مقالات متنوعة

احمد المصطفى ابراهيم : الرائد لا يكذب أهله


أول خطبة خطبها الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة حين دعا قومه،حمد الله وأثنى عليه ثم قال:

” إن الرائد لا يكذب أهله، والله لو كذبت الناس جميعًا ما كذبتكم، ولو غررت الناس جميعًا ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إني لرسول الله إليكم خاصة، وإلى الناس كافة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحسانًا، وبالسوء سوءًا، وإنها لجنة أبدًا، أو لنار أبدًا .
خطبته عليه الصلاة والسلام لإعلان نبوته، ودعوته لقومه بعد نزول قوله تعالى: { وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ } وقوله جل شأنه: { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ } وقوله عز من قائل: { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ }{ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } .
ارتقى عليه الصلاة والسلام الصفا، وصاح بأعلى صوته: “واصباحاه” – وهي صيحة يصيح بها العربي حين يحس بخطر داهم يوشك أن يحيط بقومه أو عشيرته ،ثم أخذ ينادي يا بني فهر، يا بني عدي، يا بني كعب (لبطون قريش) حتى اجتمعوا فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا نعم ما جربنا عليك إلا صدقًا، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فال أبو لهب : تبًا لك يا محمد ألهذا جمعتنا؟ فنزلت { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } .

وقال ابن إسحاق : « ثم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس مرة أخرى فقال: “إن الحمد لله أحمده وأستعينه، نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. إن أحسن الحديث كتاب الله – تعالى – قد أفلح من زينه الله في قلبه، وأدخله في الإسلام بعد الكفر، واختاره على ما سواه من أحاديث الناس. إنه أحسن الحديث وأبلغه. أحبّوا من أحب الله. وأحبوا الله من كل قلوبكم (1) ولا تملّوا كلام الله وذكره، ولا تقسوا عنه قلوبكم، اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا واتقوه حق تقاته. واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم، وتحابوا بروح الله بينكم إن الله يغضب أن ينكث عهده والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته » .

_________

(1) أحبوا الله … الخ المراد أن يستغرق حب الله جميع أجزاء القلب فيكون ذكره وعمله خارجًا من قلبه خالصًا لله. وإضافة الحب إلى الله تعالى من عبده مجاز حسن، لأن حقيقة المحبة إرادة يقارنها تعلق بالمحبوب طبعا أو شرعًا .