محمود الدنعو

من يضيء الظلام


لا يزال حديثنا يتواصل عن ملف الطاقة في القارة الأفريقية الذي تناولناه بالتزامن مع فعاليات منتدى أفريقيا 2016، ومن أجل الوقوف على حجم الظلام الذي تعيش فيه القارة الأفريقية.
فقط يمكنك أن تلقي نظرة إلى الصور التي تلقطها الأقمار الاصطناعية لوكالة ناسا الأمريكية لأبحاث الفضاء ليلا في أفريقيا، لتدرك لماذا لا تزال القارة الأفريقية تغرق في الظلام، وإن هناك مجموعة واسعة من التحديات التي تحول دون تعديل هذه الصورة إلى صورة مضيئة.
الأفكار في مجابة هذه التحديات ليست جديدة، فالأمم المتحدة أشارت في خطتها (عقد التنمية الأول) من العام 1961 إلى 1970 إلى ضرورة إعطاء الاستثمارات في مجال الطاقة أولوية لتساعد في تحويل القارة الأفريقية إلى قارة صناعية، وتعزيز اقتصادها النامي، وهذا الأمر اقتضى إنشاء مؤسسات لتنفيذ ذلك، منها بنك التنمية الأفريقية لتمويل هذه المشاريع، والكثير من السدود قد شيدت والمرافق والخطوط لتوليد وتوزيع الطاقة قد مدت لتصل آلاف الأفارقة، ولكن شيئا لم يتحقق بسبب ضعف المؤسسات والفساد والديون وانعدام الثقة لدى المستثمر والصراع الأبدي، وتحول كبار المانحين إلى تحديات أخرى مثل التعليم وتطعيم الأطفال وتحسين قطاع الزراعة ومشاريع المنح الصغيرة للنساء لابتدار مشاريع تجارية صغيرة.
الحماسة لتنفيذ مشروع الطافة في أفريقيا ليست قاصرة على الولايات المتحدة فقط، فخلال منتدى دافوس الاقتصادي العالمي في يناير الماضي طرح بنك التنمية الأفريقي خطة (روزفلتية) بعنوان: (صفقة جديدة للطاقة في أفريقيا) تطمح إلى مضاعفة الطاقة المنتجة خلال العقد القادم، ومضاعفة عدد المستفيدين ثلاث مرات. وأعلن الاتحاد الأوروبي كذلك مبادرة بمليارات اليورهات، وأنشأت الأمم المتحدة مبادرة الطاقة المستدامة للجميع التي صادقت عليها 193 دولة حول العالم، والتي ترمي إلى تحقيق هدف الوصول الدائم والحقيقي والحديث للطاقة من قبل الجميع بحلول العام 2030.
إذن من الجميل أن الجميع متفقون على حاجة أفريقيا إلى المزيد من الطاقة والمزيد من الأفارقة المستفيدين من إمدادات الطاقة، وهي ضرورة لمعالجة مشكلات الفقر والجفاف والحروب والتميز بكافة أشكاله، فالدرسات تشير إلى أن كل سبع من 10 أفارقة جنوب الصحراء لا يتحصلون على خدمات الطاقة، فليست هناك إنارة يتعلمون على ضوئها، وليست هناك مبردات لحفظ الحليب والدواء، وليست هناك مراوح لتبريد حرارة الصيف، وليست هناك طاقة لتشغيل الحواسيب، وهو ما يعمق الفجوة الرقمية الماثلة حاليا بين القارة الأفريقية والعالم الأول.