الصادق الرزيقي

تساؤلات الاستفتاء؟!


> ليس هناك جدل أقوى في كل ولايات دارفور، ولا صوت يعلو فوق صوت الاستفتاء الذي بدأ العد التنازلي له، على وضع دارفور الإداري، وسيمارس أهل دارفور حقهم في التصويت، إما لصالح الوضع الحالي، أو الرجوع الى الإقليم الواحد. وقد بدأت عملية التسجيل بحماس كبير وسط المواطنين، وحسب المعلومات الواردة، فإن مواطني الولايات الخمس ومن يحق لهم التصويت والمشاركة، يسارعون في عملية التسجيل من أجل حقهم الدستوري في موضوع الاستفتاء الإداري، وتبدو ثمة ملاحظات مهمة يجب التوقف عندها، لقراءة الأوضاع في الولايات الخمس واتجاهات الرأي العام فيها.
> أولاً: بما أن الاستفتاء ورد في اتفاقيتي أبوجا في 2006م وفي وثيقة الدوحة 2012م، وكان نتيجة مطالبة الحركات المتمردة في كلتا العمليتين التفاوضيتين بإعادة دارفور إلى إقليم واحد، فالملاحظ هنا أن مواقف الحركات الموقعة على الاتفاقيتين متباينة، فرمز اتفاقية الدوحة الدكتور التجاني سيسي موقف غريب من الاستفتاء فهو مع فكرة الإقليم الواحد، لكن عليه أن يدعو ويعمل من أجل الاستفتاء ونجاح عملية إجرائه، لكن حركته تبدو في موقف غامض لا يفهم، فمن الواجب أن يكون أكثر المتحمسين لقيام الاستفتاء ويجب أن يعمل بجد واجتهاد لقيامه في موعده المضروب، بينما يعمل فريق آخر من غرمائه وحلفائه السابقين، مثل بحر أبو قردة ودبجو على تأييد فكرة الإبقاء على دارفور الحالية بولاياتها الخمس، فما الذي يدعو حركات دارفور لتغيير مواقفها السابقة أو البقاء في منطقة رمادية؟ إذا الدكتور التجاني سيسي وحركته مع خيار الإقليم، فإن الاتفاقية تلزمهم بالعمل سوياً مع الحكومة على حض الناس وتشجيعهم من أجل قيام الاستفتاء، فالمطلوب منه وحركته العمل بجدية كموقعين على وثيقة الدوحة التحلي بروح الفريق الواحد مع الحكومة وترك الخيار لأهل دارفور.
> ثانياً: ليس هناك نشاط سياسي مكثف في دارفور يترافق مع الإجراءات الرسمية التي تجري في شأن الاستفتاء، يجب أن تتاح فرصة لأهل الولايات الخمس، في الحوار والنقاش عبر الأنشطة السياسية المباشرة وغير المباشرة، لمعرفة ما هي فوائد الوضع الحالي وأهميته لمواطن دارفور، وما هي الصورة التي ستكون عليها المنطقة في حال الرجوع لصيغة الإقليم..؟ في حالة الولايات التي وسعت المشاركة السياسية وجعلت السلطة قريبة من المواطنين وقصرت الظل الإداري وحققت الكثير من الخدمات وأسهمت في تطور الحكم الولائي والحكم المحلي، لا سبيل للمواطنين في التخلي عن هذه المكاسب والعودة مرة أخرى لخيار الإقليم، حيث تتمركز السلطة في يد الحكومة الإقليمية وستصبح هذه عاجزة تماماً أمام التطورات التي حدثت خلال فترة الولايات في شتى مجالات الحياة، ومع بروز تحديات جديدة وواقع لم يكن مألوفاً في دارفور، فحكومة قابعة في الفاشر مثلاً في حالة الإقليم، لن تستطيع التعامل مع التغييرات الهائلة في دارفور سياسياً وأمنياً واجتماعيا ًواقتصادياً. فخيار الإقليم مجابه بأسئلة عديدة لا إجابات لها، خاصة إذا جئنا إلى نوع السلطات ومستوياتها، ومن أين تؤخذ والمال موارده المتاحة..
> ثالثاً: تُثار بعض النقاط الفعالة والمشروعة في ما يتعلق بالذين يحق لهم المشاركة في الاستفتاء، فشرط البقاء بدارفور ثلاثة شهور متصلة حتى موعد التسجيل، فيه حيف واضح ويمنع فئات كثيرة من التوصيت. فمن كان مقيماً وجاء مستشفياً في الخرطوم ومكث ثلاثة شهور في العلاج بالخرطوم سيحرم من المشاركة، وكذلك نواب الدوائر الجغرافية والدوائر النسبية من أعضاء المجلس الوطني ومجلس الولايات، وكذلك طلاب دارفور في الجامعات، يجب أن تعالج هذه المسألة التي حدد الإقامة للمدة المحددة شرطاً للتسجيل وأحقية المشاركة، ويمكن أن يفهم لماذا لا يشارك أبناء دارفور في ولايات السودان الأخرى أو المغتربين في الاستفتاء في أمر بهذه الخطورة والأهمية..؟ وكان لابد من النظر بعمق إلى هذه الزوايا، ثم الإقرار بأنه لابد من تذليل وتسهيل إجراءاته حتى يتسنى للجميع الإسهام فيه..