مزمل ابو القاسم

امرضوا بالنهار


* قبل فترة شرعت إحدى الزميلات في إجراء تحقيق صحافي حول قرار إداري أصدرته وزارة الصحة بولاية الخرطوم، وقضى بسحب ترخيص مستشفى خاص، وإيقافه عن العمل وتوفيق أوضاع مرضاه بنقلهم إلى مستشفيات أخرى، تبعاً لتقرير أصدرته لجنة تفتيش زارت المستشفى، وأفاد أن التجهيزات المتوافرة له لا تلبي الاشتراطات التي تطلبها الوزارة.
* أخذت الوزارة على المستشفى المعاقَب عدم تفعيله لأقسام الطوارئ والعملية الصغيرة والمعمل، وافتقارها إلى الكوادر المطلوبة.
* طلبتُ من الزميلة المذكورة إيقاف التحقيق، وذكرت لها أن أي مؤسسة علاجية لا تحوي أقساماً للطوارئ والعملية الصغيرة والمعمل، لا تستحق أن تحمل اسم مستشفى، ولا ينبغي أن يسمح لها بمواصلة العمل في مجال حساس، يتعلق بصحة الناس.
* في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول، تلقيت اتصالاً هاتفياً من الزميل الفاتح وديدي، المحرر العام لصحيفة (اليوم التالي)، أخبرني فيه بأن الزميل بهرام عبد المنعم تعرض إلى وعكة صحية مفاجئة، عقب فراغه من عمله بالصحيفة، وتم نقله إلى أحد المستشفيات الحكومية في مدينة بحري.
* هرعت إلى المستشفى، وسبقني وديدي مع الزميل محمد الخاتم، وأفاد التشخيص الأوَّلي باحتمال وجود التهاب في الزائدة الدودية، وتم تحويل بهرام إلى مستشفى بحري لإجراء فحص بالموجات الصوتية، لعدم وجود الفحص المذكور في المستشفى الأول ليلاً.
* نقلنا بهرام وهو يئن من الألم إلى مستشفى بحري، وهناك فشلنا في إجراء الفحص المذكور لعدم وجوده ليلاً.
* تحولنا من بحري إلى مستشفيين خاصين مرموقين في الخرطوم، وتلقينا الرد نفسه، لا يوجد فني موجات صوتية ليلاً، بخلاف اعتذار المستشفى الأول عن استقبال الحالة لعدم وجود (سرير) بقسم الطوارئ!
* في المستشفى الأخير بقي الزميل بهرام على أحد المقاعد قرابة الساعة، من دون أن يتلقى أي عناية طبية، والمفجع أن طبيب الطوارئ شرع في الحديث معنا عمّا إذا كنا (جاهزين) لتحمل قيمة عملية الزائدة الدودية، قبل أن يتم فحص المريض لتأكيد معاناته منها!
* سألنا: (عندكم تأمين؟)، (إنتو جاهزين لتكاليف العملية؟)، فقلنا له: هل ثبت لكم أن مريضنا بحاجة إلى عملية جراحية؟ وكيف استوثقتم من حاجته إليها قبل أن تخضعوه إلى أي فحص؟
* ارتفعت الأصوات ونحن نطالب الطبيب بأن يولي مريضه الحد الأدنى من العناية، ويفحصه أولاً قبل أن يتحدث عن كلفة العملية، فتم ذلك بعد لأي.
* اتضح أن بهرام يعاني من أعراض (حصوة) في الكلية، ولا علاقة لألمه بالتهاب الزائدة الدودية ولا يحزنون!
* نسأل: كيف تسمح الوزارة لمستشفيات كبيرة، تمتلك أسماء رنانة، بأن تعمل بغياب فنيي الموجات الصوتية وبقية الأجهزة التشخيصية الأخرى ليلاً؟
* الواقعة المذكورة محوَّلة إلى وزير الصحة بولاية الخرطوم، ومنه إلى إدارة المؤسسات العلاجية الخاصة، على أمل أن تفلح في معالجة هذا القصور المزعج، إلى ذلك الحين نقول لأهل الخرطوم: امرضوا بالنهار، لأنكم لن تحظوا بعناية طبية كافية إن توعكتم ليلاً! وعلى المقتدرين، أن يسافروا إلى الخارج أولاً ثم (يمرضوا بي حقهم)!


‫2 تعليقات

  1. احمدوا الله إنكم صحفيين (حنكم سنين) وإلا كان صاحبكم خضع لعملية الزائدة الدودية ودفع كامل المبلغ .. وقبل أن يكتب له خروج من المستشفى بساعات يكتشف الطبيب (صدفة) وجود حصوة بالكلية فيرجع ليكم ويسألكم (جاهزين) ويتم عمل عملية الحصوة بحساب جديد … احمدوا الله على الحنك السنين وألف سلامة لصاحبكم