تحقيقات وتقارير

أنظروا لهذه التجربة.. كيف تصبح الكارو “موتر”؟ التجديد في أرض القاش + صورة


بإمكان مواطني مدينة كسلا أن ينتهوا من أغراضهم بسرعة، كما بإمكانهم أن يحملوها أيضا على جناح سرعة زائدة، فليس كما هو في السابق انتظار حمولة من مواد غذائية واستهلاكية أو شحنة أسمنت للحاق بطلية بناء (مستعجلة)، ليس السرعة هي غاية ما سيحققه قرار منظمة مجتمع مدني ابتدعت الفكرة ونفذتها، أيضا فإن وجه المدينة سيتغير بعد استبدال عربات الكارو التقليدية التي تجرها الحمير بمواتر نقل ذات سعة وسرعة تفوق الكارو.
وتنظر الحكومة التي دشنت العملية وسط فئات ضعيفة أنها ستحقق غاية رفع الدخول البسيطة، وستلقي بأثر عظيم في حضرية المدينة التي كانت تسمى بعروس القاش.

من عمق المجتمع
صحيح تظل مهنة (العربجي) إحدي المهن الشريفة، فيما سطرت عربة الكارو تاريخاً كاملاً بها في مجال النقل، لكن الحاجة للتحديث لا تمل في عالم متغير وقابل للتطور والمواكبة، وبخطة تفرست الواقع برزت فكرة مشروع استبدال الكارو بمواتر النقل، حمولة طن من خلال شراكة بين جمعية الكارو التعاونية وشركة بلو استار للاستيراد والتصدير تحت شعار (نحو مدينة حضارية نظيفة)، ولكسلا إرث معروف في التعاطي السياحي، حيث كانت ولا تزال قبلة الرواح والأفراح، وملهمة المبدعين والفنانين، لما تملكه من طبيعة خلابة قابلة لمثل تطبيق هذه الأفكار لتساهم في مزيد من رقيها وتطورها.

شباب طامح
الفكرة وتنفيذها لم يتجاوز وقتا طويلا، فلقد تصدى لها أحد شباب مدينة كسلا، وهو بشير أمين بشير رئيس جمعية الكارو بكسلا، فيما كان لاهتمام حكومة الولاية القدح المعلي في إنجاح المشروع، بجانب التعاون لأعضاء الجمعية والجهات ذات الصلة، وتمثل نجاح المشروع الضخم في إيقاف تدفق عربات الكارو داخل سوق المدنية كمظهر لا ينتمي لحركة التطور. بالنسبة لبشير نفسه، فإن نجاح المشروع لم تقابله عثرات كبيرة، لجهة التفاعل المجتمعي مع الفكرة، حيث يكشف عن استبدال (620) عربة كارو بواسطة مواتر نقل جديدة، فيما يشير إلى أنها المرحلة الأولى من المشروع الذي يهدف لإدخال (2200) موتر نقل إلى سوق العمل بدلا عن الكارو وساهمت تلك المواتر، كما يشير رئيس جمعية الكارو مساهمة فاعلة في كافة الجوانب المتعلقة بالنقل وسرعته المطلوبة.

مدينة بلا ركشات
وتقف مدينة كسلا على أرضية صلبة في مجال استخدام آليات النقل حيث انها بجانب عراقة المواصلات القديمة فإنها تخلو تماما من مواتر (الركشات)، حيث عرفت الأخيرة بمثالب كبيرة رغم ما تتمتع به من مرونة في النقل واختراق الأماكن الضيقة. ويقول أمين بشير إن المشروع يعد تجربة فريدة وحصرية بالولاية، ووجدت فكرة قيامه استجابة فاعلة من كافة شرائح المجتمع وخاصة أعضاء جمعية الكارو، وتبين من خلال عملية الحصر عن وجود 2200 كارو كانت تدخل يوميا إلى سوق المدينة العمومي.

تدريب وقيادة
لم تكتف الجمعية بدورها في تمليك المواتر لأفرادها وتحديث الأسطول الجديد فقط، بل قامت بتدريب وتأهيل سائقي المواتر الجديد لقيادتها عبر أكاديمية الطرق والجسور بالتسيق مع شرطة المرور، ولتسهيل عمليات التمليك شرعت في فتح حساب بعدد من البنوك بعدد (1800) حساب لدفع الأقساط التي تبدأ بـ(10) آلاف جنيه واستكمال المبلغ لعامين بإجراءات مبسطة من خلال مؤسسة التمويل الأصغر وفق سياسية بنك السودان لحل معاش الناس وتوفير سبل كسب المعيشة واستقرار الشباب، ووفرت الجمعية أيضا مراكز صيانة وأماكن لقطع الغيار توفير ورش صيانة بمدينة كسلا وبموجبه إتاحة الجمعية فرص لعدد كبير من الفنيين في مجال الصيانة مساحة جديدة لدخولهم.

مقر لصاحبة الإنجاز
لا يمكن أبدا إهمال دور منظمات المجتمع المدني حتى في الدول المتقدمة، وتصدي جمعية الكارو لمهمتها ودورها بهذا المستوى يستحق تكريما بجانب ما وجدته من اهتمام ودعم من الوالي الأستاذ آدم جماع آدم لما كان مشروع تحويل الكارو لموتر نقل حلما وأصبح حقيقة. ويأمل رئيس الجمعية بشير أن تحظى جمعيته بتوفير مقر لها لمواصلة مبادراتها بتغيير وجه مدينة كسلا للأجمل، وتستحق الجمعية عن جدارة هذا المقر لمواصلة إنجازاتها وتقديم نموذج يملي على الكثيرين أن يتخذوه مثالا في أدوار مفقودة في إطار منظمات مجتمع مدني تعج بها الولاية ومدن السودان دون أن يكون لها دورا مجتمعيا ووطنيا ملموسا، كما هو شأن جمعية صغيرة مثل جمعية أصحاب الكارو.
thumbnail.php?file=moter homar 106195570

سيف الدين آدم
صحيفة اليوم التالي