ضياء الدين بلال

أن تُصاب بالذبحة!


-1-
قناعتي لا تزال قائمة، بأن ما يفعله الدكتور مأمون حميدة، بوزارة الصحة بولاية الخرطوم، يستحقُّ عليه المساعدة والعون لا الإعاقة والإحباط!
على دكتور مأمون حميدة، ألا يتحسَّس من الانتقادات التي تصدر من بعض الزملاء من الكُتَّاب، فهي في أغلبها تعكس جوانب قصور في التجربة تستحق المعالجة بالتصويب والتقويم.
إسهاماً مني في دعم الاستراتيجية الطبيَّة الجديدة بولاية الخرطوم، أرغبُ في عرض بعض الملاحظات.
لديَّ تجربة شخصية في مسار طلب العلاج لقريبٍ لي من الدرجة الثانية، وسأُورد بعض تفاصيلها، لعلَّها تُسهم في لفت الانتباه إلى ما هو جدير بالعلاج السريع، لتصحيح المسار وتجنُّب الفشل.
-2-
ربما نحن كصحفيين، نظل في حاجة لتجارب شخصية تُسهم في تعميق فهمنا وإحساسنا بكثير من الأزمات.
قريبي لسوء حظِّه أُصيب بذبحة صدريَّة، وهو على سطح سفينة تحرَّكت من ميناء جدة إلى ميناء سواكن، لم يتلقَّ الإسعاف الضروري لعدم توفر حُقَنِ السيولة.
المعروف أن لمريض الذبحة ثلاث ساعات ذهبية، إذا وجد فيها العلاج المُناسب تكون فرص الشفاء أكبر، وثلاث إضافية يُصبح فيها تخفيف الأضرار ممكناً، وبعد الست ساعات تصبح إمكانية تدارك المخاطر شبه مستحيلة.
كان المريض في حاجة لقسطرة عاجلة، لتلافي الأضرار التي ستلحق بالقلب جراء الذبحة. وكان مفاجئاً بالنسبة لي ونحن نتابع حالته الصحية، عدم وجود قسطرة علاجية من بورتسودان إلى الخرطوم!
قسطرة مدني مُتعطِّلَة، وهي في الأساس لا تعمل إلا بحضور الاختصاصي من االخرطوم، وقسطرة عطبرة خارج نطاق العمل، والوضع الصحي للمريض لا يحتمل نقله بالطائرة!
-3-
ترتيب النقل عبر إسعاف بلا طبيب من بورتسودان إلى الخرطوم، تفوق تكلفته الخمسة آلاف جنيه، بتجهيزات طبية محدودة جداً غير قابلة للتعامل مع أي مستجدات سيئة!
والوضع على هذا الحال، يصبح محكوماً على أي مواطن في شرق السودان يصاب بذبحة أو جلطة بالموت، لعدم توفر التدخل المُنقذ للحياة، رغم أن ثمن القسطرة أقلُّ من سعر سيارة واحدة لمسؤول ولائي جاءت به الترضيات أو التسويات!
-4-
المفاجأة بالنسبة لي، تحولت إلى فاجعة عند وصول المريض للخرطوم من بورتسودان بالإسعاف. هل تُصدِّقُ عزيزي القارئ وجدنا القسطرة العلاجية بمستشفى الشعب معطَّلةً كذلك؟!
مستشفى الشعب المعني برعاية قلوب أبناء الخرطوم، من غير القادرين على تكاليف العلاج، بالمستشفيات الخاصة، القسطرة فيه معطلة عن العمل!!!
المفارقة الغريبة أن مستشفى الشعب الذي يستقبل مرضى الذبحات عبر الطوارئ، إلى فترة طويلة من الزمان، القسطرة فيه معطلة، ومستشفى أحمد قاسم الذي لا يستقبل الطوارئ به ثلاث قساطر!
عرفت كذلك أن في (6) محليات بالعاصمة الخرطوم، لا يوجد تصوير بالمستشفيات الحكومية للمرضى عبر (السي تي إسكان)، وفي مساحة كيلومترين يُوجد جهازان!
-5-
لاحظت خلال وجودي بمستشفى الشعب، أن المرضى في أوضاع بالغة السوء، وتجد عدداً منهم يفترشون البلاط وآخرين ينامون ويتلقون العلاج وهم على النقالات!
شعرت بتعاطف كبير تجاه الطواقم الطبية العاملة بمستشفى الشعب، فهي تبذل جهداً خرافياً لإنقاذ حياة المرضى رغم سوء الأوضاع وقلة الإمكانيات.
في العناية المكثفة بمستشفى الشعب، وجدت أحد مكاتب الاستخدام بالخارج قام بتوزيع إعلانات عمل بإحدى دول الخليج!
من الواضح وجود خلل كبير في المنظومة الطبية في البلاد، على إثر ذلك تتحمل ولاية الخرطوم عبء غياب الخدمات الطبية في الولايات.
-أخيراً-
أكبر مهدد لاستراتيجية نقل الخدمات الطبية من وسط العاصمة للأطراف، أن الخرطوم في حد ذاتها، بمستشفياتها الوسطية والطرفية، أصبحت مركزاً لاستقطاب المرضى من كل ولايات السودان.
موضوع الصحة يجب أن يُعالج بصورة كلية متكاملة، تتجاوز التقسيم الفيدرالي، فكل نجاح من الممكن تحققه في الخرطوم سيغتاله فشل قادم من الولايات.
من المستحيل أن تصبح الخرطوم جزيرة مستقرة طبياً في محيط من الفشل والفوضى!


‫2 تعليقات

  1. البشير وحاشيته لو الواحد عنده نزلة برد يعالج فى رويال كير واذا استعصت ففى الدول الاوربية .. الباقين يحرقوا والله لتسألن ياعمر البشير عن الدابة لو تعثرت والشعب السودانى كله متعثر وانت تقيم المستشفيات فى افريقيا باموال الشعب السودانى باسمك كانما ورثته عن ابيك .. اتقى الله وادخل احد المشافى فى هذا البلد المنكوب لترى بام عينينك التى سوف ياكلها الدود .