تحقيقات وتقارير

نقل (نفايات مسرطنة) من الميناء الجنوبي ببورتسودان، وإلقائها في مكان عام


الموانيء البحرية أكدت إعادتها لموقعها وشركة (سيقا) تنفي علمها بالأمر
في بورتسودان .. نفايات خطرة على قارعة الطريق

* بناءاً على بلاغ تقدمت به هيئة تزكية المجتمع ولجان الحسبة، لشرطة القسم الشمالي، بمدينة بورتسودان، تحت المواد (70/74) من القانون الجنائي، بخصوص نقل (نفايات مسرطنة) من الميناء الجنوبي ببورتسودان، وإلقائها في مكان عام، وجّهت نيابة البحر الأحمر بإلقاء القبض على اثنين من موظفي شركة(سيقا) للغلال، وموظف يتبع لهيئة الموانيء البحرية، حيث جرى التحقيق معهم حول حيثيات البلاغ، قبل أن يتم الإفراج عنهم بالضمان الشخصي، في إنتظار تحويل أوراق القضية إلى المحكمة.

 

تعود تفاصيل القضية إلى وجود مخزن بالميناء الشمالي ببورتسودان، كان مخصصاً لتخزين المبيدات منذ العهد الاستعماري، لكن تم إغلاقه لاحقاً بسبب إنبعاث روائح كريهة منه. وعندما خصصّت هيئة الموانئ البحرية موقعاً لشركة (سيقا) للغلال داخل الميناء، أصبح جزءًا من المخزن ضمن الموقع الذي تم تخصيصه للشركة، التي أجرت بعض عمليات الهدم والبناء في الموقع، وصار من الضروري التخلص من أنقاض المخزن ومخلفاته الملوثة.
وفي العام 2014 تم نقل جزء من الأنقاض إلى مكب النفايات بمنطقة (أبوحشيش) بالبر الشرقي، ولكن بعد شكوى سكان المنطقة من إنبعاث روائح كريهة، شكّل المجلس الأعلى للمبيدات لجنة ضمّت خبراء من جامعة الخرطوم، لتقييم الأثر البيئي للمخلفات، وتقديم مقترحات للتخلص منها، على أن تُنفذ موجهات اللجنة بالشكل المطلوب، وخلصت اللجنة إلى أن هذه النفايات ضارة جداً ويمكن أن تسبّب الكثير من الأمراض، وأوصت بأن يتم حفر موقع المخزن بعمق متر ونصف، عن طريق بيت خبرة متخصص، وأن تؤخذ جميع الانقاض ومخلفات التربة وتعبأ في أكياس، ويتم تخزينها في حاويات مُحكمة الإغلاق، ومن ثم التخلص منها عن طريق بيت خبرة متخصص في التخلص من النفايات. لتتم إعادة الأنقاض مرة أخرى إلى موقع المخزن بالميناء الشمالي.
وفي نوفمبر من العام الماضي، تم نقل الأنقاض مرة أخرى إلى(خور سلالاب)، لكن بعد تحركات قام بها أعضاء من هيئة تزكية المجتمع، تم إعادة الجزء الأكبر منها إلى الميناء مرة أخرى، وظلت موجودة هنالك إلى الآن.

** من يتحمل مسئولية تعريض حياة المواطن للخطر ..
عضو هيئة تزكية المجتمع، عبد المنعم جبر الله المحامي، أكد وصول معلومة للهيئة بتاريخ 2 نوفمبر من العام الماضي، تفيد بنقل أنقاض وأتربة من مخزن المبيدات إلى منطقة خور سلالاب، خلف منازل الشرطة، مضيفاً ‘‘ عند وصولنا إلى المكان وجدنا الأنقاض والأتربة ملقاة في العراء، وقد تجمع حولها عدد عمال (الحديد الخردة) الذين أكدوا لنا أن هذه الإنقاض قد تم جلبها عن طريق (10) سيارات شحن كبيرة، وأنهم عندما حاولوا استخلاص الحديد الموجود داخلها، أخبرهم من نقلوها بأن هذه المواد مسرطنة، وعليهم الإبتعاد عنها’’.
وأوضح جبر الله لـ(الجريدة) على الفور تحركنا وأبلغنا الجهات المسئولة بخطورة وجود هذه المواد في العراء، وشرعنا في إتخاذ الإجراءات القانونية ضد الجهة المسئولة عنها، مما دفعهم لإعادتها مرة أخرى إلى الميناء، ولكن آثارها لاتزال موجودة في منطقة خور سلالاب ’’ ولفت جبر الله إلى أن إجراءات التحري في البلاغ أخذت الكثير من الوقت، وأن هنالك جهات حاولت عرقلة مساره، إلا أنهم في الهيئة كانوا أكثر إصراراً على أن تتم محاسبة الجهة المسئولة عن تعريض حياة المواطنين وأمنهم وسلامتهم للخطر.
وأشار جبرالله إلى أن تجاهل توصيات اللجنة التي شكّلها المجلس الأعلى للمبيدات، تتحمل مسئوليته هيئة الموانئ البحرية وشركة “سيقا”، وأنه كان يجب عليهما الإستعانة بجهة متخصصة في التخلص من هذه النفايات المسرطنة.

** نقلها تم عن طريق الخطأ ..
إدارة السلامة بهيئة الموانئ البحرية، أكدت أن مخلفات المخزن التي تحتوي على “الأتربة” الملوثة بالمبيد الكيميائي تم نقلها عن طريق الخطأ، بواسطة أحد المقاولين، نتيجة لقيام شركة(سيقا) بإنشاء مطاحن للغلال في نفس الموقع، وأن المقاول كان مكلفاً بنقل أنقاض ومخلفات أعمال الإنشاء.
وأوضحت الإدارة لـ(الجريدة) أن التحاليل المعملية أثبتت بأن تراب مخزن المواد الكيميائية (الشلتر) بالميناء الشمالي ملوث بمادة (DDT) وهو مبيد كان ضمن المواد التي جرى تخزينها في وقت سابق – تم إيقافه عالمياً ولايستخدم حالياً – وأن (الاتربة) الملوثة كانت محجوزة ويتم التجهيز لتعبئتها في حاويات.
وأضافت الإدارة، بعد وصول المعلومة إليها، تم تكليف مديرها في الميناء الشمالي، ومباحث الميناء، بمتابعة القضية، وتم الوصول إلى الموقع الذي اُفرغت فيه الأتربة الملوثة، لتتم إعادة جميع الأتربة إلى الميناء مرة أخرى، والآن كل الأتربة الملوثة تمت تعبئتها في (35) حاوية (20) قدم، من قبل شركة سيقا ويجري عمل قواعد لتجميع هذه الحاويات عليها.
وأكدت إدارة السلامة بأنه سيتم الإتصال بالمجلس الأعلى للمبيدات ليقرر بشأنها، وأنه قد تم أخذ عينات جديدة من موقع المخزن، من قبل المعمل المركزي بشمبات التابع لجامعة الخرطوم، والذي قام بإجراء التحاليل السابقة ليتم معرفة ما إذا كانت ملوثة أم لا؟ كما تم التوجيه بأن لا يتم استخراج أي تراب أو أنقاض تابعة لموقع شركة سيقا إلا بعد موافقة كل الجهات المعنية والإشراف المباشر عليها.

** لاعلم لنا بما حدث ..
إدارة الإعلام بمجموعة(دال) التي تتبع لها شركة سيقا للغلال، نفت علمها بأي إشكاليات تتعلق بموقع الشركة ببورتسودان، وقال مسئول بالإدارة لـ”الجريدة ‘‘ليس لدينا علم عن بلاغات ضد موظفي الشركة في بورتسودان بخصوص نفايات مسرطنة’’.

 

يعرضها:عبد الهادي الحاج ..الجريدة