الطاهر ساتي

قرار رقابي ..!!


:: (أسعار الأدوية تدفع الفقراء إلى الموت)، هكذا قالت مارغريت تشان، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، وهي تحارب إحتكار بعض الشركات العالمية لبعض الأصناف الدوائية .. ثم تقول دراسة موثقة لهذه المنظمة العالمية بالنص : ( أسعار الدواء في السودان هي الأعلى في هذا الإقليم، وتضاعفت أسعار بعض الأدوية (18 ضعفاً) عن أسعارها في المؤشر العالمي، ويعزى ذلك الى هامش الربح الكبير الذي تضعه شركات الأدوية غير الملتزمة بالتسعيرة و الى الرسوم الحكومية المفروضة عليها)..!!
:: وللأسف، السلطات الرقابية في بلادنا لا تكتفي بفرض الرسوم على الأدوية، وآخرها رسم (1%) بلا علم البرلمان.. ولكنها، في سبيل دفع الفقراء إلى الموت، تخلت عن مسؤوليتها الرقابية إلى أن بلغ الحال بيع الأدوية للمريض كما تشاء الشركة أو الصيدلية، وكأن هذه الأدوية سلعة تجارية وأسعارها ( محررة)..نعم بضعف السلطات الرقابية – وفساد مراكز قواها – تحول هذا القطاع العلاجي والخدمي في بلادنا إلى قطاع تجاري بلا رقيب.. ليتقاسم الفقراء الموت أو التسول بالروشتات ..!!
:: ومن وهن السلطات الرقابية المركزية في بلادنا، نفرح بالقرار الصادر عن البروفيسور مأمون حميدة وزير الصحة بالخرطوم و الذي يُلزم الشركات بعدم توزيع أدوية لا تحمل ديباجات الأسعار على صيدليات الخرطوم، ويُلزم صيدليات الخرطوم بعدم شراء أدوية لاتحمل ديباجات الأسعار، وذلك إعتبارا من منتصف مارس القادم.. شكراً للبروف حميدة على هذا القرار الرقابي، و لقد أحسنت جمعية حماية المستهلك عملاً بدعم هذا القرار عبر بيانها الصادر أمس، ومن حق أهل الخرطوم أن يفرحوا بهذا القرار الإيجابي مع مراعاة مشاعر الأهل بولايات السودان الأخرى..لكل ولاية سلطة رقابية على الأدوية وأسعارها، ولكنهم ينتظرون الخرطوم (جهلاً أو خوفاً)..!!
:: ولو كان للخمول المسمى بمجلس الأدوية – أعلى سُلطة رقابية و يرأسها وزير الصحة المركزية – إرادة وعزيمة لما أصدرت حكومة الخرطوم هذا القرار الخاص بمرضى الولاية، ولكن المجلس المركزي – رغم كل سلطاته الرقابية – بلا إرادة وبلا عزيمة، ولذلك صار حاله كما المواطن بلا حول ولاقوة..بالقانون، أسعار الأدوية بكل ولايات السودان هي ذات أسعارها بالخرطوم، ولكن هذا المجلس الرقابي – كما الشركات – لا يحترم القانون .. والعالم المتحضر من حولنا، بواسطة أجهزته الرقابية الفاعلة، تجاوز منذ عقود مرحلة رقابة الأسعار الرسمية بالديباجات إلى مرحلة نشر هذه الأسعار في المواقع الإلكترونية بحيث يكون المواطن – قبل السلطات – رقيباً على الأسعار .. !!
:: ولكن في دولة أبوقردة والعكد أسعار الأدوية مخبوءة في (كتاب محفوظ)، بطرف مجلس الأدوية فقط، بحيث لا يتمكن – حتى الصيادلة – من الوصول إليه، وناهيكم عن المواطن المستهدف بهذه الأسعار..أسعار الأدوية غير محررة يا مجلس الوزراء، ومُلزم وكلاء الأدوية بتسجيل أسعار البيع للمستهلك – بسعر الدولار – في دليل الأدوية بالمجلس، فما الذي يمنع هذا المجلس الكسول عن توزيع هذا الدليل الرسمي للصيدليات ونشره في موقعه الإلكتروني، بحيث يعرف المواطن سعر الدواء ثم يقاضي في حال مخالفة سعر الصيدلية لسعر (الدليل الرسمي)؟.. ما الذي يمنع؟.. ندع الإجابة لفطنة القارئ..!!