صلاح الدين عووضة

عيب والله !!


*والقسم هنا للتأكيد بدلاً من أن أقول (عيب الشؤم)..
*عيب أن نظل نمارس (سخافة) الحشد المصنوع إلى يومنا هذا..
*فما رأيته نهار الاثنين في شوارع العاصمة ظللت أشاهد مثله منذ أيام نميري..
*منذ أن كنت يافعاً صغيراً وأنا أشاهد هذه (المناظر) بمعدل مرة في شهر..
*والذين هم أكبر منا اعتادوا على رؤيتها – قطع شك- في زمان عبود..
*مناظر الحشود التي تُجمع بالأوامر ثم يُطلق عليها مفردة (مليونية)..
*فهي ظاهرة (شمولية) اشتهر بمثلها ناصر وصدام والقذافي في محيطنا العربي..
*بينما لا نجد في الأنظمة الديمقراطية إلا الحشود (العفوية)..
*الطلاب ، الموظفون ، المهنيون ، الهامشيون ، العاطلون ، و(الرجرجة والدهماء)..
*كل أولئك يُحشدون ثم يُساقون إلى مكان الاحتفال كما البهائم..
*وتتعطل الأعمال والأشغال والمصالح والدراسة و(حركة المرور)..
*وسبب مسيرة الأول من أمس هو (تسليم مقررات الحوار المجتمعي)..
*و(أقطع ذراعي) إن كان غالب (المحشودين) هؤلاء يعرفون ما هي المقررات هذه..
*أو ما هي أهدافها وغاياتها ومراميها ومعانيها و(فلسفتها)..
*أو ما هو الحوار المجتمعي هذا نفسه (من أساسه)..
* سيما تلاميذ المدارس الذين ذكَّرني (حالهم) بحالي أنا خلال تظاهرة (قديمة)..
*تظاهرة كنت فيها تلميذ ابتدائي- مثلهم- ولا أدري سببها أصلاً..
*كل الذي أذكره أننا خرجنا نهتف إلى أن أدركنا التعب والعطش والجوع..
*ولما بلغنا حياً من الأحياء (حنَّت) علينا نساؤه فأسعفننا بجرادل الكركديه البارد..
*وكنت أستعرض أنواع (الدواليب) في ذهني وقتها وأتساءل عن علاقتها بأميركا..
*ولم أنتبه إلى أن المعني كان هو (الدولار) إلا بعد ذلك بأعوام عدة..
*وهي الأعوام ذاتها – ربما- التي سيدرك عندها تلاميذ تظاهرة البارحة معنى (مقررات)..
*فقط معنى هذه المفردة دعك من مصطلح (الحوار المجتمعي)..
*والخلاصة التي أود قولها هي أن نتخلص من ثقافة- أو سخافة- العهود (البائدة) هذه..
*فهذا هو زمان الحرية والديمقراطية والحشود (العفوية)..
*فما عاد هنالك مكان لمتعهدي الحشود (المصطنعة) ذات الهتافات المعدة سلفاً..
*وما عاد (دولاب) العمل يتعطل من أجل أن (يُحشد الناس ضحى)..
*وما عاد تلاميذ المدارس يُؤمرون بالاحتشاد صباحاً (تكبيراً للكوم)..
*وما عادت اللافتات ترفع وعليها عبارة (المسيرة المليونية)..
*وما عادت الشوارع تُغلق ليختلط حابل الراكب فيها مع نابل الراجل..
*وعيب والله يا والي الخرطوم هذه (العقلية) في زمان الألفية الثالثة..
*فقد ولى زمان (لا أمريكا ولا دولاب!!!).
(صحيفة الصيحة)