الطاهر ساتي

وثبة أخرى و.. أخيرة ..!!


:: أعضاء بلجان الحوار الوطني (خيالهم واسع)..بعد أن قتلوا كل أزمات البلد الراهنة بحثاً وحلولاً، إكتشفوا – فجأة كده – أن اسم البلد أيضاً من الأزمات الكبرى التي يجب تجاوزها باسم آخر غير ( السودان).. ثم خرج هذا الإكتشاف الخطير من قاعة الصداقة إلى أرض الصحف ليحدث سجالاً عنيفاً بين بعض الأعزاء..فالبعض يؤيد فكرة تغيير الاسم بتطرف، والبعض الآخر يرفض الفكرة بذات التطرف، وما دخل هذا التطرف في شئ إلا ( عابه).. هذا السودان للجميع، وفليكن الحوار – في قضاياه وأزماته – بهدوء ثم بحكمة تركز في ( الأولويات)..!!
:: وعلى سبيل المثال، قبل العام 1960، كانت تسمى بالسودان الفرنسي، ثم غيرت إسمها إلى ( مالي)، ولكن لم يتغير حالها إلى يومنا هذا بحيث لاتزال مالي إحدى دول العالم الثالث (النامية)..والنامية في التعريف السياسي – اسم دلع – تعني ( المتخلفة).. وجيبوتي أيضاً، قبل العام 1977، كان اسمها الصومال الفرنسي، وتغيير الاسم لم يحدث تغييراً في الحال، إذ لا تزال جيبوتي كما بلادنا وكل دول العالم الثالث ( نامية)..أي نائمة..وكذلك بوركينا فسو، الكنغو، ناميبيا، زامبيا و..و..كثيرة هي الدول التي غيرت الأسماء، ولكنها لم تغير أحوال شعوبها إلا نحو المزيد من ( الأهوال) ..!!
:: وعليه، أيها الأكارم، فلنبحث عن حلول قضايا الأحوال ( أولاً)، ثم بعدها قضايا الأسماء مقدور عليها..ومن المحزن أن نفكر في تغيير اسم البلد في خضم واقع مؤلم تغير فيه (شكل البلد)..ومن المدهش أن نفكر في تغيير اسم البلد في بحر حال أعوج تقزمت فيه مساحة البلد من مليون مربع إلى رقم لن نتواثق عليه ما لم نحرر حلايب والفشقة ثم نحسم ملف الحدود و مدائنها مع الجارة التي كانت اقليما من أقاليم بلادنا ..وقالوا لو أسرفت النخب في نقد التلفزيون و حركة المرور، فهذا يعنى أن أهل البلد بخير، ولاينقصهم غير تلفاز يملأ فراغهم وشوارع بسعة سياراتهم..فمن أخبر لجان الحوار الوطني بأن بلادنا بخير لحد السجال في نقد ( إسمها) ..؟؟
:: وعلى كل حال، إنتهت إجتماعات ولقاءات الحوار الوطني والمجتمعي، وتم تسليم مخرجات الحوار لرئاسة الجمهورية..وبالمناسبة، كانت تسمى بالتوصيات والبرامج والخطط والمشاريع منذ أن عرف الكون الحوار والنقاش والملتقى، ولكن لجان الحوار الوطني غيروها وأسموها (المُخرجات)، وهذا ليس مهما..مخرجات مخرجات،( ما فارقة معانا)..فالمهم هل في هذه المُخرجات – التي أغلقت مسيرتها الشوارع و الكباري – مخارج واضحة لأزمات الحكم والحرب والفقر والنزوح والهجرة وغيرها من (أهوال البلد)…؟؟
:: فالشاهد أن الحركات المسلحة بدارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان لم تضع السلاح وتشارك في مسيرة الفرح بالمخرجات، ولا الإمام الصادق وآخرين تركوا الخصام وشاركوا في مهرجان المخرجات، فهل في المخرجات مدخل للحركات والمعارضة بحيث لاتكون هناك حرباً ولا خصاماً بعد الدخول؟..نأمل ذلك عاجلاً، أي بوثبة أخرى – وأخيرة – وشجاعة تأتي بالسلام والتداول السلمي للسلطة.. ثم بعدها، نفرح بالمخرجات ونفكر في اسم السودان ( سمح ولا شين؟)..!!