تحقيقات وتقارير

(152) حزباً سياسياً وحركة مسلحة المشهد السياسي .. تشظي وانقسام واختلافات!!


(38) حركة اختارت السلام و(12) تناصب النظام العداء

القوى السياسية بالبلاد تفوق كيانات الاتحاد الأوروبي مجتمعة

من يريد التقصي من أجل الوصول إلى معرفة عدد الأحزاب بالسودان والحركات المسلحة، فعليه التحلي بالصبر والتسلح بأكثر من مصدر لجهة أن غياب الإحصاءات الرسمية والاكتفاء بالأحزاب المسجلة رسمياً لا يوضح الحقيقة لأن عدداً منها ما يزال قيد التسجيل وأخرى لم تتوجه صوب مسجل الأحزاب، أما الحركات المسلحة فهي مثل الرمال المتحركة لا تعرف الثبات على رقم محدد، فكلما أشرقت الشمس زاد عددها، ومن خلال تقصينا في هذا الموضوع اكتشفنا أن عدد الأحزاب والحركات المسلحة بالبلاد يبلغ 152 تنظيماً سياسياً ومسلحاً، وهو رقم يتجاوز عدد الأحزاب مجتمعة بدول الاتحاد الأوربي، كما أكدت إحصاءات مستقلة، لماذا هذا التشظي وإلى متى يستمر، وما هي إيجابياته وسلبياته؟

رفض الحوار
وفي إطار تقصينا المضني والمرهق في سجلات الأحزاب السودانية التي ضربتها ايضًا رياح التشظي والانقسام التي باتت طابعاً مميزاً للمشهد السياسي بالبلاد منذ استيلاء الإسلاميين على السلطة قبل 26 عاماً، فقد توصلنا الى أن 40 حزباً رفضت تلبية دعوة الحوار الوطني واختارت الجلوس على رصيف المعارضة، والكثير منها يبدو غير معروف لرجل الشارع العادي، إلا أنها معترف بها من مجلس الأحزاب وهي: الأمة القومي، قوى السودان المتحدة، التحالف الوطني السوداني، حزب حركة القوى الجديدة “حق”، المؤتمر السوداني، الاتحادي الديمقراطي الموحد، اللواء الأبيض، القومي الديمقراطي الجديد، الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي، الوطني الاتحادي، منبر السلام، الشيوعي، البعث، حركة الوعي الديمقراطي، البعث العربي الاشتراكي، البعث العربي الاشتراكي الأصل، الوحدوي الديمقراطي الناصري، التضامن الإسلامي الديمقراطي، الإصلاح الآن، المنبر الديمقراطي لشرق السودان، التواصل، تحالف قوى الشعب العاملة، الرباط القومي، الاشتراكي المايوي، وحدة وادي النيل، القومي السوداني المتحد، التحرر الوطني، الشرق للعدالة والتنمية، التواصل القومي، المستقلون القومي التلقائي، تجمع الوسط، اتحاد قوي الأمة، اتحاد الفونج القومي، والاتحادي الديمقراطي الليبرالي، الديمقراطي الليبرالي الموحد، الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي، حزب الأمة الوطني.

إلى قاعة الصداقة
أما الأحزاب التي اختارت الجلوس إلى طاولة الحوار الوطني بقاعة الصداقة فقد بلغت 45 حزباً مسجلاً وهي: الإمة الإصلاح والتنمية، النهضة القومي، اللجان الثورية، الشرق الديمقراطي، القومي السوداني الحر، التجمع الوطني القومي، السودان أنا، المؤتمر الشعبي، العدالة، الوطن، المؤتمر الديمقراطي الاجتماعي، الحقيقة الفدرالي، الأمة المتحد، الحركة القومية للسلام والتنمية، الأمة الوطني، الأسود الحرة، الإصلاح الوطني، الاتحادي الديمقراطي، الحركة الشعبية جناح السلام، القوى الشعبية للحقوق والديمقراطية، المؤتمر الوطني، العدالة القومي، الجبهة القومية السودانية، تحالف الشعب القومي، التحرير والعدالة القومي، التحرير والعدالة، الأمة الفدرالي، الاتحادي الديمقراطي الأصل، مؤتمر البجا، مؤتمر البجا الأصل، السودان الحديث، الدستور، التقدم والعدالة الاجتماعية، الإرادة الحرة، الأمة الإسلامي، الديمقراطيون الأحرار، الاتحاد الاشتراكي السوداني، تنظيم المؤتمرات الشعبية، الإخوان المسلمون، الوسط الإسلامي، مؤتمر وادي النيل، واتحاد عام جنوب وشمال الفونج، الاتحادي المسجل، حزب الأمة السوداني القيادة الجماعية، حزب الأمة للإصلاح والتنمية، الإمة الإصلاح والتجديد، الإخوان المسلمون في السودان.

الحركات.. التناسل الضار
أما على صعيد الحركات المسلحة التي تشارك في الحوار الوطني فقد ارتفع عددها إلى 38، وهو أمر يدعو للدهشة لضخامة عدد الحركات الدارفورية المسلحة وهي: حركة تحرير السودان (جناح الوحدة)، حركة جيش تحرير السودان (القيادة العامة)، حركة جيش تحرير السودان (القيادة التاريخية)، حركة تحرير السودان (جناح حسن النيل)، حركة جيش تحرير السودان (راغبو السلام)، حركة جيش تحرير السودان (القوى الثورية)، الحركة الديمقراطية لجيش تحرير السودان، حركة جيش تحرير السودان (القائد محمدين)، حركة جيش تحرير السودان (قوى المقاومة)، حركة العدل والمساواة (جناح السلام والتنمية)، حركة العدل والمساواة (القطاع الأوسط)، حركة العدل والمساواة (جناح السلام)، حركة العدل والمساواة (مجموعة بحر)، حركة العدل والمساواة (دبجو)، حركة العدل والمساواة (الوحدة الوطنية)، حركة العدل والمساواة (القيادة التصحيحية)، حركة العدل والمساواة (القيادة الجماعية)، حركة العدل والمساواة الجديدة، حركة الخلاص، الإرادة الحرة، حركة المجموعة الوطنية لتصحيح مسار أزمة دارفور، الحركة الشعبية لأصحاب المصلحة الحقيقيين، الحركة الوطنية القومية للتغيير السودانية، الجبهة الثورية السودانية الديمقراطية، حركة كردفان للتنمية والسلام، شهامة، تماس 56، حركة جيش تحرير السودان (الثورة الثانية).

موقف ضبابي
وفي إطار تقصينا، اتضح لنا وجود عدد مقدر من الأحزاب والتنظيمات السياسية التي لم يعرف لها رأي واضح حيال الحوار الوطني، هل هي معه أم لا، ومعظمها غير مدرج ضمن قائمة الأحزاب التي جلست الى طاولة الحوار بقاعة الصداقة، فيما لم تعلن رسميًا وقوفها مع الأحزاب الممانعة للحوار، وقد وصل عددها محطة السبعة عشر حزباً وهي: وحدة وادي النيل، المنبر الديمقراطي لجبال النوبة، تنظيم قوى المستقبل، القومي السوداني، العدالة الأصل، جبهة الشرق، كوش، السوداني الوحدوي، التمكين، مؤتمر الخريجين والاتحاد الاشتراكي وغيرها.

الأمة القومي والنزيف
من أكثر الأحزاب التي تعرضت لحملة شرسة من المؤتمر الوطني لإضعافها هو حزب الأمة القومي الذي يعتبر من الأحزاب القليلة التي ظلت متمترسة خلف حاجز رفض التقارب مع النظام الحاكم والمشاركة معه في الحكم رغم العروض الكثيرة التي بذلت لحزب الأمة من قبل المؤتمر الوطني الذي سعى خلال عشريته الأولى إلى تحجيم تحرك الحزب وسط جماهيره العريضة التي وقفت وراء اكتساحه آخر انتخابات ديمقراطية في عقد الثمانينات، خاصة بعد انضمامه عقب مؤتمر المعارضة الذي شهدته العاصمة الإرترية أسمرا في العام 1994 والذي تمخض عنه تحالف معارض ضم بين صفوفه معظم الأحزاب السودانية الكبيرة بالإضافة إلى الحركة الشعبية، وحتى العام 2000 كان الحزب الكبير والجماهيري متماسكاً، إلا أن السياسة التي انتهجها المؤتمر الوطني لاحقاً دكت حصون الحزب العريق والذي تعود انشطاراته أيضاً إلى ما يراه البعض هيمنة مطلقة من قبل رئيسه التاريخي الإمام الصادق المهدي.

وفي كل الأحوال فإن ثمانية أحزاب تشارك في الحوار وأخرى تعارض خرجت من رحم حزب الأمة القومي غير أنه ما يزال يحتفظ ببريقه وأبرزها: الأمة الإصلاح والتنمية، الأمة المتحد، الأمة الفدرالي، الأمة الوطني.

الاتحادي يدفع الثمن
رغم أن الاتحادي الأصل اختار في بداية هذه الألفية المشاركة في السلطة إلا أنه لم يسلم من رياح الانشقاقات التي يرجعها الكثير من المراقبين إلى السياسة التي يدار بها الحزب من قبل مولانا محمد عثمان الميرغني، وكذلك لم يستثنوا المؤتمر الوطني من مسؤولية تشظي الحزب العريق إلى فرق وطوائف بعضها اختار الجلوس إلى طاولة المعارضة ناقدًا وناقماً على مشاركة الحزب الكبير وقادحاً في سياسة المؤتمر الوطني، وأيضا تجاوزت أحزاب وفصائل الاتحادي السبعة وأبرزها الاتحادي الديمقراطي الموحد، القومي الديمقراطي الجديد، الوطني الاتحادي والاتحادي الديمقراطي الليبرالي، الاتحادي الديمقراطي، والاتحادي المسجل.

أحزاب الشرق.. الهبباي تُشتِّت شملها
حينما تهب رياح الهبباي على جبال البحر الأحمر فإن رعاة الإبل أكثر ما يحرصون عليه هو ألا تتسبب في “تشتيت” الإبل، وسياسة حرص البدويين لم ينتهجها قادة جبهة الشرق الذين ضربت هبباي الخلافات تنظيمهم مبكراً، وأسهمت في تشظيه في المرحلة التي أعقبت توقيع اتفاقية أسمرا في عام 2006 الى ثلاثة أحزاب وهي مؤتمر البجا، حزب الشرق الديمقراطي والأسود الحرة، وذلك بواقع حزب لكل قائد من قادة الجبهة، موسى محمد أحمد وآمنة ضرار ومبروك مبارك سليم، لتستمر ساقية الانقسامات تدور بأحزاب الشرق التي وصلت إلى اثني عشر حزباً، منها مؤتمر البجا القومي بزعامة شيبة ضرار والشرق للعدالة والتنمية وغيرها وحتى حزب التواصل الذي أسسه الزعيم حامد محمد علي طالته رياح الانقسام.

الحركات.. من رحم حركتين
أما الحركات المسلحة، فقد ضربت الرقم القياسي في التشظي والتشرذم، وإلقاء نظرة عابرة على المشاركة منها في جلسات الحوار الوطني توضح مدى التباعد والانقسام الذي ضربها بقوة خلال ثلاثة عشر عاماً فتحولت من حركتين تتمعتان بتأثير عسكري وتحظيان بتأييد شعبي إلى خمسين حركة، أربعون منها اختارت الحوار الوطني فيما لا تزال اثنا عشر ترفض مجرد التقارب مع الحكومة رغم جولات التفاوض الخارجية.

ومن خلال استعراض أسماء هذه الحركات يتبين أن عشر منها انشقت من حركة تحرير السودان التي يترأسها عبد الواحد محمد نور، فيما انفصلت 14 حركة مسلحة من حركة العدل والمساواة، وهي أرقام توضح حجم الأزمة التي ضربت حركات دارفور والتي وبعد مرور ثلاثة عشر عاماً على اندلاع الأحداث بالإقليم الغربي تلاشى وجودها العسكري. وفي ذات الوقت انخفض التأييد الشعبي الذي كانت تحظى به في السابق. ويبدو عددها مرشحاً للزيادة في المرحلة القادمة رغم مطالبة الكثير من قادتها بضرورة الاندماج.

ظاهرة سودانية بامتياز
حول هذا العدد الكبير من القوى السياسية يؤكد الناطق الرسمي باسم حزب التحرير والعدالة القومي أحمد فضل أن التشظي ليس وقفاً على الحركات الدارفورية، ويؤكد في حديث لـ(الصيحة) أن الأحزاب السودانية عامة مصابة بذات الداء، وقال: إذا كانت توجد 50 حركة مسلحة فيقابلها مائة حزب، وهي ظاهرة طالت كل التنظيمات السياسية وأنها ليست صحية، وقال إنها تحتاج لوقفة لمعرفة الأسباب التي جعلت التشظي عنواناً بارزاً للقوى السياسية بالبلاد، وأضاف: أعتقد أن أفضل وقت لتناول هذه الظاهرة هو الراهن، وذلك لتزامنه مع مجريات الحوار الوطني، وأرى ضرورة أن يطال الإصلاح التنظيمات السياسية من أحزاب وحركات، لأنها ترفد الحكومة بالكادر الذي يدير الدولة، وإذا لم تكن بها إصلاحات ستظل الأزمة قائمة، وأدعو كل القوى السياسية والحركات المشاركة في الحوار النظر إلى هذه الظاهرة ودراسة إمكانية تقليل عدد القوى السياسية، عبر توحيد الأحزاب والحركات ذات الخلفية الفكرية المشتركة، وهذا يحتاج لحوار عميق للوصول الى مشتركات، وفي تقديري إذا الأمر يتوقف على مصلحة الوطن والمواطن فلا أرى سبباً يمنع الحركات والأحزاب من التوحد لأن عددها كبير.

أسباب متعددة
وعن أسباب تشظي الحركات الدارفورية والأحزاب، أشار وزير الصحة ورئيس حزب التحرير والعدالة، بحر إدريس أبوقردة، في حديث لـ(الصيحة) إلى أن الأسباب متعددة ولكن أبرزها سلوك قادة الحركات الذين دمغهم بممارسة الديكتاتورية وإقصاء أصحاب الرأي المخالف، وقال إن المنضوين للحركات رفضوا الظلم فكيف يقبلون به في كيانات اختاروها لرفع الظلم عن أهلهم، ورأى أن التشظي ليس حصرياً على حركات دارفور المسلحة بل يعتبر بحسب أبوقردة سمة مميزة للحركة السياسية السودانية منذ وقت ليس بالقصير.

طموحات شخصية
أما رئيس حزب التحرير والعدالة القومي الدكتور التجاني سيسي وفي حديث لـ(الصيحة) فقد قال إن الطموحات الشخصية لبعض قادة الحركات سبباً مباشراً في تشظيها وقال إن الخلافات أيضاً من أسباب الانقسامات داخل الأحزاب السودانية.

أما رئيس العدل والمساواة المهندس منصور أرباب فقد قال لـ(الصيحة) إن السبب المباشر للانقسامات التي تضرب الحركات يعود إلى الإثنية التي يتعامل بها رؤساء الحركات في إدارتها، واعتبرها من العوامل الرئيسية التي أسهمت في إضعاف الحركات، واعتبر إن كافة القوى السياسية بالبلاد ضربتها رياح الانقسامات في الفترة الأخيرة وذلك لأسباب متعددة أبرزها غياب الديمقراطية داخلها.

المحللون السياسيون يتفقون
أما المحلل السياسي عبد الله إسحق فقد أرجع في حديثه لـ(الصيحة) الانقسامات التي تشهدها الأحزاب والحركات إلى عدد من الأسباب منها الخلافات الشخصية والإثنية بالإضافة إلى محاولات الحكومة إضعافها، ويتفق المحللان السياسيان عبد الله آدم خاطر والحسين إسماعيل أبوجنة على أن قوة الحركات المسلحة العسكرية تراجعت كثيراً ولم يعد لها وجود مؤثر على الأرض، ويعتبران هذا الأمر سبباً في الخلافات التي ضربتها، ويشيران الى أن الخلافات وسط الحركات الموقعة على اتفاقيات سلام لا تخرج من أطار ما يحدث بالأحزاب السودانية، ويتفقان على أهمية الجنوح إلى السلام والتحول إلى أحزاب تمارس الديمقراطية التي ظل ينادي بها قادة الحركات.

صديق رمضان
صحيفة الصيحة