منصور الصويم

سؤال “سقف الطيب” الكسول


من النادر إن لم يكن من المستحيل ألا تقرأ حوارا مع روائي سوداني في إحدى الصحف العربية ولا تجد من بين الأسئلة سؤالا يطرح بالطريقة التالية: “لماذا لا يوجد روائيون معروفون عربيا بخلاف الطيب صالح؟”، أو مع تنويعات خفيفة من حيث الصياغة والتراكيب اللغوية لا غير، مثل أن يقول المحاور: “هل حقيقي أن الطيب صالح يمثل سقفا للرواية السودانية؟”، وبالرغم من أن السؤال – الديباجة يطرح بهذه الطريقة على كل الروائيين السودانيين الذين تحاورهم الصحافة العربية، أو يواجهون به في اللقاءات والفعاليات الثقافية العربية التي تجمعهم بالكتاب العرب؛ وبالرغم من أنك قد تصادف محاورا واحدا يطرح نفس السؤال على عدد من الكتاب السودانيين المختلفين ومن موقعهم كروائيين، إلا أنه كسؤال/ديباجة جاهز ومحجوز ظل يتردد لأكثر من ثلاثة عقود والكل يجيب عليه بإجابة تكاد تكون متطابقة تنفي (السقوفية) عن الطيب صالح وتؤكد في الوقت نفسه على حضور الروائي السوداني، وذلك بإيراد الأسماء المعروفة هنا وهناك.
السؤال وبصيغته الاستفهامية بحثا عن معلومة أدبية ثقافية تضيء جانبا يبدو مجهولا للسائل (المستفسر) أمر جيد ومبادرة ذكية لاسيما وأنه يرتبط بقامة أدبية سودانية برزت عربيا وعالميا وأضافت الكثير للفن الروائي، بيد أن المشكلة تكمن في أن السؤال مع تكراره وتحوله إلى ديباجة جاهزة تلصق في أي حوار مع أي روائي سوداني يجعل الأمر غير مستساغ ويدور السؤال/ الديباجة في دوائر الأسئلة حول الجهة التي يصدر عنها ومدى جديتها في طرحه وإدارة الحوار، وعن (كم) الإجابات التي راحت هدرا طوال سنوات وهي تبين خطل (التصور) وتؤشر على الكتاب الذين جاءوا من بعد الطيب صالح وحققوا نجاحات كبيرة في هذا الشكل من الكتابة على مستوى العالم.
السؤال/ الديباجة يجعلنا نتساءل أيضا عن موقع الثقافة السودانية من الثقافة العربية، ويجعلنا نكاد نجزم بأنها كانت وما وزالت تمثل هامش الهامش داخل هذه الثقافة، والاهتمام بها لا يتعدى (المناسبات) أو الفعاليات ذات الصبغة شبه الرسمية، فعشرات أو مئات الإصدارات السودانية في الرواية (مثلا) لا تحقق أدنى التفاتة لدى هذا المركز، وتجده منغلقا فقط في سقف الطيب صالح الذي حدد به (تصوره) وتوقف عنده، هذا ناهيك عن مئات الكتب والانطولوجيات التي تصدر عربيا حول مختلف ضروب الثقافة وهي غفل عن (السوداني)!
ختام: لماذا لا تنفتح الثقافة السودانية على آفاق أخرى (أقرب) ترحب بها أكثر؟
استدراك: السؤال/ الديباجة هل هو تعبير فاضح عن كسل العقلية العربية؟