حوارات ولقاءات

الفاتح عروة: أنا حزين لتردي المروءة والأخلاق.. والكذب حبله قصير.. هذا هو ردي لمن كتب من ثلوج كندا كأنه مكتشف أمريكا الشمالية قبل كولمبوس


** العديد من الانتقادات كانت قد سبقت مؤتمره الصحفي الأخير، ذات الانتقادات كانت قد تواترت على تخوم إعلان (زين السودان) عن السياسات الجديدة؛ التي تحولت الشركة بموجبها من نظام (الاستخدام العادل) إلى نظام (الكوتات). لاحقاً نجحت شركته في الفوز برخصة تشغيل الجيل الرابع للهاتف السيار. بين هذا وذاك كانت (اليوم التالي) حريصة على حضور كل الفاعليات المشار إليها، وفي قلب الحدث، مثلما كانت تستقي من مصادرها ومواقع التواصل نبض المستخدمين، وتنقل تساؤلاتهم وإشفاقهم وأصوات الاستحسان في آن. وبذات الحماس في تلقف أنباء التطورات والتغييرات الفنية والتجارية، كانت (اليوم التالي) حريصة أيضاً على الجلوس إلى العضو المنتدب لشركة زين الفريق طيار الفاتح عروة.. لا نخفيكم فقد فتح لنا الرجل أبوابه بكل طيب خاطر ليجيب عن الأسئلة الصعبة؛ بكامل الشجاعة والشفافية، رغم سخونة الاتهامات التي بذلناها قبالة طاولته. تحدث عروة عن عدم اكتراثه لنظرية المؤامرة، والذين أشاعوا نبأ إقالته، وانتقد بعض من كتبوا عن جهل وغرض.. وأشار إلى حرص منظومته على مواصلة الاستثمار في البني التحتية، وعدم احتكار السوق. أجاب على عدم ممانعة (زين) من مد أيام الاحتفال بجائزة الطيب صالح إذا ارتأى مجلس الأمناء ذلك، وقال إن سر نجاح الجائزة أنها مولود أصيل لشركة (زين) بوجود مجلس أمناء كفء ومتجدد.
على كل؛ ربما يختلف الناس حول جودة خدمات شركة زين في سوق تنافسي عالي المستوى، ولكن ما يتفق عليه المراقبون في سوق الاقتصاد والخدمات هو أن قائدها يمتلك حسا قياديا وكفاءة إدارية نادرة واستطاع أن يقود الشركة في وقت وجيز إلى قفزات كبيرة، ونجاحات متواصلة، مع التحلي بدرجة كبيرة من الشفافية، والرؤية الاستراتيجية في صناعة الاتصالات وسوق الخدمات، فإلى مضابط ما أدلى به من دفوعات وأقوال.
* بدءاً؛ ثمة ما يتردد هنا وهناك مؤخراً بإعفائك من منصبك عقب الزيادات الأخيرة.. هل يشعر عروة بوجود استهداف أو مؤامرة ضده تروم الإطاحة به من كرسي العضو المنتدب؟
– أنا لا تهمني نظرية المؤامرة، وإذا أعفيت فهذا شيء عادي، وهو حق للمساهمين الذين ائتمنوني، وسيحدث هذا عاجلا أو آجلاً، ولكنني حزين لتردي المروءة والأخلاق باللجوء إلى الكذب والتلفيق، ومعروف أن حبله قصير
وربما يسؤهم إذا قلت لك إن مسؤولياتي في مجموعة زين قد زادت.
* حسناً، قامت حملة مقاطعة منظمة في وسائل التواصل الاجتماعي ضد شركة زين، بوصفها شركة رأسمالية لم تراع خدماتها الأوضاع الاقتصادية في السودان.. ما أثر ذلك عليكم؟
– نحن صحيح شركة خاصة، ولكننا لسنا مصاصي دماء. الحكم بشيئين أساسيين؛ أولا هل نحن محتكرون وليس هناك غيرنا؟ بالطبع كلا.. الثاني هل نسبة أرباحنا بالنسبة إلى تكلفتنا زائدة عن المعقول؟ بالطبع كلا.. بل في السابق كنّا نخسر كما أوضحت، وهيئة الاتصالات هي الجهة التي تجيز التعرفة وفقا للتكلفة. كم مرة زاد الدولار وزاد الوقود في السنوات الأخيرة؟ بأي نسبة؟ وكم زادت أسعار الاتصالات؟ كلا لم يحدث ذلك، ودأبنا بديلا بزيادة كفاءة التشغيل، وهذا ما يميزنا ولكن لكل شيء حدود.
* يتهمك البعض بأنك تحدثت بلهجة استعلائية في المؤتمر الصحفي، ولم تراع شعور الأغلبية العامة الذين يطلبون خدمات زين؟
– أنت قلتها بنفسك: (البعض).. هذا هو شأن هذا( البعض) وضمائرهم. على سبيل المثال ذكر أحد الإخوة الصحفيين الذين يكتبون من ثلوج كندا هجوما بأنني لا أهتم بالمشتركين المغادرين وضرب أمثلة بشركات كندية يعتبرها مثله الأعلى وكأنه أول شخص يهاجر إلى أمريكا الشمالية والغرب، وسبق إليها مكتشف أمريكا الشمالية كولمبوس نفسه، ويعطينا دروساً وكأنه يضع شركات كندا كمعيار ومثلا أعلى له. أقولها له بالفم الممتلئ عليه أن يعي ماذا يقول، وأن يعمل البحث كصحفي محترف، وينظر في الإحصائيات لدى الخبراء في ما يعرف بالمقياس المعياري Bench Mark ويرى أداء زين السودان بالمقاييس المعيارية العالمية، والتي قامت بها أكبر بيوت الخبرة، وهي مفخرة بتقنيتها ومواردها البشرية. المسألة ليست سفسطة في الفارغ وتضليلا للرأي العام. أما المؤتمر الصحفي فقد سئلت فيه سؤالا محددا: كم شخصا طلبوا تحويل أرقامهم للشبكات الأخرى في الأيام الثلاثة الماضية؟ كان يمكن أن أجيب (لا أعرف) ولكن الحقيقة هي أنني لا أعرف الكذب.
* المؤتمر الصحفي الأخير الذي عقدته وشرحت فيه تداعيات الزيادات الأخيرة في الإنترنت صاحبته انتقادات كثيرة لشخصك.. ألا تزعجك هذه الانتقادات؟
– لم تزعجني، بقدر ما أحزنني موقف بعض الذين يوجهون الرأي العام، والبعض حرف الكلم عن موضعه، فمثلا أنا لم أقل “إذا انهارت زين فسينهار السودان”..!! أبدا.. أرجو الرجوع للتسجيل.. أنا قلت: “إذا انهارت زين فستنهار الاتصالات في البلد”، وأؤكد لك أن الشخص الذي كتب مقالا مطولا، وتحدث عن تاريخ السودان القديم، لم يسمع النص، وإنما نما إليه من الإعلام المحرف؛ مثل نبأ إقالتي، ولو انتظرناه قليلا لكتب أيضا معلقة مطولة عن أسباب إقالتي المزعومة.. من الذي يحمي الناس من الذين يحرفون الكلم ويوجهون إعلامه؟ وأعطيك مثالا، دعك من الآثار الاقتصادية التي تترتب على انهيار الشبكة.. وأوضح مثالين؛ ماذا حدث في يوم الاثنين الأسود يوم وفاة دكتور جون قرنق ويوم غزو أم درمان؟ ما هي الشبكة التي صمدت وما هي المترتبات التي حدثت بانقطاع الاتصالات؟.. مالكم لا تفقهون؟ ولا أذيع سرا إن قلت لك إنه قد وصلتني مئات الرسائل التي تقول إننا نتفهم ما قلته وأشادوا بما ذكرته وهؤلاء هم الذين أهتم بهم حقا.
* رغم الانتقادات تبدو واثقاً بصورة كبيرة من حالك؟
– لسببين؛ أنا واثق لأننا لا نكذب ولا ندلس ولا نخاف.
* للدرجة التي تظهر معها وكأنك مدافع شرس عندما توجه انتقادات لشركة زين؟
– أدافع عن زين لأنها على حق، ولو كانت على باطل فلن ألجأ كما يفعل البعض غيري؛ للدغدغة الجوفاء لعواطف الناس، زورا وبهتانا، والسعي إلى الكسب الرخيص.
* إدخال الجيل الرابع أين يضع السودان في صناعة الاتصالات الإقليمية والدولية مقارنة بدول الجوار والمنطقة الأفريقية والشرق الأوسط؟
– نفخر الآن بأننا أول شركة في وادي النيل ودول جنوب الصحراء تدخل تقنية الجيل الرابع.
* حسناً؛ بعيداً عن الشكاوى والانتقادات ندلف إلى محور يتعلق بالتعريفات.. تحدثت خلال مراسم التوقيع على انتقال شركة زين للجيل الرابع (فور جي) مع الهيئة القومية للاتصالات بأنكم ستنتقلون إلى الجيل الخامس؛ هل ثمة توضيحات لمن غم عليه المعنى والمصطلحات؟
– أنا قصدت أن الرخصة التي مُنحت لنا للعمل بالجيل الرابع هي رخصةLTE ، وتعني التطور الطويل المدى، وهو يضم الجيل الرابع، وما بعده الجيل الخامس، وعندما نأتي للجيل الخامس في 2020 سنكون مرخصين للجيل الخامس تلقائيا لأنها نفس التقنية.
* إذاً.. لن تحتاجوا إلى إجراءات ومفاوضات أخرى لمنحكم رخصة العمل بالجيل الخامس مثل ما جرى مؤخرا في الجيل الرابع؟
– آمل ذلك، لأن هذا الترخيص الذي تم منحنا له يدخلنا للعمل بالجيل الخامس تلقائيا، لأن الترخيص منح لتقنية LTE وهذا هو الفهم المعروف عالميا؛ أن LTE تدخلنا مباشرة في الجيل الخامس.
* ومتي بدأتم في شركة زين الاستعداد للانتقال إلى الجيل الرابع؟
– أودّ أولا أن أشهد للهيئة القومية للاتصالات بأنها كانت حريصة على تشجيع الشركات على الدخول في الجيل الرابع، وبالتالي سمحت لنا باستيراد المعدات حتى قبل أن تدخل معنا في التفاوض حول منحنا رخصة الجيل الرابع، وعليه استوردنا المعدات، وركبناها، وأجرينا الاختبارات، في الوقت الذي كنا نتفاوض فيه مع الهيئة على تفاصيل الرخصة، وهذا في اعتقادي حرص من الهيئة ووزارة الاتصالات على تشجيع الشركات على الدخول بسرعة في الجيل الرابع.
* ومتي ستبدأ استفادة المشتركين من الخدمة؟
– فقط إجراءات الإطلاق، حيث سنضطر لتوزيع الشرائح الجديدة لطالبي الخدمة، والأجهزة المطلوبة –الراوترات- التي تعمل بالجيل الرابع، وشرائح الجيل الرابع، وتجهيزها، وتوزيعها، وهذا يتطلب تحضيرات إدارية.
* إذن متي ستبدأون ذلك؟
– في اعتقادنا لن تطول الإجراءات لأكثر من شهر، لأن الشبكة جاهزة الآن. الجيل الرابع على الهواء في الخرطوم الكبرى، وود مدني، ولكن حتى نطلقها تجاريا كان لابد من منحنا الرخصة، ثم موافقة الهيئة على التعرفة.
* خلال مراسم التوقيع لم تذكر قيمة الرخصة؟
– ليتم منحنا الرخصة دفعنا مبلغ (55) مليون جنيه..
* وهل هذا المبلغ مناسب؟ لأنه ربما في بعض البلدان الأخرى قد تكون شركة زين دفعت مبلغا أكثر من ذلك؟
– أعتقد أن المبلغ معقول، وأعتقد أنه كان هناك تفاهم ما بين الهيئة والحكومة في هذا الأمر، لأن المبالغ تدفع عادة أكثر؛ بشراء نطاق الترددات، ودائما تكون هي الأغلى، وهذا ما حدث لبعض شركات زين في أماكن أخرى، حيث منحت ترددات إضافية كبيرة، وإذا طلبت الشركات نطاق ترددات إضافيا -وهذا سيحدث حتما- في هذه الحالة يتم دفع قيمة على الترددات حسب حجمها.
* تبدو بعض العبارات كما الألغاز بالنسبة لنا غير المتخصصين.. هل ثمة المزيد من التوضيحات؟
– الترددات هي إحدى أصول شركات الاتصالات، أكثر من رخصة الخدمات في حسابات قيمة الأصول التي تملكها الشركة، مثلها مثل المعدات.
* بلغة غير تقنية تماماً نود أن نتساءل، أو لربما كنا ندقق في محفظة (زين) وأرباحها.. قطعاً لتطور الخدمة عائد سريع على أرباح للشركة؟
– لا.. ليس له عائد أرباح، ولا يعود بعائد سريع، لأن انتشار الخدمة يأخذ وقتا لأنه يحتاج إلى معدات تواكب الجيل الرابع، وكلما زاد العدد زادت تكلفة الرخص فيما يخص البرمجيات، لأنها تحسب بعدد المشتركين، وهذه فيها تكلفة إضافية، وهذه لا تكون لها عوائد تجارية كبيرة في البداية، إلا بعد أن يزداد عدد المشتركين على مدى فترة طويلة، كما حدث للجيل الثالث.
* …
– مثلا إذا اشتريت حافلة لنقل الركاب إلى الأبيض وليس لديك العدد الكافي من الركاب، ففي البداية لا تحقق أرباحا، ولكن مع زيادة الركاب والطلب تبدأ في جني الأرباح، وربما يقود لتقليل الأسعار في ما يعرف باقتصاديات الكم Economy of Scale
* هل تتوقع بعد انتقال زين للجيل الرابع أن يعود المشتركون مرة أخرى بعد خروجهم من الشركة عقب الزيادات الأخيرة في أسعار إلانترنت؟
– أولا أريد أن أصحح لك معلومة؛ أنه لم يخرج عدد كبير من زين. ثانيا زين لم ترفع الأسعار.
* كيف؟
– زين أوقفت الخدمة اليومية اللا محدودة وأدخلت نظام الكوتة، وهو نظام معمول به في (سوداني) و(إم تي إن) قبل زين، إضافة إلى أنهم لازالو مستمرين بسياسة خدمة الاشتراك اليومية اللا محدودة، والكوتة التي تباع الآن في زين هي تقريبا بنفس أسعار الكوتة التي توجد في سوداني وإم تي إن. الذين غادروا زين، ومعظمهم للعلم قد عادوا، هم الذين يستخدمون نظام اللا محدود في زين في اليوم، و”ديل نحن عارفين كم يبلغ عددهم”، بالتالي نحن لم نأت بأسعار جديدة.. هناك سوء فهم.. كل ما حدث أننا أدخلنا نظام الكوتة فقط وأوقفنا سياسة خدمة الاشتراك اليومية اللا محدودة، ومصير هاتين الشركتين أن توقفا سياسة الخدمة اليومية اللا محدودة.. الفرق أننا في زين شفافون ولا نتحايل على المشترك وجودتنا لا تضاهى.. أعطيك مثالا: إحدى الشركات لديها إعلان في الصحف عن كوتة بـ120 قرشا في اليوم وفي نفس الوقت 90 قرشا في اليوم لا محدود ماذا تفهمين… لماذا التحايل والاستخفاف بالعقول؟!
* وبالمحصلة يعتبر العضو المنتدب أن زين حققت سبقا عن بقية شركات الاتصالات الأخرى؟
– بالطبع يعتبر هذا سبقا، وسببه التركيز في زيادة الاستثمار، والتخطيط الاستراتيجي السليم، وكفاءة التشغيل، وهذه منن ونجاحات نحمد الله عليها.
* دون أن يخشى المشتركون أن تؤدي هذه الخدمة إلى احتكار السوق، مما يهدد حريات السوق، وفق ما يتبادر لأذهان البعض لوهلة؟
– بالطبع لا.. ليس هناك احتكار وبقية الشركات ستأتي بالجيل الرابع لاحقا وأتمنى لها التوفيق ولكن في النهاية المحك هو حرية اختيار الزبون للخدمة التي تناسبه.
* ما هي المزايا العملية التي يستفيد منها المواطن العادي في السودان؟
– بالطبع ليس كل شخص سيستخدم الجيل الرابع نتيجة لاحتياج ونوعية الأجهزة، ولكن المهم أن استخدام الجيل الرابع في التطبيقات التي تحتاج له سيقلل الضغط على الجيل الثالث، وبالتالي سيكون الإنترنت سريعا فيه والمحادثات جيدة وهذا هو الفرق بيننا ومنافسينا.. فليجرب كل شخص ولديه الحرية في الاختيار.
* بعيداً عن التقنية وقريباً من الأدب؛ انتهت دوره جائزة الطيب صالح للإبداع لهذا العام.. تصرف زين على النشاط، وهي شركة ربحية في المقام الأول، ولكن رغماً عن ذلك ربما كان للبعض تقديراتهم حول نشاطات المسؤولية الاجتماعية في الشركة أو أنها ربما كانت أقل مما ينبغي لمنطومة بضخامة زين؟
– مجال المسؤولية الاجتماعية واسع للغاية، وأولها استدامة الخدمة التي تقدمها، والشفافية، ومحاربة الفساد، والفرص المتكافئة، ثم يأتي التفاعل مع المجتمع في مجالات أخرى..
نحن نترك الحكم على زين لضمائر الناس وليس أهواءهم.
* في ذات المحور؛ يطالب الكاتب والشاعر المعروف محمد محمد خير بتمديد الفاعلية لأربعة أيام بدلاً عن يومين، بغية إتاحة فرصة للضيوف والمبدعين العرب لتقديم أعمالهم للجمهور في السودان؟
– هذا متروك لمجلس الأمناء وله الحرية.
* أخيراً؛ إلام تعزي نجاح هذه الفاعلية دون بقية مناشط وجوائز أدبية في البلاد؟
– أولا لأنها من زين؛ بشفافيتها وكفاءتها وقيمها، وأول شيء فعلته أن أوكلت أمرها لمجلس أمناء أمين، وكفء، ومتجدد، أوفاها حقها. كما أن زين هي التي صنعت جائزة الطيب صالح. أي أنها ملكنا، ونحن أطلقناها؛ ونديرها من الألف للياء.

 

 

 

اليوم التالي


تعليق واحد