مقالات متنوعة

عبد العظيم صالح : قطر عجيب


٭ المثل السوداني يقول (قطر عجيب يودي ما يجيب).. لا أعرف من هو هذا الـ(عجيب).. ومع ذلك أتخيله سائق قطار من قطارات الزمن (السمح) .. ففي السابق تمتع السواق بمكانة كبيرة في المجتمع.. ونال بعض السائقين شهرة ونجوميه عالية تضاهي (فضاءات النجومية) الحالية.. تغنى الشعراء والفنانون للوري وللبص وللطائرة وللقطار، ووردت كثير من أسماء سائقين دخلت قاموس الإبداع والتوثيق الشعبي، منهم هذا العجيب. ٭ المهم الناس إذا تمنوا إبعاد شخص غير مرغوب فيه قالوا (قطر عجيب يودي ما يجيب) قلت في سري شيئاً قريباً من هذا والحكومه تعلن نيتها الخروج من قطاع النقل نهائياً.. طبعاً مثل هذا القول الذي جاء به وكيل وزاره النقل المهندس إبراهيم فضل. (ما جديد) الحكومه خرجت بالفعل من (زمان).. وما أظن باقي ليها شيء.. اللهم إلا بص الوالي، و(حاجات تاني حامياني). .والحاجات دي أطردوها بالباب ترجع تاني بالشباك بي (نيولوك).. الحكومة خرجت فعلياً في زمن لم يمكن فيه الهروب.. وانسحبت من (حق الشعب) بدون أن يغمض لها جفن .. بدأت حكايه (الخروج الآثم).. بتحطيم السكة الحديد وإخراجها من دائرة الفعل الاقتصادي لصالح (قوى) بعينها .. ثم إهمال النقل البحري وبيع البواخر السودانية واحدة تلو الأخرى بأبخس الأثمان.. وبمهازل أبكت البحارة السودانيين في عرض البحر، فاختلط ملح دموعهم بملح البحار.. أسى وضيماً وحسرةً، وجاء الدور على سودانير وحكاية (ضياعها) محفوظة ولا داعي لاجترار المآسي، ثم التفتت الهمة الحكومية الساعية لتحطيم أملاك الشعب فألحقت بواخر النقل النهريه بذات (المصير) الذي لحق بسفن البحر، والتي كانت تملأ أنفسنا فخراً عندما نرى علم السودان يرفرف عالياً خفاقاً على أرصفة الموانئ وفي أعالي البحار..
٭ ياشيخنا (إبراهيم)..الحكومة رمت (الطوبة) من زمان .. ولم يعد هناك شيئاً.. ربما الانسحاب الوحيد الذي يمكن أن نفهمه هنا ممارسة الحكومة لمفهوم التحرير (الجديد) والذي يتمثل في أن (تسد دي بي طينة ودي بي عجينة) للقطاع الخاص ليفعل ما يشاء وكيف يشاء.. هل سمعتهم بقطار النيل الذي يجري بين عطبرة والخرطوم.. لقد نجحت التجربة.. ولكن القطار المسكين (اسكوا فيهو كل يوم بالحجار وتعترضه المتاريس). ولا أحد يحرك ساكناً دي سياسه التحرير. فهمتوها؟