مزمل ابو القاسم

الصرف الصحي والبيئة 2-2


إن مياه الصرف الصحي تعتبر ثروة تتم معالجتها والحفاظ عليها واستغلالها في ري الحدائق وتشجير المدن في كثير من الدول المتحضرة مثل الإمارات وكافة دول أوروبا.
وبالتالي نوفر ملايين الأمتار المكعبة التي نهدرها في ري الحدائق.. والأشجار في شوارعنا من المياه النقية التي أقامت الدنيا ولم تقعدها على ولاية الخرطوم هذا العام.
إن غياب شبكات الصرف الصحي بالعاصمة مع عدم توقع قيامها في الوقت الحالي هو بيت القصيد وهو ما أدى بالدولة أن تغض الطرف بل وتصرح للمواطن بعمل بئر سايفون وسبتك تانك وغيره بعد سداد (رسوم الصرف الصحي) وذلك منذ سبعينيات القرن الماضي.
السؤال، ما هو الحل لمدينة تتسع لأكثر من 7 ملايين شخص يتمتع فقط 7% منهم بخدمات الصرف الصحي التي أنشئت أيام الرئيس عبود ولا توجد أي خطط لمشروعات شبكات صرف صحي في القريب العاجل؟
أشار يوماً ما، البروفيسور الراحل حامد حمد الحاج، رحمه الله، مدير كرسي اليونسكو للمياه الأسبق، أن ضخ المياه على أي عمق ومع طول المدة الزمنية سيؤثر على مخزون المياه الجوفية في الوقت الذي لا زالت تستخدم لدعم مياه النيل المفلترة (لا توجد إحصائية).
والوضع الطبيعي هو استخدام معالجة مياه الصرف الصحي وعلى الدولة أن تسعى لتوفير معالجات محلية لكل حي أو لكل مجموعة بيوت أو لكل بيت على حدة، وهذه متوافرة ومطبقة في العاصمة – مستشفى السلاح الطبي، الكلية الحربية، مستشفى أم بدة، مستشفى أم درمان، مقر سوادنير، سد مروي، وزارة الدفاع، وكثير من المشروعات.
وفي العام 2010 صدر قرار محلي بمنع حفر آبار السايفون آلياً، ولكنه ليس كافيا لحماية البيئة. أتمنى أن يمنع نهائياً حتى الحفر اليدوي، إن عدم تفعيل القانون يعني أنه وضع ليتوافق مع المعايير الدولية وليس للتطبيق، فالأمر كان يستحق أن يكون في أولويات الحوار الوطني. وخلال مشاركتنا في منتدى الخريطة الاستثمارية لولاية الخرطوم، وكذلك ملتقى تدشين السكن الشعبي للولاية الشمالية مؤخراً، تم التطرق لمواضيع الصرف الصحي الحضري، وبدائل المرحاض التقليدي والتبول والتغوط في العراء، وقضايا البيئة الأخرى.. وبحضور كوكبة من العلماء والخبراء، تم اعتماد عدة أنواع من المعالجات الموضعية للسكن الحضري، وسكن ذوي الدخول المحدودة والسكن الريفي.
وحماية البيئة أول خط دفاع للأمن الصحي، وهذا الخط مسؤولية مشتركة بين قطاعات المهندسين المدنيين والكيمياويين والمعماريين والأطباء وناس الصحة العامة والزراعيين والجيولوجيين والإعلاميين والمنظمات الطوعية والحكومات المحلية واللجان الشعبية وكافة قطاعات المجتمع، إلا أنها لا تجد الأولوية كالخدمات العامة، وهذا ما لم يمنحها أبا شرعيا وما جعل دمها مفرقا بين القبائل.
ولا مناص من استجلاب وتوفير كافة أنواع معالجات الصرف الصحي ومياه الشرب النقية، ولا نقصد مياه الشبكة المراد بها الاستخدامات المنزلية والري، وفي كثير من مدن العالم لا ينصح بشرب مياه الحنفية، وهذا مفهوم للمقتدرين فقط.
المعماري/ محمد عطا المنان الصليحاب