رأي ومقالات

بس دي تبقى رشوة


جزا الله عنا الزعيم عادل امام كل الخير ..فقد اتحفنا بكلمات وعبارات صارت امثالا وحكم …وقصصا تروى للاجيال القادمة ..أذكر انه في مسرحية (الواد سيد الشغال)..عندما اتى المخبران للبحث عنه ..ولم يتعرفا عليه ..وهما في طريقهما للخروج يقول لهما (ما تؤعدوا تأكلوا حاجة)..فيجلس الرجلان بفرحة ظاهرة ..هنا يغير الزعيم صوته ليصير اجشا ويقول لهما (بس دي تبقى رشوة)..فينتفض المخبران ويسرعان بالخروج …كنت وصديقتي نستخدم دائما جملة عادل امام (بس دي تبقى رشوة ) للتعبير عن اي مخالفة تعترضنا أثناء العمل..فقد كنا ندرج كل المخالفات الادارية تحتها.. حتى حكت لي صديقتي موقف حدث لها مع مديرها الأسبق …الذي كان قد أصدر امرا بوقف التدريب في كل الأقسام حتى يتم ترتيب بعض الامور وتأهيل الاجهزة …ذات صباح اتت اليها فتاة ..ابرزت شهادات تخرجها حديثا وقالت لها انها تريد التدرب في القسم الذي تتولى ادارته ..اعتذرت لها بهدوء بان هناك امر اداري بوقف التدريب الى حين …عليها ترك رقم هاتفها عند ادارة التدريب ..وعند فتح الباب مرة أخرى سيتم الاتصال بها ..شكرتها بهدوء وذهبت الى حال سبيلها ..او هكذا ظنت ..حتى اتاها استدعاء الى مقابلة المدير على عجل ..دخلت مكتبه ..بادرها مباشرة (دكتورة ..البت الجاتك دي قريبتي وعايزة تتدرب في قسمك)..قلت له (جدا يا بروف ..افتح التدريب ونحن ننزلها طوالي الاسبوع الجاي أصلا في عدد من الخريجين طالبين التدريب ومنتظرين اننا نفتح المجال)…نظر اليها مليا وقال (ما حافتح التدريب ..تدربوها هي ..وتدوها شهادة كمان )…ساد الصمت برهة ..قبل ان تقول له عبارة عادل امام (بس دي تبقى رشوة يا بروف)…ضحك عاليا وقال لها (لا ..دي اسمها محسوبية)….بعد تلك القصة عرفنا انا وهي الفرق بين الرشوة والمحسوبية ..الرشوة فيها (اكل )…بينما المحسوبية هي محاباة البعض على حساب الاخرين ومنحهم فرص لا تتاح للغير .. وحكينا القصة دي لييييه؟؟ ..ذلك انني وطوال فترة الاسبوع الماضي كنت أفكر في تلك السيارات التي تم منحها للسادة النواب بدون مقدم ..واعفاء من الجمارك والضرائب …وعلى اقساط مريحة لعدد من السنوات ..ثم الدعوة المجانية لالتهام (الشية) ..بعد الجلسة التي تم فيها الموافقة على زيادة تعريفة المياه …فتذكرت تلك القصة التي درسناها في الاساس ..عندما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم احدهم لجمع الزكاة فعاد وقال له (هذا لكم وهذا اهدي الي ) ..فقال عليه أفضل الصلاة السلام فيما معناه (هلا جلست في بيت أبيك وأمك ..فتنظر ايهدى اليك ام لا؟)…هل سأل احد النواب نفسه هذا السؤال ..هل لو جلس في بيت أبيه وأمه ..هل كان سيمنح سيارة بكل هذه الاعفاءات ؟؟ هل لو جلس في بيت أبيه وأمه هل كان سيدعى الى دعوة مجانية يستقل فيها سيارة الحكومة التي يدفع ثمن وقودها الضعفاء من قومي..؟؟ …قلت لنفسي ربما هم لا يعلمون مثلي الفرق بين الرشوة والمحسوبية ..ربما كان علينا ان ندرجها ضمن مواصفات الوظيفة قبل دخول احدهم البرلمان …او كان من الممكن توزيعها على شكل مطبقات صغيرة اثناء الجلسات التي يتم فيها التصفيق الحار لأي قرار بزيادة سلعة ما او رفع الدعم عن اخرى …ربما كنا نحن المخطئين منذ البداية ..لكل ما سبق ولاجل استدراك ما قد يحدث لاحقا …لذلك لزم التنويه ..أيها السادة النواب ..تلك السيارات التي أتتكم مع امتيازات لا ينالها بقية الشعب داخل السودان او خارجه ..تندرج تحت بند المحسوبية …اما الدعوة المجانية ..لأكل الشية في الهواء الطلق التي لبيتموها بطيب خاطر …تلك لا يحق لنا الا ان نقول لكم فيها (بس دي تبقى رشوة).

د. ناهد قرناص


‫5 تعليقات

  1. نواب البرلمان ديل مفروض يجلسوا فوق كانون مليان جمر وفي منتصفه خازوف
    عدا الزول السكى المطيع داك ما يجلس معاهم

  2. كنت أتابع غضب المصريين على رفع الدعم عن بعض الأشياء ، ثم تفاجؤوا بالسجادة الحمراء التي فرشت ليسير عليها موكب السي سي
    كنت أرثى لحالهم وأردد الشر بعييييد

    أتاري الشر مش بعيد ولا حاجة والحال من بعضه وكلنا في الهم شرق

    كيف ؟…لماذا ؟ تسربلتم بلباس الدين حتى خيل إلينا ” الصحابة يبعثون في بلادنا ”

    فإذا بهم ابن سلول وجماعته !!

    واضح أنكم رضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة …وغلبت عليكم شقوتكم …

    ولم تكونو أبدا مثل مصعب بن عمير الذي كان كفنه من العشب

    ولم تكونو كأبي الدرداء الذي كان فرشه حصيرا ..ولم تكونوا كأبي ذر الذي اعتزل ويبعث يوم القيامة وحده

    ولم ولن تكونوا مثلهم أبدا يا طالبي الدنيا الرخيصة ، وما كنتم طالبي الآخرة كالذين استشهدوا في أحراش الجنوب

    صدق من قال : من أين جئتم ياهؤلاء ؟ أقول لكم مقولة علي رضي الله عنه : والله لقد ملأتم قلبي غيظا وغلا
    في مصر أقله معروف أن الفرعون علماني وكل النظام

  3. الله صدقت يا ساخرون ، هؤولا يتبرى من عبد الله ابن سلول و مسيلمة الكذاب ،

  4. مقال رائع الاسلوب رشيق والموضوع هادف وفي الصميم لك التحية يا دكتورة