هيثم كابو

إنه الزعيم


* قبل أعوام خلت تعالت كثير من الأصوات، وارتفعت نبرات الحناجر بالقاهرة (هوليوود العرب) ممجدة الفنان الكوميديان محمد هنيدي الذي قفز بالزانة – وقتها – وحققت أفلامه السينمائية أعلى الإيرادات محطمة الأرقام القياسية.. عندما تصدر (صعيدي في الجامعة الأمريكية) القائمة وصلت الإشادات بهنيدي سدرة المنتهى، فأخيراً ظهر نجم جديد بإمكانه تحطيم أسطورة الزعيم..!!
* بدأت الحناجر والخناجر آنذاك تبحث عن موقعها في جسد عادل إمام.. قالوا إنه وصل سن اليأس والإفلاس الفني.. لم يعد يملك جديداً يدهش الأجيال الحالية.. انتهت مدة صلاحية أفلامه التي تدور في فلك واحد.. استنفد أغراضه وها هي (موجة الكوميديا الشبابية) تعتلي سدة عرش السينما المصرية وتتجاوز أفلام عادل إمام..!!
* لم ينبس الزعيم ببنت شفة مع أن الحديث وقتها وصل مرحلة المقارنة بين عادل إمام – بكل تاريخه وفلتاته و(تفلتاته) ومحمد هنيدي المزهو بالنجاح الساحق لفيلمه المسيطر على الشباك (صعيدي في الجامعة الأمريكية) الذي وضع له اللمسات الإخراجية أحد (أولاد النيل الأبيض والجموعية) المخرج السوداني القامة سعيد حامد..!!
* لم تكن المقارنة من قبل النقاد والمراقبين والمهتمين بالشأن السينمائي تخصم من رصيد عادل إمام شيئاً، فالرجل تحول من فنان موهوب وكوميديان ماهر يعرف كيف ينتزع الابتسامة ويبعث برسالته التي يريد إيصالها بين ثنايا (المفارقات والإيفيهات) إلى أسطورة حقيقية لن تتكرر قريباً بالسينما المصرية والعربية..!!
* مضت سفينة هنيدي تمخر عباب بحر الفن السابع بينما ظلت نجاحات الزعيم السينمائية عصية على المنافسة – ولا يمكن الوصول إليها حالياً ولا مستقبلاً- كيف لا وعادل إمام يمثل أسطورة يصعب تكرارها أو نسخها، فهو يغوص في أغوار الشخصية وينبش قيعانها ويُلبِسها رداء الهيبة عبر تقمص فريد يمثل قمة التجسيد.. يعرف الزعيم كيف يختار القضايا الحساسة والمواضيع المثيرة للجدل والملفات الساخنة ويعالجها بجرأة متناهية عبر كوميديا حقيقية ذات مغزى ومضمون.. كوميديا لا علاقة لها بـ (العبط) الذي نشاهده على شاشة قنواتنا السودانية من مواضيع فقيرة وسيناريوهات فطيرة وتجسيد بائس وقصص ساذجة تحكي عن قروي وصل الخرطوم وغيرها من الحكاوي المشابهة التي لا تجذب أحداً.!
* عرف الناس مع عادل إمام أن الكوميديا تمثل فن النقد الرفيع بأسلوب ساحر وسيناريو ساخر.. كانت أعماله تهبش عصب السياسة بذكاء وتقترب من القضايا الاجتماعية الشائكة بحرفية عالية.. قالوا إنه يمثل (صوت السلطة) عندما قدم أفلاماً تنتقد الجماعات الإسلامية وتصورها على أنها مجرد مجموعات إرهابية لا علاقة لها بالدين والإسلام ورغم ذلك ظلت شاشة أعماله الأكثر بريقاً وإقبالاً وجاذبية.. سيطر على النجومية المطلقة لأكثر من ثلاثة عقود من عمر الزمان بالرغم من أن كثيرا من النقاد عابوا عليه تشابه الأدوار أحياناً ومغازلة الشباك و(الشباب) بمشاهد ساخنة الاستغناء عنها لا يؤثر على فكرة العمل والإبقاء عليها لا يشكل أدنى إضافة فنية.. امتلك المفاتيح ووصل إلى مرحلة أكدت على عبقريته بتجاوزه للذين سبقوه وتفوقه على أنداده ووصوله إلى سقف يصعب تحطيمه من قبل الآتين من بعده..!!
* أثبتت الأيام خطل المقارنات الشتراء بين عادل إمام ومحمد هنيدي أو أحمد حلمي ومحمد سعد وغيرهم، ولكن ذلك لا يقلل من الإضافات التي صنعها الشباب؛ ولا يمنع من التأكيد على موهبة هنيدي مثلاً وعزيمته الفولاذية وهو ينتقل ببراعة عالية من ممثل في (الصف الثاني) لسنوات طوال لتصدر قائمة النجوم بعد مسيرة حافلة بالمعاناة..!!
* مقارنة أي ممثل مصري منذ أن عرفت المحروسة فن السينما وحتى الآن بعادل إمام تمثل مغامرة خاسرة، فالزعيم لا يعلى عليه، وذلك حتى إشعار آخر..!!
نفس أخير
* مقارنة الزعيم بالآخرين تعصف بالمقارنين..!