حوارات ولقاءات

سفير جوبا بالخرطوم ميان دوت : السودان أكثر تضرراً من عمليات التهريب وهناك 75 سلعة سودانية يحتاجها السوق الجنوبي


تصريحات “Shoot to Kill” التي أطلقها “طه” أغلقت حدود البلدين
جوبا جاهزة للتوسط بين الحكومة السودانية وقطاع الشمال لكن الخرطوم متحفظة
السودان أكثر تضرراً من عمليات التهريب وهناك 75 سلعة سودانية يحتاجها السوق الجنوبي
لا توجد جهة اسمها مجلس أعيان الدينكا وهو جسم وهمي تردده المعارضة
شهدت العلاقات بين السودان ودولة جنوب السودان حالة من التوتر والغليان بسبب الاتهامات المتبادلة بين الدولتين بإيواء المجموعات المتمردة، الأمر الذي ألقى بظلال قاتمة على مواطني الدولتين ورسم سيناريوهات المجاعة وارتفاع أسعار السلع والتضخم، ولا سيما في الدولة الوليدة، بجانب الضائقة المالية وارتفاع تكاليف المعيشة فى السودان فضلاً عن خسارة خزينة الدوليتين مليارات من الدولارات كانتا ستكسبانها حال استمرتا في تبادل المنافع التجارية.
وجاء قرار الرئيس البشير بفتح الحدود بين البلدين والسماح للحركة التجارية بالانسياب بحرية برداً وسلاماً على المواطنين في الدولتين بالرغم من المخاوف والمحاذير التي استصحبها المهتمون بالملف السوداني الجنوبي كون القرار جاء في ظروف استثنائية تعيش فيها الدولة الوليدة حرباً أهلية ضروساً.
(الصيحة) جلست إلى سفير جوبا بالخرطوم “ميان دوت” وقرأت معه القرار الرئاسي والوضع الأمني في دولة الجنوب وسير إنفاذ اتفاقية السلام وصحة الرئيس سلفاكير ميارديت، وجملة من الملفات والقضايا الساخنة.. فإلى مضابط الحوار.
ـ كيف تنظر إلى قضايا التعاون المشترك بين البلدين على ضوء فتح الحدود؟
– جاءت الخطوة الأخيرة نتيجة تحركات كثيرة جداً، وعلى أصعدة وجهات مختلفة. والخطوة هامة جداً وتصب في مصلحة البلدين كما أنها تعبر عن الإرادة السياسية للقيادات في البلدين.
ـ البعض يرى أن سلبيات الخطوة أكثر من إيجابياتها كونها توفر الدعم اللوجستي للمتمردين على الطرفين؟
-إذا رجعنا إلى اتفاقية التعاون المشترك بين البلدين تجد أن هناك ترتيبات أمنية خاصة بهذا الموضوع فضلاً عن اتفاق الرئيسين على سحب القوات إلى العمق من أجل فتح الطريق أمام التجارة.
(مقاطعة).. لكن لم يتم ترسيم الحدود بين البلدين وهو ما يعني أن جوبا ربما تكون ليست قادرة على حماية نقاط التجارة؟
– ليست هناك مشاكل في الحدود والآن هناك تهريب في مناطق الضعين والميرم وغيرهما، والتجارة تنساب دون مشاكل، وقد تكون هناك هجمات على التجار وبضائعهم إبان الحرب، أما الآن وبعد أن عمّ السلام الدولة فإنه لا خطورة تواجههم ونحن لم نسجل ولا حالة نهب أو اعتداء على التجار الشماليين في الجنوب إطلاقاً، والحدود لم تغلق في العام 2012م، كما أسلفت بسبب عمليات نهب بل أغلقت في العام 2011م بسبب قرار نائب الرئيس السابق علي عثمان محمد طه والذي أصدر قرار”شوت تو كِل” والذي أمر فيه بقتل كل التجار الذين يمارسون التجارة مع دولة الجنوب وبسبب الحرب في كادوقلي وأبيي. أما بخصوص دعم وإيواء المتمردين فنحن في جوبا نؤكد مراراً وتكراراً بأنه لا توجد قوات تابعة للجبهة الثورية أو المتمردين على حكومة الخرطوم في دولة الجنوب.
ـ هل تقصد أن القرار صحح مسار العلاقة بين جوبا الخرطوم والتي شهدت توترات عنيفة لفترة طويلة من الزمن؟
العلاقات بين البلدين عادة ما تذهب إلى الأمام كما يحدث الآن في جميع العالم، فالآن إيران منفتحة على العالم ورئيسها الآن يجوب الدول الأوربية ويعقد صفقات استثمارية معها، وهكذا الحال، فالعلاقات بين البلدين لن تظل في محلها وسوف تنطلق إلى آفاق أرحب.
ـ هناك مزاعم بأن جنوب السودان يصلح كسوق للمنتجات السودانية، فهل هناك إحصائية تدعم هذا الرأي؟
هناك أكثر من 75 سلعة بدءاً من أبسط السلع وحتى مواد البناء والحبوب والسلع السودانية مطلوبة في دولة الجنوب أكثر من السلع القادمة من دول شرق أفريقيا بما فى ذلك الدواء. فمثلاً اسمنت عطبرة مفضل لدى المواطنين أكثر من الاسمنت الذي يأتي من أوغندا، هذا فضلاً عن أن المزاج الجنوبي والسوداني مزاج واحد لأنهم ببساطة شعب واحد. وينطبق الأمر على الأدوية وغيرها من المنتجات.
ـ هل قدمت جوبا بعض المطلوبات لإنعاش التجارة الحدودية؟
– بصفة عامة التجارة مع السودان تمتلك كافة المقومات الكفيلة بإنجاحها ودعمها بعكس التجارة مع دول شرق افريقيا، فمثلاً الآن نحن نستخدم ميناء ممبسا في كينيا لجلب البضائع لأنه ليس لدينا ميناء ونحن بذلك نعبر دولتين بالرغم من أن لدينا حدود مع كينيا بسبب انعدام الطرق المعبدة، أما في السودان فإن ميناء بورتسودان أقرب إلينا وبخاصة في المناطق المتاخمة للولايات الحدودية، هذا فضلاً عن توفر البنية التحتية الممتازة في الحدود مع السودان، فالقطار مثلاً يمكن أن يتحرك من بورتسودان وحتى واو اضافة الى وجود طريق قاري يربط بين بورتسودان وربك وفي النيل الأبيض تتحرك الجرارات من كوستى وحتى جوبا، هذا فضلاً عن الطرق القومية التي شيدت فى العام 2005م.
ـ هل يمكن أن يؤثر قرار فتح الحدود على عمليات التهريب الواسعة؟
إذا أخذنا بالحسبان التهريب بين البلدين نجد السودان أكثر تضرراً من دولة الجنوب لأن هناك فوائد اقتصادية تأتي من الرسوم والجمارك في النقاط التجارية ومراكز التجارة عبر الحدود وفي الجنوب هناك العديد من الولايات المستفيدة استفادة مباشرة ومتنوعة من فتح الحدود مثل ولايات لول وشرق اويل وروينق وفي أعالي النيل نجد شرق النيل وغرب النيل من أكثر الولايات المستفيدة من حركة التجارة في دولة الجنوب فضلاً عن الولايات الحدودية السودانية والتهريب أضر بالدولتين اقتصادياً وذلك أن انسياب السلع لم يتوقف ولم تستفد خزينة البلدين من هذه التجارة.
هناك العديد من الملفات العالقة مثل ملف الحدود هل سيتم حسمها بين البلدين أم إنها ستُحال إلى المجتمع الدولي لحسمها؟
-ترسيم الحدود له لجان مختصة به ويدرج تحت القضايا العالقة وليس لهذا الموضوع علاقة بالقرارات الأخيرة الخاصة بفتح الحدود وانسياب التجارة كما أن هذه القضايا سيتم حسمها بناء على الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في هذا الإطار.
ـ جوبا تسعى إلى تعديل بنود اتفاقية تقسيم عائدات النفط بين البلدين كيف ترى إمكانية حدوث ذلك وكم تبلغ ديون الخرطوم على جوبا؟
-الطرفان في وزارتي النفط في البلدين الآن يسعيان إلى الوصول إلى اتفاق حول هذة القضية وسبب ذلك يعود إلى انخفاض أسعار النفط عالمياً إذ انخفض سعر برميل النفط من 120 دولارا إلى 35 دولارا وحكومة السودان الآن تأخذ ما يزيد عن 24 دولاراً للبرميل الأمر الذي يجعل جوبا تحصل على نصيب ضعيف لا يمكنها من تغطية نفقات إنتاجه وتصديره والرئيس البشير وجه وزير النفط بمراجعة الاتفاقية وليست هناك مشاكل في هذا الملف ورسوم النفط انقسمت إلى رسوم إيجار الأنابيب وآخر لدعم حكومة السودان والذي يربو على 3 مليارات دولار بناء على مخرجات اتفاقية السلام الشامل وغيرها وستُحل هذه القضايا وسيتم تأجيل ديون السودان ليتم دفعها فيما بعد. أما بشأن الديون فليس لدي أرقام دقيقة عن ذلك الأمر.
ـ ما هو مصير اللاجئين الجنوبيين في السودان؟
النازحون الجنوبيون أتوا من ولايات الوحدة وأعالي النيل، والآن يوجد ما يزيد عن 400 ألف مواطن في جميع أنحاء السودان، والآن بعد توقف الحرب والسلام سوف يرجع هؤلاء الناس إلى مناطقهم وإغلاق الحدود كان على المستوى الرسمي أما على المستوى الشعبي فإن المواطنين يتحركون بشكل طبيعى في الميرم وغيرها وأهلنا من الرزيقات والمسيرية يتداخلون مع إخوانهم الجنوبيين ويمارسون حياتهم بشكلها العادي ويعقدون مؤتمراتهم السنوية مع جماعة موال وغيرها والناس في الميرم والضعين يمارسون حياتهم بشكل طبيعي.
ـ ما هي أبرز تأثيرات الخصومة التي كانت بين البلدين على الاستثمارات والميزان التجاري بين البلدين؟
-لا توجد استثمارات جنوبية في السودان والعلاقات مقطوعة تماماً بين البلدين حتى على مستوى التحويلات المالية فكيف تكون هناك استثمارات ولا يوجد تبادل تجاري بين البلدين.
ـ في ظل فشل مفاوضات الحكومة السودانية وقطاع الشمال، هل يمكن أن تلعب دولة الجنوب دورا في الوساطة بين الطرفين؟
-دولة الجنوب مستعدة للتوسط بين الطرفين والرئيس سلفاكير أعلن مرات كثيرة استعداده للتوسط بين قطاع الشمال والحكومة السودانية منذ العام 2011م، ونحن جاهزون والرئيس جاهز الآن لفعل ذلك إلا أن حكومة السودان أبدت تحفظها وهي حره في ذلك ونحن دائماً نثبت العكس في مجال حسن النية فقد رفضنا الأصوات المعارضة في دولة جنوب السودان لاشتراك السودان ضمن الدول التابعة للإيقاد للتوسط في المشكلة الجنوبية بحسبان أن السودان متورط في الحرب وطالبوا بجلب ممثل جيبوتي بدلاً من الفريق الدابي ونحن أصررنا على السودان بسبب علمنا بمعرفته بالملف الجنوبي ولانه جزء لا يتجزأ منا أما أسباب تحفظ السودان فتسأل عنها حكومة السودان.. ونحن نريد أن يكون هناك استقرار في البلدين لأن الحرب لن تجلب سوى المعاناة للمواطنين، وكما قلت لك الآن العالم يشهد تغييرات كبيرة نحو التطبيع والسلام كما يحدث في إيران.
ـ هناك حديث عن سيطرة أبناء الدينكا على الحكومة خاصة ما يعرف بمجلس أعيان الدينكا؟
-هذا كلام مجالس، الناس ولأن الرئيس من أبناء الدينكا يرددون مثل هذا الحديث، وكما يحدث في السودان يقول الناس هنا أن الحكومة حكومة أبناء الجعليين إلا أن هناك توازنات داخل الحكومة تمثل جميع أطياف الجنوب ولا أنكر أن هذه التهمة موجودة كما اريد ان اوضح بانه لا يوجد جسم محدد اسمه مجلس أعيان الدينكا وهو جسم وهمي تردده المعارضة وإنما هناك أشخاص يستشيرهم الرئيس كأفراد ولكن لا يوجد جسم محدد اسمه زعماء الدينكا.
ـ كيف تنظر الى مستقبل الدولة الوليدة في ظل صراع سلفاكير ومشار، هل يتخوّف الرئيس سلفاكير من أن يقتلع مشار كرسى الرئاسة؟
-الرئيس سلفاكير غير متخوف من منافسة مشار لأنه ليس بقائد، وهو شخصية قومية وبطل شعبي كرس حياته لجنوب السودان منذ كان عمره 16 عاما وهو الرمز القومي الذي رفع علم جنوب السودان ولديه شعبية واسعة وهو مرغوب وسط المواطنين والآن تم تقسيم السلطة بين الرئيس ومجموعة مشار وفقاً للاتفاقية، والمشكلة الآن في التقسيم الولائي الجديد والإيغاد منحت المعارضة الولايات الست التي يطالبون بها وهي ذات الولايتين اللتين طالب بهما المتمردون المتمثلتين في ولايتي الوحدة وأعالي النيل، أما الخلافات حول الأراضي بين المجموعات العرقية الموجودة في الولايات التي تم تقسيمها فإن هناك لجانا مختصة شكلها الرئيس سلفاكير للنظر في التظلمات والشكاوى الحدودية.
ـ كيف ترى سير إنفاذ الاتفاقية بين الأطراف الجنوبية في حين أن المعارضة رهنت عودة زعيمها إلى جوبا بإلغاء قرار الولايات الجديدة والدستور؟
-الاتفاقية الآن تسير بخطى طيبة والآن الإيقاد وجهت بتكوين الحكومة الانتقالية خلال اسبوع، ومشار حدد طلباته في إيفاد جيشه إلى جوبا وتم الاتفاق على ذلك والتزمت الحكومة بالمشاركة في إنفاذ طلبه، أما الحدود فتم ايكال أمرها لمفوضية ترسيم الحدود.
ـ هناك كلام عن إحساس أبناء أبيي بالغبن بسبب إبعادهم عن حكومة الوحدة الوطنية؟
-هذا كلام غير صحيح وأبناء أبيي موجودون في الجبهات الثلاث الرئيسية في دولة الجنوب فمثلاً إدورد لينو مع مشار ودينق ألور مع المعتقلين السياسيين العشرة وفرانسيس دينق مع الحكومة، ومن حقهم المشاركة في تشكيلة الحكومة الانتقالية لأنهم من أبناء جنوب السودان ويحملون الجنسية الجنوبية أما ما تردد عن الإقالات التي جاءت وسط أبناء أبيي فهي غير صحيحة وهي جاءت بسبب دولاب العمل الوظيفي، وهذه الشائعات يروج لها إعلام الخرطوم فمثلاً لعب فرانسيس دينق دوراً حيوياً في عرقلة العقوبات ضد دولة الجنوب في الأمم المتحدة وغيرها من الأدوار المشرفة على المستوى الدولي.
ـ هناك أنباء عن زيارة مرتقبة للرئيس سلفاكير للسودان؟
-لم تصلني أخبار عن ذلك، ربما تكون هناك زيارة مرتقبة لم أعلم بأمرها الآن.
ـ هل هناك تمثيل للمسلمين في الحكومة الانتقالية المرتقبة في جنوب السودان؟
-نحن في دولة الجنوب لا نصنف الأشخاص حسب انتمائهم الديني والأفراد يتنافسون على المناصب بناء على الانتماءات السياسية التي يمثلونها وليس بناء على الدين وبحسب الدستور كوننا دولة علمانية وبالرغم من وجود انتماءات لتنظيمات إسلامية فنحن لا نصنف الناس بناء عليها.

حوار: إنصاف العوض- الهضيبي يس – تصوير: محمد نور محكر
الصيحة


‫2 تعليقات

  1. التهريب مشكلة كبيرة تحتاج لوقفة حاسمة

    كل السلع تقريبا تهرب الى تشاد وغيرها من الدول وموقف الدولة في محاربة التهريب ضعييييييف

  2. سألته الصحفية عن (اللاجئون الجنوبيون) فأجابها (النازحون الجنوبيون) … اللاجئون تطلق علي الأجانب .. والنازحون علي المواطنين .. و هؤلاء أجانب رعايا دولة أخرى أنت سفيرها !!!!
    يحلنا الحلّ بلة !!