻏﻠﺐ ﺍﻟﻔﺮﺹ ﺟاءﺗه ﺑﺘﺨﺼﺼه ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺿﺎﻋﺖ.

ﻇﻠﻢ للطلاب:
ﺗﻌﺎﻃﻒ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﺳﺎﺗﺬﺓ ﺍﻟﻜﻠﻴة ﻣﻊ ﻃﻼﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺒة ﺑﺤﻘﻬﻢ، حيث اﻨﺘﻘﺪ عدد من الاساتذة ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻮﺍﺋﺢ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﻀﻢ ﺣﻖ الطلاب ﺍلأﻛﺎﺩﻳﻤﻲ، وقال الدكتور ﻋﻤﺮ ﺣﻤﻴﺪة الأﺳﺘﺎﺫ ﺑﻘﺴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ كانت تتم إجازة الشهادة بالتخصصين الاول أساسي والثاني ثانوي ﺑﻌﺪ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮى ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ، وقد اصبحت فيما بعد تستخرج ﺑﺘﺨﺼﺺ ﻭاحد أساسي.. واضاف أن هذا فيه ظلم للطلاب…أما الدكتورعبدالباقي دفع الله فقد قال: إن اللوائح التي طبقت مؤخراً بمنح الخريجين التخصصين ليست جديدة، وقد كانت موجودة في السابق، ولكنها لم تطبق، وطالب بأن يشمل التعديل كل الدفعات السابقه.. وقالت الدكتورة أمل بادي رئيس قسم التاريخ إن من حق الطلاب الحصول على حقهم الاكاديمي في التخصص الذي حرموا منه، وهذا حقهم الطبيعي طالما اجتازوا امتحانه ونالوا فيه الدرجة التقديرية.

لا تعديل بأثر رجعي:
أﺻﺒﺤﺖ السنة الخامسة ﺧﺼﻤﺎً ﻋﻠى ﺿﻴﺎﻉ أﺭﺑﻊ ﺳﻨﻴﻦ، ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻣﺘﻨﻊ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺭﻏﻢ ﺗﻔﻮﻗﻬﻢ ﻭتأهيلهم ﻟﻠﻤﺴﺘﻮى ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻣﻦ ﺩﺭﺍﺳﺘﻬا ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺿﻴﺎﻉ التخصص الاخر، وقد قامت مجموعة من الخريجين برفع مذكرة لعميد كلية الآداب مطالبين فيها بتعديل شهاداتهم لتتضمن التخصصين، اسوة بالدفعات الجديدة التي طبقت عليها اللوائح، وقد وافق عميد الكلية على طلب التعديل وامر برفعه لأمين الشؤون العلميةه الذي قام بالتوقيع عليه، وتم ارجاعه للعميد للمناقشة في اجتماع مجلس الأساتذة، وقبل انعقاد الاجتماع تم نقل عميد الكلية وأصبحت الدكتورة سلمى عمر مسؤولة عن عمادة الكلية الدكتورة سلمى قالت: هناك استحالة في اجراء تعديل لتلك الشهادات واستحالة لدعوة مجلس الاساتذة للانعقاد حتى تتم مناقشة تعديل تلك الشهادات التي تمت اجازتها، وقالت في لهجة حاسمة (دي مشكلتكم مابعمل تعديل بأثر رجعي واتحملوا نتيجتكم) .

أمين الشؤون العلمية البروفيسور عبدالباقي دفع الله.. أشار الى أن تلك اللوائح التي طبقت على الدفعات الجديدة كانت موجودة مسبقاً، ولكن لم يتم تطبيقها، وقال ليس هناك ما يمنع تعديل شهادات خريجي تلك الدفعات لتشمل التخصصين، وطالب الخريجين بكتابة مذكرة حول مشكلتهم وتقديمها لعميد الكلية، يطالبون فيها اجراء التعديل على الشهادات، وبالفعل قام الخريجون بذلك، ولكن قضيتهم لم تجد طريقاً للحل، حيث رفض العميد ونائبته ومسجل الكلية اجراء اي تعديل للشهادات لتشمل التخصصين الأساسي والثانوي على نحو ما كان معمول به بحجة أن الطلاب لم يطالبوا باجراء التعديل فور تخرجهم، وان اللوائح طبقت على الدفعات الجديدة ولا تشمل الدفعات التي تخرجت سلفا.

وضع غريب:
القانوني الأستاذ حيدر التوم وصف مايحدث في اعرق الجامعات، وهي جامعة الخرطوم بالوضع الغريب والشاذ.. وقال لايوجد في القانون المعمول به في الدولة لائحة أوتشريع يلغى أو يعدل أو يجمد بدون قانون، والذي حدث في جامعة الخرطوم من وجود لوائح وعدم العمل بها وضع غير صحيح قانونياً، ومن حق الطلاب أن يستمتعوا بحقهم الاكاديمي، وأضاف لايوجد أثر رجعي في اللوائح التي كانت موجودة مسبقاً ينص على ذلك.. موضحاً أن القانون وضع لحماية حقوق الناس ومصلحتهم، ووضع للانصاف والعدل وأن الطلاب درسوا التخصصات تلك فمن حقهم أن ينالوا الحق الاكاديمي الذي يؤكد تلك الدراسة.

من المحرر :
لمسنا من خلال الحديث مع عدد من الخريجين حجم المعاناة التي يعانونها بسبب هذه المشكلة، التي اوقعتهم فيها تلك اللوائح الغريبة ، ووقفنا على مجهوداتهم ومحاولاتهم المتواصلة مع إدارة الكلية ومطالبتهم المشروعة لاسترداد حقهم الأكاديمي، ومن خلال ما سمعناه ايضاً من عمادة الكلية فإن هذا الحق المشروع ضاع بسبب تلك اللوائح، وعليه فإننا نرى أن تتدخل جهات أخرى لمعالجة قضية هؤلاء الخريجين.

تحقيق : ناهد عباس
صحيفة آخر لحظة