منوعات

دعابة تهوي بشاب إلى جحيم الإدمان


عندما يختار الزوج صنوه بطعم الحب والمودة ليرتبطا بحبل «الميثاق الغليظ»؛ عمادُه كلمة الحق وقوامه الحب والتفاهم وسبيله مرضاة الله عندئذ يكتمل عقد السعادة ليبدأ الزوجان رحلة البحث عن ذرية صالحة تكون باكورة حياة ملؤها الحب والتفاهم، فيُرزقان بمولود يكون قرة عين لهما ينسيهما منعرجات الحياة الوعرة بضحكاته المتلاحقة التي تترجم براءة طفل يحبو نحو حياة أفضل؛ يحبو ثم يتعثر في مشيته إلى أن يشتد عوده ويكتمل نصاب سعادة الوالدين برؤية زهرة تتفتَّق آمالاً معقودة طالما تعهداها بسقيا الإحسان والرعاية، فيتميز في دراسته ويتكوَّن بعد ذلك ليصبح أهم موظف في شركته ليضرب به المثل في تفانيه وإخلاصه.. إلى حد الآن الأمور تمشي على ما يرام ولكن سرعان ما تنقلب الآمال آلاماً والأفراح أتراحاً، لأن شيئاً ما دخل غيلة ليغتال سعادة أسرة أُسست على المحبة.

إنه داء المخدرات الذي ابتلي به الشاب لتنقلب حياته تعاسة ويصبح مدمناً على تلك الآفة بعد أن كان متفانياً في عمله «منهمكاً» بطاعة والديه.

هي قصة تلخص هذا «الانقلاب الخطير» في مسار شاب تغيرت حياته رأساً على عقب بعد أن صادق رفقاء السوء.

بداية الحكاية

ولعل المحامي والمستشار القانوني حسن المرزوقي يستفيض في هذه الحكاية عندما قال: إن من بين القضايا التي وصلتني ولا أزال أذكرها هي قضية لشاب من إحدى الجنسيات العربية، وهو حاصل على شهادة عليا من جامعة أجنبية مرموقة، في تخصص إدارة الأعمال.

ونشأ في كنف أسرة كريمة ومحافظة، انتقلت للعيش والعمل في الدولة بحثاً عن تأمين مستقبل زاهر، وبالفعل أفنى كل من الأب والأم سنوات عمرهما في العمل، وألحقا أبناءهما بمدارس خاصة، كما ألحقا ابنهما وهو البطل المعني بالقضية بأحد الأندية الرياضية الراقية بهدف تنمية مهاراته الرياضية وإشباع هواياته.

وبالفعل تميز في دراسته ومسار هواياته، ونال العديد من شهادات التقدير والجوائز، إلى جانب تميزه في حفظ وتلاوة القرآن الكريم.

مسار السعادة

واكتملت فرحة الوالدين بتخرج ابنهما وقرة عينهما من الجامعة التحق مباشرة للعمل في إحدى شركات البترول الكبرى، وافتخر كل من والده ووالدته بابنهما البطل الذي أصبح قدوة لبقية إخوته وأخواته. إلى أن جاءت الكارثة بل ما لم يكن في الحسبان بتعرف ابنهما على شاب من دون دراية أسرته، بل وتوطدت علاقته به، وأصبحا يلتقيان يومياً، حيث قام صديق السوء بشتى الأساليب بجر الشاب إلى تناول الأقراص والعقاقير المخدرة على سبيل التجربة والتسلية، إلى أن أصبحت إدماناً لا مفر منه.

منعرج خطير

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وردت معلومات مؤكدة إلى رجال مكافحة المخدرات مفادها وجود شابين في مقتبل العمر يحرزان مواد مخدرة ومؤثرات عقلية بقصد التعاطي، وتم إصدار إذن من النيابة العامة، وبالفعل تم القبض عليهما متلبسين وهما يتعاطيان المواد والعقاقير المخدرة، وهذا ما أكدت عليه أيضاً التقارير الطبية، وبناء على ذلك تم تحويلهما للنيابة العامة التي أمرت بتقديمهما للمحاكمة، وتم تداول القضية بالجلسات إلى أن صدر ضدهما حكم بالحبس والإبعاد عن الدولة.

وما إن تم النطق بالحكم سيطر الوجوم على كامل أفراد أسرة الشاب المدمن، وعدم تصديق ما يحدث من وقائع وأحداث، وتذكر كل من الأب والأم معاناتهما في سبيل تربية أبنائهما، وضاع مستقبل أسرة بالكامل نتيجة انجراف ابنهما خلف صديق السوء.

واليوم يقبع الشاب العربي في زاوية بأحد السجون نادماً لأنه خسر كل شيء جميل في حياته، وأصبحت نهايته تعيسة. بل مدركاً على وجه التمام بأنه خان ثقة والديه فيه، إذ دخل بنفسه لمستنقع الإدمان، وضاع مستقبله.

وأول خطوة قام بها لتصحيح الخطأ الذي وقع به هو بدء رحلة العلاج، والسعي الحثيث للرجوع إلى صوابه، واستعادة شخصيته وكل سلوكياته المثالية قبل التعاطي والانحراف، والانجراف أيضاً وراء العقاقير والأقراص المخدرة.

تضافر الجهود

وأوضح المحامي والمستشار القانوني حسن المرزوقي أن العقاقير والأقراص المخدرة تعتبر وللأسف الشديد من القضايا المهمة التي تستلزم تكاتف كافة الجهات المعنية في الدولة لمكافحتها، فلا يختلف اثنان بأنها آفة مدمرة لحياة أسر بكاملها، مُنوها في الإطار ذاته إلى ضرورة انتباه الوالدين إلى أصدقاء أبنائهما، وأهمية مراقبة الأبناء ومعرفة أصدقائهم والتأكد من استقامتهم.

فرفقاء السوء يحاولون بشتى الطرق الإيقاع بالشباب وسحبهم نحو وَحل المخدرات بتقديم الأقراص المخدرة على سبيل الدعابة أو الهدايا، أو على سبيل التجربة، مما يدفع الأطفال والشباب إلى الإدمان فعلياً على تلك الحبوب فيحدث ما لا يحمد عقباه.

البيان