الصادق الرزيقي

حركات دارفور وحرب «داعش»


> ما كشف عن تورط حركات دارفور المتمردة في الصراع الليبي وما يدور في هذا البلد الجار ليس جديداً، فهي غارقة حتى أذنيها منذ عهد العقيد معمر القذافي عندما استعان بها في قتاله لخصومه من ثوار ليبيا، وكان يرسل مبعوثيه من العسكريين ورجال المخابرات لدول الجوار الإفريقي لليبيا لجلب المرتزقة والمجموعات المسلحة لحمايته، وكانت حركات دارفور في مقدمة من تم استجلابه للعمل معه كمليشيا لصالح نظامه.
> وللقذافي وليبيا في عهده علاقة قديمة في هذه المنطقة وكل إفريقيا جنوب الصحراء، فخلال الحرب الليبية التشادية في نهاية عقد الثمانينيات من القرن الماضي وقبلها تورطت ليبيا في صراع تشاد وحرب جوكوني وعويدي وحسين هبري لاقتلاع فليكس مالوم، ثم حربهما ضد بعضهما البعض، كان القذافي في لجة الحرب وبين أذرعها القاتلة.. فخلال هذه الحرب تم بتوجيه من القذافي في واحدة من فلتاته وتهويماته الغريبة تكوين ما يسمى الفيلق الإسلامي، وهي قوات عسكرية تم تشكيلها من أفراد ومجموعات تعيش في المنطقة جنوب الصحراء، لتكون نواة جيش يحمي ليبيا من الناحية الجنوبية، وعصا ردع يتدخل بها في صراعات المنطقة وتسنده في مخططاته وعداواته، وكان القذافي في إطار حربه مع تشاد حول شريط أوزو يزعم أن الفليق الإسلامي تكون لمواجهة الهجمات المحتملة والمتوقعة من فرنسا والولايات المتحدة ضده الآتية من الجنوب.
> وعندما ظهر التمرد في دارفور في عام 2003م كانت يد القذافي تنغمس بقوة في ما يجري في دارفور، واستمر دعمه العسكري العتاد وسيارات الدفع الرباعي والتمويل المالي والمؤن الغذائية والتشوين حتى اندلاع الثورة الليبية، فلم يجد بداً من الاستعانة بربائبه للقتال في صفه، وقد أسر الكثير من أتباع الحركات في ليبيا ولقي الكثير منهم مصرعهم في المعارك الطاحنة.
> وفي حربه الأخيرة التي انتهت بسقوط نظامه ثم مصرعه المأساوي، كانت حركات دارفور المتمردة التي استقطب قيادتها للإقامة في ليبيا، وفتح معسكرات لقواتها، تقوم بما يدفعها إليه لمقاتلة الثوار منذ بدء الثورة في الغرب الليبي، وعندما اختلف الليبيون بعد سقوط طاغيتهم، تحالف أتباع القذافي وفلول نظامه مع اللواء خليفة حفتر الذي يقود الحرب اليوم ضد كل شيء في ليبيا، وتم أيضاً إقامة تحالف جديد مع حركات دارفور.
> ويبدو أن المعادلة الآن اختلفت، اللواء حفتر الذي جاء بالحركات مرة أخرى لدعم موقفه، تقول تقارير سياسية ودبلوماسية، إن التحالف الدولي لمقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في ليبيا وشن حرب عليها، يقتضي ترتيب تعاون قوات على الأرض بجانب قوات حفتر وحلفائه، حيث لن تنجح الضربات الجوية وتدخل الجيوش الدولية في ملاحقة ومطاردة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية والقضاء عليها، وهنا تأتي عملية إعادة إنتاج حركات دارفور لتكون إحدى الأذرع المستخدمة في هذه الحرب، ويسعى حفتر كمستفيد من الحرب المزمعة في ليبيا ويجري التحضير لها إلى تقديم حركات دارفور من جديد وضمها إلى العملية العسكرية الجديدة وإضفاء شرعية على وجودها في ليبيا، لتكون خطوته المقبلة هي توجيهها ضد خصومه في وقت متزامن مع الحرب الدولية ضد «داعش».
> وهناك هدف آخر أنه بالحرب على تنظيم الدولة ومشاركة حركات دارفور في النزاع داخل ليبيا، فإن الفرص ستكون متاحة للحركات للحصول على العتاد الحربي والسلاح والأموال والتجهيزات القتالية والأموال، لتنشيطها من جديد في دارفور بعد انتهاء مهمتها في الأراضي الليبية.
> ويعتقد البعض أن نطاق نشاط الحركات الدارفورية الآن في محيط منطقة الكفرة الليبية وتقوم بقطع الطرق والسلب والنهب، وهذا غير صحيح، فالمناطق الجنوبية الشرقية في ليبيا هي أماكن تجميع للحركات، ويجري تجهيزها من هنا، كما أنها تقوم بقتال الجهات المناوئة لحفتر بغرض إيجاد موطئ قدم له في منطقة مفصلية في جوار ليبيا الجنوبي الشرقي مثلث الدول الثلاث وهي السودان ومصر وتشاد.