مصطفى أبو العزائم

انقلاب فبراير وجمهورية الحب!!


الغربيون يحتفلون في الرابع عشر من فبراير كل عام بعيد الفالنتاين أو (عيد الحب)، وهو مثار خلاف واختلاف في عالمينا المسلم والشرقي، وفبراير نفسه شهر غير مستقر، إذ تتغيّر أيامه بزيادة يوم كل أربع سنوات لتعود ناقصة فتصبح ثمانية وعشرين يوماً إلا في السنة الكبيسة!!
فبراير هذا العام – وهو شهر الحب – شهد انقلاباً ثورياً، قاده السيد رئيس جمهورية الحب، الشاعر الرقيق الأستاذ “إسحق الحلنقي”، وقد انقلب “الحلنقي” على نفسه، وطلب من الفنان والموسيقار الكبير الأستاذ “محمد الأمين”، أو (أبو اللمين) كما يحب أن يناديه معجبوه، طلب “الحلنقي” من (أبو اللمين) عدم التغني بالأغنيات التي كتبها له من قبل، وهي إن لم تُخنِ الذاكرة (بتتعلم من الأيام) و(شال النوار)، وأغنية (غربة وشوق)، وحذره من ترديد هذه الأغنيات في أي من الوسائط الإعلامية.
يوم (الخميس) الماضي ناقشنا هذا الأمر مع صديقنا الشاعر الكبير الأستاذ “إسحق الحلنقي”، حيث التقينا مجموعة من الأصدقاء في الذكرى الرابعة لرحيل الفنان الكبير “محمد وردي” باسم (أعز الناس) داخل (تلفزيون السودان) الذي بث في تلك المناسبة سهرة استمرت لمدة ساعتين، اختارني أهل التلفزيون لتقديمها، وتمت فيها استضافة “الحلنقي” مع الدكتور “الفاتح حسين”، والموسيقار “عبد الوهاب وردي”، لكننا جلسنا والشاعر “عبد الوهاب هلاوي” والمخرج “شكر الله خلف الله” قبل السهرة، نناقش أمر انقلاب “الحلنقي” على نفسه داخل صالون التلفزيون، وقدم الشاعر الكبير “الحلنقي” الذي يطلق عليه أصدقاؤه وكثير من النقاد اسم (رئيس جمهورية الحب)، قدم حيثيات مقنعة ومنطقية، رغم اعتراضنا عليها، لكن طريقة تعامل الموسيقار الكبير “محمد الأمين” مع “الحلنقي” صدمت الأخير ودفعت به إلى ما سبقه إليه من قبل الشاعر الثائر المتمرد الأستاذ “هاشم صديق”.
في قانون المصنفات الفنية والأدبية، هناك حق أصيل وهناك حقوق مجاورة، و”الحلنقي” صاحب حق أصيل، والقانون لا يطبق بأثر رجعي، فأغنيات “الحلنقي” لـ(أبو اللمين) سبقت قانون المصنفات الفنية والأدبية الذي تشرفت بعضويته عندما تأسس عام 1993م بقرار من وزير الثقافة والإعلام – وقتها – العميد “سليمان محمد سليمان”، نضّر الله وجهه وأيامه.. ومع ذلك يمكن أن تتم تفاهمات لا تضيع معها حقوق الشاعر والشعراء عموماً وأكثرهم يعاني، وقد أغضب “الحلنقي” ما قال به (أبو اللمين) من أنه تسلم كامل مستحقاته من الإذاعة!!.. مستحقات الشاعر عندما تم تسجيل تلك الأغنيات لم تكن تتجاوز العشرين جنيهاً، زادت قليلاً لكنها لا تتجاوز الآن بضع مئات ويصبح العمل بعدها ملكاً للإذاعة.
من خلال برنامج قناة (الشروق) الأسبوعي الذي يستعرض الصحافة في أسبوع، وسألتني مقدمته مساء (الجمعة) الأستاذة “تقوى محجوب” ومعي الأستاذ “مالك محمد طه” نائب رئيس تحرير صحيفة (الرأي العام) الغراء عن تداعيات هذه الأزمة، فاستعرضت ما أعرفه لقربي من الأستاذ “الحلنقي”، لكنني طالبت بـ(تدخل سريع) من اتحاد أصحاب المهن الموسيقية والفنية والتعامل بحكمة مع هذه الأزمة حتى لا تتفاقم، ويحذو شعراء آخرون حذو “الحلنقي” وقبله “هاشم صديق”، وهم كارهون.. ونجد أن (صغار) المغنيين الآن يرددون كلمات (كبار) الشعراء، ويقودون أحدث السيارات، بينما الشعراء أصحاب الكلمة و(الوجعة) يعانون داخل المركبات العامة.