جمال علي حسن

صغار الجديان.. نصراً هنيئاً


كل الذين يحاولون تحليل نفسية الأجيال الجديدة بشكل عام، وأعني أجيال عصر (الإسمارت) متفقون على أن هناك سمة أساسية تميز هذه الأجيال القادمة وهي سمة إيجابية وسلبية في نفس الوقت.. بكونهم لا يقبلون الفشل.. وهذه صفة إيجابية بالنظر إلى طموحاتهم الكبيرة في تحقيق النصر من أول محاولة.. لكنها سلبية من ناحية فقدان الاستعداد للمحاولة مرة أخرى..
وأكثر ما شجعني لمتابعة ما استطعت متابعته من مباريات بطولة كأسر قناة (ج) القطرية للأطفال تلك الروح الوطنية الدسمة التي يتشبع بها هؤلاء الأشبال الصغار.. ودائماً هي الأمور هكذا فالحس الوطني للسودانيين يرتفع في بيئات المنافسة مع الآخرين ثم يتراجع أحياناً إلى قائمة الانتماءات الأخرى حين نتنافس في ما بيننا ..
ثم تحمست أكثر وأنا أتابع استديو رياضيا في قناة جيم حول البطولة وحظوظ الفرق المشاركة فيها وقد كان تيم السودان الذي يمثله فريق مدرسة محمد عبد الله موسى بولاية الجزيرة قد أظهر تقدماً في المراحل الأولى للبطولة فأرسل شخص ما رسالة إلكترونية لهذا الاستديو التحليلي يسخر فيها من فريق السودان ويقول: ماذا فعلت فرق الكبار في السودان حتى نتفاءل بقدرة فريق أشبال وأطفال سودانيين؟ .
الرسالة كانت مستفزة جداً ولكن أعجبتني تعليقات (الكباتن) داخل الاستديو والذين وصفوا صاحب الرسالة بالجهالة والعنصرية وقالوا له إن الفرق السودانية الرائدة في كرة القدم في المنطقة هي التي علمتنا كرة القدم.. أو حديث بهذا المعنى .
المهم أن هذه الرسالة جعلتني أشعر بحجم أكبر لهذه المنافسة وإحساس أعمق بها وأمل في هؤلاء الصبية البارعين صادف أهله حقاً، وهم يتقدمون بخطى واثبة لا تقبل بما دون النجوم وبما دون الكأس..
وقدموا مستوى مبهراً للجميع، مهارات رفيعة وفكر كروي متقدم.. وإحساس وطني فريد من نوعه تحكيه الدموع وتسقيه المآقي..
ما أجمل أن يكون لك وطنٌ تعشقه بكل هذا الإحساس الذي حقق به هؤلاء النصر الباهر في الوقت القاتل والدقيقة الموجعة والمفرحة! .
الرسالة البليغة في فوز أطفال السودان بكأس (ج) واستحقاق التيم السوداني المنافس في هذه البطولة للعلامة العربية الكاملة، أن سودان المستقبل واعد بالكثير من الانتصارات والأفراح التي نأمل أن تمسح ما كان قبلها من دموع ألم وهزائم وخيبات وعثرات يواجهها الوطن الآن هنا وهناك..
سيكون لنا الغد، لو أخلصنا العمل للمستقبل وأحسنَّا التخطيط ورعاية مثل هذه العقول والزهور المتفتحة، ولم ندس عليها ونسحق إحساسها تحت أحذية الحرب والقتال والانهزام الداخلي .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين