عبد الباقي الظافر

ابن من الحوار المجتمعي…!


كانت المروحية تطير في مدى منخفض جعل المشاركين في المسيرة يتحسسون رؤوسهم نهار يوم الاثنين الماضي .. المهمة التي أوكلت للمروحية كانت تصوير الحشود المشاركة في مسيرة رفع توصيات الحوار المجتمعي للسيد رئيس الجمهورية.. الشوارع المؤدية لوسط الخرطوم أغلقت من الصباح الباكر.. من لم تحدثه نفسه بالمشاركة في المظاهرة فقد دفع الثمن وعرف عظمة المناسبة.. مئات من الناس أصيبوا بحالة إغماء من شدة التدافع.. بعدها أكد والي الخرطوم أن نحو مليوني مواطن شاركوا في فعاليات الحوار المجتمعي في ولاية الخرطوم وحدها.
لكن أمس في قاعة الصداقة كان السفير ليمان مبعوث الرئيس أوباما يصغي باهتمام للبروفسور هاشم سالم المسؤول عن تنسيق فعاليات الحوار الوطني.. دهش الخواجة حينما علم أن لجان قاعة الصداقة لا علاقة لها بالحوار المجتمعي الذي أوقف الحياة البارحة بالخرطوم.. أمس في صحيفتكم آخرلحظة أكد البروفسور سالم أنه لا يعرف الكيفية التي سوف تنفذ بها توصيات الحوار المجتمعي.
علينا الإقرار بأن الحوار الذي تم في قاعة الصداقة كان سقفه عالياً.. المتحاورون في القاعات المغلقة أخرجوا الهواء الساخن من أفئدتهم.. المخرجات إن وجدت ضمانات التنفيذ وتم تبنيها من القوى الرافضة للحوار ربما تشكل مخرجاً ناعماً لبلدنا المأزومة.. الآلية التي تدار بها عملية الحوار في قاعة الصداقة فيها قدر من الشفافية.. الاتفاق على أي موضوع يستلزم إجماعاً بنسبة «09%».. إن لم يحدث ذلك يلجأ المختلفون إلى موفقين.. كما أن معظم القوى المشاركة معلومة النسب السياسي.
على النقيض من كل ذلك يأتي الحوار المجتمعي.. معظم المشرفين عليه من لدن البروفسور أبوصالح إلى المهندس ابوحراز لهم صلة بشمولية الإنقاذ.. الطوائف المكونة لهذا الحوار قوى بعيدة عن السياسة وتوالي الحاكم ولو كان كتشنر باشا.. مثل هذه القوى المشكلة من خليط يجهل تفاصيل العمل السياسي من السهل اختراقها.. وحينما يتم الاحتفاء بتوصياتها على هذا النحو المفاجيء علينا أن نتحسس قلوبنا.
هنالك عدة أسئلة تشكل هواجساً لكل مراقب حصيف.. ماذا إذا تصادمت أطروحات الحوار المجتمعي مع حوار قاعة الصداقة.. ما الذي يمنع القوى المتربصة بمخرجات الحوار أن تنصب كميناً في هذه الناحية.. هل كان من الصعب تمثيل القوى المجتمعية في الحوار الوطني وتوحيد المنبر.. هذه الأسئلة إجاباتها عند أهل السلطة.
في تقديري.. من الأوفق دمج مقترحات حوار القصر مع حوار القاعة.. النقاط المختلف عليها يتم دمجها مع تحفظات المعارضة الخارجية ويتم البحث عن منبر جديد ومستقل ليضع خارطة طريق نصل بها إلى التسوية الشاملة .
بصراحة.. الاهتمام الزائد بتوصيات الحوار المجتمعي يزيد من مخاوف الإجهاض على مخرجات الحوار الوطني.. في هذه الناحية قنبلة تحتاج إلى تفكيك قبل فوات الأوان.