الصادق الرزيقي

الانفتاح الاستثماري وفرص نجاحه


> من الوهلة الأولى بدا الملتقى الاستثماري السوداني الذي انطلق أمس بمشاركة كبيرة من الدول العربية الشقيقة في مقدمتها شقيقتنا الكبرى المملكة العربية السعودية، وكأنه يأتي في توقيته الصائب، زمانه ومكانه وأهدافه التي تجلت في دقة الموضوعات المطروحة والآفاق العظيمة التي تم فتحها ليس للسودان محل وهدف الملتقى، إنما لتكامل الموارد الاقتصادية العربية والفرص المتاحة لنمو اقتصادي حقيقي في السودان مستنداً إلى النقلات الكبيرة التي حدثت للاقتصاد السوداني متزامناً ومترافقاً مع إصلاحات حقيقية في هياكل الدولة السودانية، جعلت من التشريعات والقوانين وظروف الاستثمار وبيئته أفضل بكثير ومهيأةً أكثر من أي وقت مضى لاستقطاب رؤوس الأموال العربية بتحقيق المنافع المشتركة.
> وظلت التحديات الحقيقية أمام الاقتصاد السوداني خاصة في القطاعات الحيوية الكبرى كالزراعة والموارد المعدنية والبترول والثروة الحيوانية التي تحتاج إلى الاستثمارات الخارجية واستقطاب رؤوس الأموال لتحريكها وزيادة الإنتاج فيها وتوسيع نطاق الاستفادة منها، وكانت هناك رغبة ملحة ومستمرة على الدوام من الحكومات العربية والمؤسسات المالية والصناديق في تطوير التعاون مع السودان، والوقوف بقوة خاصة مبادرة الرئيس حول الأمن الغذائي العربي، ولم ينخفض الاهتمام والحماس لدى الإخوة العرب بما يملكه السودان من إمكانات وموارد وثروات طبيعية ضخمة، وظل الأمل معقوداً عليها، وطرحت في فترات سابقة من خبراء ومسؤولين في الوطن العربي أفكاراً حول كيفية تكامل الموارد الاقتصادية العربية، حيث تواجه الدول العربية في الظروف الراهنة تحدياً كبيراً في الإنتاج الزراعي وإنتاج الغذاء وترقية الموارد وتنويع اقتصادياتها خاصة دول الخليج المعتمدة على النفط والغاز بصورة كبيرة.
> وبما أن المنطقة برمتها في ظل الظروف الراهنة وأزمة الغذاء العالمية، بحاجة إلى تعزيز التعاون والاستفادة من السوانح المتاحة، فمن الطبيعي أن يكون الملتقى الاستثماري الذي انطلق أمس بهذا الحضور الكبير من الوزراء العرب وكبار المسؤولين في المنظمات والمؤسسات المالية العربية والدولية، هو القاعدة التي تنطلق منها تطبيقات الاستراتيجيات التي وضعت وأقرَّت من قبل لضمان توفير ما تحتاجه الدول العربية من منتجات زراعية ومواد خام للصناعات التحويلية وتحقيق الكفاية من الإنتاج الزراعي والحيواني والمعادن.
> وتعد المنطقة من الأسواق الناهضة والضخمة في العالم، بجانب القارة الإفريقية البكر التي تتطلع إلى تعاون أكبر مع العالم العربي وتفتح أسواقها للتجارة والصناعات العربية، فالسودان بوابة نحو إفريقيا ويقدم من سنوات تجارب ناجحة في الشراكات الاقتصادية خاصة مع الصين ودول في جنوب شرق آسيا، وفي مجال التجارة البينية مع جواره الموجود، وكل هذا يؤهله للعب دور أكبر في نجاح التجربة الاقتصادية الجديدة التي ظهرت مؤشراتها من خلال الرغبة الكبيرة من الإخوة الذين شاركوا في الملتقى الاستثماري بأسماء بلادهم ومؤسساتهم وصناديقهم.
> إن استثمار الفرص الإيجابية من قبل المستثمرين العرب والأجانب في السودان، بتطور المناخ والواقع الاستثماري وتهيئة ظروفه، يفتح الطريق أمام شركات حقيقية منتجة يكون لها أثرها على مسار الاقتصاد السوداني، وتنعكس أيضاً على الإخوة في دولهم، ومن بين المؤشرات الكبيرة التي ستكون لها ثمار يانعة، هو الانتباه لأهمية التمويل التنموي خاصة في مجالات الطاقة والبنى التحتية والمياه والطرق، فلو استطاع السودان تحقيق معدلات عالية في هذا الجانب ستحقق الاستثمارات العربية والأجنبية فيه نقلات كبيرة جداً لا يمكن قياسها، ويمكن أن تكتفي منطقتنا العربية من احتياجاتها الفعلية في مجال المنتجات الزراعية واللحوم وغيرها.
> ما علينا فعله هو تقديم صورة جديدة عن بيئة الاستثمار في السودان والتسهيلات المتاحة، وإزالة كل العوائق التي تعترض المستثمرين، مع اتخاذ كل الوسائل المرنة والفاعلة في تقديم نماذج ناجحة لاستثمارات مشتركة تحقق التطلعات وتوفر الاحتياجات.
> هذا الملتقى هو عمل ضخم لا بد من النظر إلى آفاقه الواسعة التي تبدو أمامنا جميعاً نحن السودانيين وضيوفنا الكرام، وقد كان حديث السيد الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي فيه من البشارات ما يجعلنا نطمئن إلى أن أمتنا تسير في الاتجاه الصحيح.