جمال علي حسن

مع السفير المُنتظِر


لدي قناعة بأن سعادة السفير عبد المحمود عبد الحليم سفير السودان في القاهرة ومندوبه الدائم لدى جامعة الدول العربية يؤدي مهامه بكفاءة عالية وشجاعة كاملة وهو من الدبلوماسيين السودانيين القلائل الذين مروا بمحطة القاهرة دون أن (يمصرنوا) ويميعوا موقف السودان من القضايا والملفات الخلافية والمعقدة بين البلدين .
وأسباب التعقيد في هذه العلاقة معظمها مرتبطة بسياسات الأنظمة المصرية المتعاقبة تجاه السودان لكننا نعتقد أنه وبرغم تطور العلاقات التي تربط بين قيادتي البلدين في هذه المرحلة تحديداً والذي قد يبعث بالأمل في تأسيس علاقات أكثر تعافياً بين البلدين إلا أن هناك علة حقيقية في سياسات النظام المصري الحالي ليس تجاه السودان وحده بل هي علة عامة في طريقة تعاطيه مع ملفات استراتيجية أخرى بالنسبة لمصر مثل ملف علاقات مصر مع المملكة العربية السعودية نفسها حيث لا تقدم مصر المواقف النموذجية للانسجام المطلوب مع مواقف حليفتها السعودية على قدر مستوى العلاقات التي تربط بين البلدين والواجبات المستحقة على مصر للوفاء بما تتطلبه هذه العلاقات الاستراتيجية، وهذه العلة في مواقف مصر الإقليمية – في أحسن الظنون بها – نصفها بأنها علة إدراك .
ففي علاقاتها مع السودان هناك إرادة معلنة ومتجددة بين قيادتي البلدين في الدفع بالعلاقات الثنائية وتطويرها ومعالجة القضايا العالقة.. وتعتبر زيارة البشير الحالية لمصر للمشاركة في قمة الاستثمار بشرم الشيخ المنعقدة اليوم السبت هي الزيارة الخامسة للرئيس البشير إلى القاهرة في فترة قصيرة وستشهد قمة جديدة مع السيسي وبالمقابل حضر السيسي إلى الخرطوم عدة مرات.. ولو جمعنا عدد الزيارات المتبادلة فسيصل مجموعها إلى ضعف هذا الرقم من اللقاءات بين الرئيسين لبحث واقع وآفاق العلاقات الثنائية، وفي كل مرة تخرج القمة بأطيب الكلام لكن يصعد على راحلة التنفيذ لمخرجاتها بعد نهاية كل لقاء (شيطان) التباطؤ والمماطلة والتأخير من جانب مصر .
هذا الشيطان ليس هو (شيطان التفاصيل) المعروف للجميع في ثقافة الحوارات والتفاهمات.. لا، لأن شيطان التفاصيل يأتي بعد فتح الملفات وأثناء بحثها لكن هذا الذي نعنيه هو شيطان فريد من نوعه فهو كثيراً ما يضرب بالمتفق عليه عرض الحائط مبدءاً وتوقيتاً وتفصيلا..
وهذا هو الذي جعل حوار الأستاذة صباح موسى مع سفير السودان في القاهرة حوار مع (السفير المُنْتَظِرْ) بكسر الظاء ..
سفير السودان في القاهرة لا يزال ينتظر من الجانب المصري مراجعة ممتلكات المعدنين السودانيين وإعادتها لهم .
وينتظر من الجانب المصري لايزال تقرير مقتل 22 سودانياً على الحدود المصرية الإسرائيلية وينتظر من الجانب المصري رد الأموال التي (قلعتها) السلطات المصرية من بعض السودانيين في تلك الأحداث الشهيرة ..
أما نحن فننتظر معه كل هذه النتائج مضافاً إليها أو قبلها ننتظر مغادرة المصريين لحلايب وشلاتين المحتلة .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.