تحقيقات وتقارير

من تاريخ الغناء والموسيقى في السودان


أفردت ندوة العلامة عبدالله الطيب ندوتها رقم 405 لتناول كتاب الأستاذ معاوية حسن يس ( من تاريخ الغناء والموسيقى في السودان ) والذي صدرت المجموعة الكاملة له عن مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي وهو مكون من ثلاثة أجزاء صدرت تباعاً .. الجزء الأول قدمه الشاعر محمد المكي ابراهيم وقدم للجزء الثاني الدكتور عبدالله على ابراهيم والجزء الثالث قدمه الأستاذ النور حمد الترابي وخلال الأجزاء الثلاثة تابع معاوية مسيرة الحركة الفنية في السودان مما جعل الكتاب في مصاف الكتب التي تؤرخ للحركة الفنية التي كانت في أغلبها تعتمد على التوثيق الشفاهي .. تحدث خلال الندوة الأستاذ طارق المادح والأستاذ الزبير سعيد والدكتور الماحي سليمان ابتدر الحديث طارق المادح مشيرا الى اهتمام معاوية بالتوثيق وكتابه يعتبر الموسوعة الأولى في تاريخ الغناء والموسيقى في السودان وأضاف الكتاب يماثل كتاب الأغاني ( لأبي الفرج الأصفهاني ) الذي أصبح مصدرا من مصادر الثقافة العربية وقد سد فجوة كبيرة في مجال التوثيق للحركة الغنائية في السودان ويتصف بصفة المرجعية وقد قدم له عدد من خدام الثقافة السودانية وقد أكدوا أهمية هذه الموسوعة التي كسرت طوق الشفاهة في الساحة الثقافية وهو لم يعتمد على المكتوب فقط بل عاصر عددا من المخضرمين من دمتري البازار مرورا بجيل محمد وردي الى جيل محمود عبدالعزيز ووليد زاكي الدين ، وثق لشريحة حساسة تتسم بالجدل وتعدد الآراء وهي شريحة تتمتع بقدرة عالية من الابداع والابتكار ، المؤلف وفر مادة خام وبطاقة ابداعية يندر أن تتوفر لدى كثير من الناس وقد كان في غاية الوفاء للذين ساعدوه في الجمع والتصنيف ، وأهمية هذه الموسوعة أنها اهتمت بأميز منتجات الثقافة السودانية (الغناء ) وهو القاسم المشترك بين ميول جميع السودانيين ، وقد استفز الكاتب بحكم وجوده خارج السودان عدم رواج الأغنية السودانية خارج الوطن رغم جمالها وألقها وجمال كلماتها والأغنية السودانية شهد لها الكثيرون بأنها متميزة وأن السودانيين لهم خامة صوتية نادرة ، اهتم الكتاب بالتوثيق لعدد من المبدعين ويعتبر الكتاب من أعظم المؤلفات التي أضيفت للمكتبة السودانية خلال السنوات الأخيرة .
د. الماحي سليمان اتفق مع طارق في أن الكتاب يماثل كتاب الأغاني ، وهذا الكتاب يعد مفخرة للسودانيين ، تحدث معاوية عن الأغنية الحديثة وأشار الى حديث د. الماحي اسماعيل ص. 124 عن أن تحديد نوع الموسيقى ليس بنسبتها الى سلم بل بمعرفة طابعها واتفق معه على ذلك وأضاف أن المسميات والمصطلحات غير متفق عليها عالميا وأشار الى أن المدرسة الوترية هي بداية الأغنية الحديثة وقد تناول معاوية هذا الجانب باذهاب وقد سبقه في ذلك الهادي الصديق وبطريقة جميلة وقال أن الحزام السوداني كله يستخدم السلم الخماسي … معاوية في هذه المجموعة لم يقصر لكننا نحتاج لمن يغوص أكثر في التراث السوداني الغنائي كثير من الآلات الشعبية والمسميات تحتاج للتوثيق ، فقد ذكر معاوية ص 127 أن اسماعيل عبدالمعين قال أن السلم السباعي كان رائجا في السودان خلال الفترة التي سبقت المهدية ولا أعتقد أن ذلك صحيحا .. ص 251 اجتهد معاوية اجتهاد كبير في الحديث عن آلة الطمبور وهي آلة عالمية موجودة منذ الحضارة اليونانية القديمة مع اختلاف في الشكل وهي آلة لها دور حيوي ومهم في الموسيقى السودانية ومعاوية كان موفق في تناوله لها باعتبار أنها آلة لها فضل كبير في ترسيخ الموسيقى الخماسية السودانية وكذلك أفرد مساحة لآلة العود وركز على اسلوب برعي محمد دفع الله وهو من الذين أسسوا للنغمة الخماسية في السودان وارتبط بحنجرة ذهبية ( أبوداؤد ) وهي لا تقل عن ثنائية عثمان حسين وبازرعة والقرشي والشفيع .
الزبير سعيد أضاف لمن سبقه أن الكتاب يعد اضافة كبيرة للصحافة الفنية كمرجعية توثيقية ، وأشار الى أن ضعف البرامج الفنية والبرامج التي لها علاقة بالموسيقى والغناء يعود الى قلة الكتابة التوثيقية في هذا المجال وقد سد معاوية في كتابه فجوة كبيرة في هذا المجال .. حوار القوميات السودانية عبر السبعينات كانت سباقة ومتقدمة لكنها هزمت في مراحل سياسية مختلفة مما يجعلها لا تصل الى غاياتها مع هذا التنوع الموجود في السودان ونحن أكثر دولة لم تستفد من هذا التنوع و اشكاليتنا الحقيقية اننا لم نستفد من هذا التنوع ، أي عمل توثيقي بالضرورة القائم على أمره له اعتراف موضوعي بالماضي ومعرفة حقيقية بالواقع وقدرة على استشراف المستقبل ، وقد أشار كذلك الى أن أجهزة الاعلام المختلفة لم تكن أمينة في عكس التراث والموروث الغنائي السوداني وهذا نوع من البتر لوجدان الشعب السوداني من غير بنج وهذا مؤشر لغطاء هذه الأجهزة من الخلف بغطاء سياسي … أسئلة كثيرة أجاب عليها معاوية في كتابه هذا وذكر شخصية عظيمة هي محمد الضي آدم شقيق صالح الضي وهو الأمين المالي لاتحاد الفنين لعشرة دورات متتالية …. هذا البحث يحتاج لدراسة أوسع وهي مسئولية كبيرة تقع على عاتقنا اعتمادا على هذه المرجعية وختم حديثه بأننا اذا استوعبنا دور الموسيقى والغناء في السودان لما انفصل الجنوب نجن نحتاج لاعتراف يضمن في الدستور بأهمية الغناء لأن الحوار الذي يتم من خلال حركة الغناء من أكثر أنواع الحوار مصداقية لو أدركنا أهمية هذه الفنون لتداركنا كثير من المشاكل لأن الفن لا نفاق فيه والقومية مسألة أخلاقية .
حفلت الجلسة بالعديد من المداخلات بدأها الموسيقار يوسف الموصلي وقد أشار الى أنه قدم نقدا لاذعا للجزء الأول من الكتاب باعتبار أنه تجاهل التسلسل التاريخي لحركة الغناء في السودان وقال أن معاوية تقبل ذلك بصدر رحب وقال آمل أن يكون معاوية تدارك تلك الأخطاء في الجزئين الثاني والثالث وذكر بأنه لم يطلع عليهما … كامل عبدالماجد أشاد بالمجهود الكبير الذي بذله معاوية لحشده معلومات كثيرة نحتاجها للتوثيق للحركة الفنية كما أشار الى جهد جمعة جابر في هذا المجال ولكتاب قاسم نور عن المؤلفين السودانين وكلها جهود تصب في ذات المجال وهي جهود مقدرة وأكد على ضرورة الاهتمام بما يقال عبر هذه الندوات وضرورة التوثيق لها …. د. نادر أحمد الشريف أشار أيضا الى اختفاء التسلسل التاريخي في الكتاب الأول وأن المعلومات كانت فيه مضطربة والكتاب الثاني صاحبته العديدمن الأخطاء غير أن الجزء الثالث كان أفضلهم أتى بمعلومات جيدة عن الفنانين وهو مجهود ضخم جدا رغم الأخطاء الى جانب أن الكتاب أغفل ذكر شخصيات مهمة في الحياة الفنية في السودان كفاطمة الحاج لم يرد ذكرها في الثلاثة أجزاء ، وذكر بابكر الديب باسم زاهر الديب مع بعض الأخطاء التاريخية الكتاب لم يجد الرعاية التامة في التصحيح … عوض أحمد آدم اتفق مع نادر في اغفال الكتاب للعديد من الفنانين اضافة الى فاطمة الحاج أغفل مهلة العبادية وأحمد الفحل العطبراوي وآدم أبوطويلة وزكريا الفاشر وغيرهم كثر .

 

 

الوان


تعليق واحد

  1. ولكن انتهى هذا التاريخ ليصل إلى شريف الفحيل وأفراح عصام وأحمد الصادق وفاطمة عمر …ولا يحضرني كل مواهب النجوم الكاسفة في سماء الفن