عبد الباقي الظافر

كلام القصير..!


بإمكان الخرطوم أن تتجنب كل ذلك .. تلك العبارة قالها لي السفير برستون ليمان مبعوث الرئيس الأمريكي للسودان في قاعة الشارقة قبل أيام .. كان الرجل يجيب على سؤالي عن مجهودات واشنطن لفرض عقوبات جديدة على الخرطوم.. كان السفير العجوز يلمح لتسوية شاملة تجنب السودان الضغوط الدولية.. المندوب الرئاسي كان أكثر صراحة حينما أكد أنهم لا يؤيدون استخدام القوى لتغيير النظام السوداني.
أمس نشرت المجهر تصريحاً مهماً للسيد موسى محمد أحمد مساعد رئيس الجمهورية.. المساعد الأصغر دعى لضرورة طرح وثيقة الحوار الوطني على المعارضين الرافضين للحوار.. السيد موسى حاول أن يكون دبلوماسياً مراعاة لظرفي المكان والزمان.. عبر كلام هادٍ وموزون يحمل رؤى منطقية ألمح المحارب السابق أن الحوار سيكون منقوصاً إن لم تؤيده قوى سياسية وحركات متمردة.
واحدة من مشكلات الحوار الحالي استمساك الحكومة بعدم نقل الحوار إلى خارج السودان أو السماح لأي قوى إقليمية أو دولية بالإسهام ولو من باب الوساطة في إقرار التسوية.. الآن المشهد العام اختلف كثيراً بات للحكومة وحلفائها في لجنة «7+7» مشروع متكامل للمصالحة .. الإحساس أن النصاب اكتمل في ملف المصالحة يجافي الواقع.. لهذا من الأفضل أن تطرح قوى قاعة الصداقة مشروعها على المتخوفين.. تبدأ بأهل الداخل في قوى الإجماع الوطني وأحزاب يمين الوسط مثل حركة الإصلاح الآن ومنبر السلام.. بعدها ترحل إلى الخارج مسنودة بإجماع كبير وتطرح المخرجات على المعارضة الخارجية.. ليس من المتوقع أن يحدث توافق كامل على مخرجات حوار قاعة الصداقة ولكن الظفر بتأييد حزب الأمة وأي من الحركات العسكرية الرئيسة يمنح الحوار زخماً يحتاجه.
هنالك متغيرات على المشهد العام تجعل التسوية خياراً مقبولاً.. الحكومة السودانية ليست في حالة وهن للدرجة التي تجعلها ترفع الراية البيضاء وتوقع على مواثيق الاستسلام.. الخرطوم بذلت جهوداً كبيرة في تصفير المشكلات مع العالم الخارجي.. آخر من كسبتهم الجنرال سلفاكير الحليف الأساسي لقطاع الشمال.. الغرب تعلم من تجارب ليبيا وسوريا أن التغيير العنيف يولد الفوضى ويمنح الإرهاب بيئة خصبة للتوالد.. هذه المتغيرات تجعل الحركات المسلحة كمن يحاول الوصول إلى هدفه وهو يسبح عكس التيار.
ماذا عن متاعب الحكومة.. أكبر ما يواجه الإنقاذ تآكل الشعبية.. الحكومة تفقد كل يوم قطاعات واسعة من المؤيدين.. الانفضاض سببه طول البقاء في الحكم والإحساس بالفساد المستشري.. الإنقاذ استنفدت كل مشاريع التصبير وباتت في انتظار أقدارها.. في هذا المناخ من تساوي الضعف تصبح التسوية هي الخيار الأفضل لكل الأطراف المتخالفة.. من هنا تبدو الحاجة ماسة لإيجاد منبر مكمل لحوار قاعة الصداقة.
بصراحة.. بإمكان المجتمع الدولي أن يلعب دوراً إيجابياً في الضغط على فرقاء الساحة.. العالم الآن يبحث عن إطفاء الحرائق في كل مكان.. لا توجد مؤامرة إلا في خيالنا.