محمود الدنعو

السوداني الطاعن


السوداني كمال حسن الذي طار نباؤه وطبق الآفاق بأنه الطاعن للجندي الإسرائيلي في عسقلان، والذي رد عليه أحدهم بالرصاص فأسقطه شهيداً، فتحول ما كان يطلق عليه مهاجرا إلى إسرائيل إلى إرهابي في وسائل الإعلام العبرية، وبينما وسائل الإعلام العربية احتفت به كأول عربي يسقط شهيداً في فلسطين منذ انطلاق النسخة الجديدة من الانتفاضة، أو ما باتت يطلق عليه انتفاضة (السكاكين) التي اندلعت منذ نحو أربعة أشهر.
المعلومات عن هوية الطاعن السوداني شحيحة ومصدرها السلطات الإسرائيلية التي اكتفت فقط باسمه وجنسيته وعمره الذي ناهز الـ32عاماً، ولكن لا يهم كيف وصل إلى إسرائيل متسللاً أو مهاجراً شرعياً أو غير شرعي، فالدولة العبرية نفسها غير شرعية ومهما كانت تفاصيل حكاية وصوله إلى عسقلان مروراً بالاعتقال في صحراء النقب من قبل سلطات الاحتلال، كل هذه التفاصيل كشفت عنها سلطات الاحتلال أم ظلت طي الكتمان، ليس ذات أهمية، فالعبرة بالنهايات ومسك الختام بطعنه للجندي الإسرائيلي وسقوطه مضرجا بدمائه وسبابته إلى الأعلى في الصورة التي بثتها وكالات الأنباء وتكفي هذه الصورة لأنه سقط بطلا من أجل قضية الأمة المركزية ليصبح أول عربي من خارج فلسطين يستشهد في هذه الانتفاضة الحديثة والمستمرة. والرواية الإسرائيلية تقول إن آخر ما نطق به كلمات عربية غير مفهومة لنحسن الظن، ونقول إنها الشهادة، فمن يطعن جندياً إسرائيلياً لا يستحق أن نطعنه في الظهر، فهو إن لم يقتل الجندي فيكفي أنه طعنه، فهناك الكثيرون الذين ملأوا الدنيا ضجيجا بالنضال، ولم يشك أحدهم دبوسا في يد جندي إسرائيلي.
وعدَّ محمد عصمت سيف الدولة، الباحث في الشأن القومي، السوداني كامل حسن الذي استشهد في فلسطين، أثناء تنفيذه عملية طعن، هو تكرار لما قام به السوري سليمان الحلبي إبان الحملة الفرنسية علي مصر. وقال في تغريدة له على حسابه بموقع التدوين المصغر (تويتر): “سليمان حلبي جديد في فلسطين استشهاد المواطن العربي السوداني كامل حسن في عملية طعن لجندي صهيوني في عسقلان”.
السوداني الطاعن دخل دولة الاحتلال قبل ثماني سنوات، ولكن كل ذلك للنسيان. فاللحظة التي ستبقي في التاريخ هي كما أوردها موقع (الحدث) الفلسطيني بكل فخر واعتزاز، عندما وصل حسن إلى محطة الحافلات في عسقلان، وعند وصول حافلة، انقض على جندي كان يجلس على أحد المقاعد العمومية، وطعنه بسكين، فسقط الجندي على الأرض. وهرب حسن من المكان، حينها بدأ الناس بالصراخ: “إرهابي.. إرهابي.. أمسكوه”. عندها وصل جندي آخر إلى المكان، فتناول بندقية الجندي المطعون، وأخذ يلاحق حسن، وعندما اقترب منه، صوب نحو وأطلق عليه النار، فأرداه شهيداً.