الطيب مصطفى

فلتتحد المعارضة حول الخيار السلمي الديمقراطي


لست أدري والله ما يدور في أذهان الأحزاب السياسية السودانية التي لا تزال تصر على التحالف مع الحركات الدارفورية المسلحة التي ظلت تقاتل كمرتزقة في ليبيا ودولة جنوب السودان، ولكني أعلم يقيناً أن تلك الأحزاب تشعر بحرج بالغ أن تحالفها مع الحركات الحاملة للسلاح وهي في تلك الحال البائس يحرجها مع المواطن السوداني ويجعلها تخرج على الدستور ويزلقها لمواجهة القوات المسلحة السودانية بكل ما يعنيه ذلك من سقوط سيحاسبها عليه التاريخ ويعريها كما عرى تلك الحركات المسلحة التي هوت إلى القاع.
آخر الأنباء التي تفري الكبد حزناً على حركات دارفور المسلحة التي ظلت تشغل الساحة السياسية وتعوق مسيرة السلام في سودان الأزمات أن قوة من متمردي حركة مناوي التي ويا للعجب تقاتل في ليبيا تلقت ضربة موجعة في ضواحي مدينة الكفرة تكبدت فيها عدداً من القتلى والجرحى بعد أن فرّت من منطقة بريمة حيث كانت تقوم بنهب المعدنين عن الذهب والبترول الليبي.
الوثائق الفاضحة التي نشرت في صحف السبت والتي عثر عليها مع أسرى وقتلى حركة مناوي في الكفرة تكشف درجة السقوط الذي تردى إليه أولئك المتمردون وهم لا يتورعون من ارتكاب تلك الجرائم المنكرة مقابل المال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل ولذلك لا غرو أن تتردى سمعة السودان والسودانيين في ليبيا بفعل أولئك الخونة المارقين من تلك الحركات السيئة الذكر .
قبلها كانت حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم تقوم بذات الدور القذر كمرتزقة للعميل الأمريكي الليبي الجنرال حفتر المدعوم من فلول القذافي وقبل ذلك كانت تدعم القذافي نفسه الذي استخدمهم في مواجهة الثورة الليبية كما خاضت معارك معلومة في تشاد كما شاركت في كثير من معارك دولة جنوب السودان في إطار الجبهة الثورية.
ما كتبت عن حال الحركات المتمردة التي تعاني من التشظي والانقسامات سيما بعد الهزائم المريرة التي تلقتها إلا لأخاطب الأحزاب المتحالفة معها من قوى نداء السودان وخاصة الإمام الصادق المهدي وكذلك الأحزاب الوطنية الأخرى مثل حزب المؤتمر السوداني بقيادة عمر الدقير وأحزاب البعث طالباً منهم جميعا الصدق مع أنفسهم فوالله ما هذه الحركات المتمردة بشقيها الدارفوري وقطاع الشمال بالجديرة أخلاقياً ووطنياً بالاستقواء بها من أجل إحداث التغيير في السودان ويكفي سقوط قطاع الشمال في امتحان الديمقراطية (وكنكشته) في رئاسة الجبهة الثورية رغم انتهاء دورته وكذلك سقوط الجميع في امتحان الأخلاق وهم يبيعون سلاحهم للقتل والتدمير كما تفعل من تبيع شرفها مقابل المال بل أن من تفعل ذلك والله أكثر شرفاً من هؤلاء الذين يقتلون كما يتنفسون، وأعجب كيف يثق الأمام الصادق مثلا أن من يفرض نفسه بالبندقية سيتخلى عنها ويركن إلى الخيار الديمقراطي؟
إن حال الحركات المسلحة يكشف جانباً منه مشاركة بضع وثلاثين حركة مسلحة في الحوار المنقوص الجاري الآن في قاعة الصداقة فقد أحدثت الهزائم الساحقة الماحقة التي ضربت حركة العدل والمساواة في معركة قوز دنقو وكذلك الهزيمة النكراء التي تلقتها حركة عبدالواحد في جبل مرة مؤخراً وهزائم وضعف قطاع الشمال خاصة بعد الحرب الاهلية التي ضربت دولة الجنوب التي كانت تدعم ذلك القطاع التابع لها ..أحدث ذلك كله تغييراً هائلاً في المشهد السياسي ينبغي للجميع ان يتعاملوا معه بشكل واقعي يستجيب للمطلوبات الوطنية الماثلة اليوم.
لقد سقط اولئك المتمردون جميعا حتى في نظر داعميهم السابقين في أوروبا بعد أن رأوا ممارساتهم وسلوكهم واكتنازهم للأموال كما أن الغرب بما فيه أمريكا بات مشغولا بملفات أخرى أكثر إلحاحاً وضغطاً على أمنه القومي.
أقول مجدداً إنه قد آن الأوان لأن تثوب قوى المعارضة جميعها إلى الخيار السلمي الديمقراطي من الداخل بحيث نتفق جميعا على العمل المشترك في تحالف عريض للمعارضة مبني على قواسم مشتركة انتقالية نضغط بها في اتجاه التغيير السلمي الديمقراطي.
أقولها بكل صدق إنه قد آن الأوان للسيد الصادق المهدي أن يعود إلى جماهيره فوالله ما هو بفاعل خارج الوطن بقدر فاعليته بين مؤيديه في الداخل بالتضامن مع القوى الأخرى التي لا تختلف معه في الأهداف الوطنية التي نسعى جميعا إلى تحقيقها.