تحقيقات وتقارير

بعد إفشال التحاق مجموعة رابعة بـ(داعش) الجهاديون السودانيون … محاولة البحث عن طرق جديدة للسفر


اجراءات معقدة أصابت العديد من المسافرين بالملل والضجر، خاصة من تقل أعمارهم عن الثلاثين عاماً افراد ربما يتبعون للجهات الامنية يسألون أي مسافر شاب عن وجهة سفره ودواعيه، ثم يطلبون منه الاتصال بولي الامر، كنت ممن تعرضوا لهذه الاجراءات وبدا لي انها وسيلة تقليدية سهلة الكشف خاصة ان المسافر بامكانه ان يتصل باي رجل او امرأة مدعيا انه والده او انها والدته او حتى اخته.
ان كان تضييق السلطات يتم في المطار وبعض النقاط الحدودية الا انه لن يكون كافيا او رادعا لمن اراد الالتحاق بالتنظيم لان “من يؤمن بفكرة سينفذها وان كلفته حياته”، وعلى هذا الوتر كان يلعب اولئك الشباب الذين التحقوا بالتنظيم وطلوا في حالة تواصل مع شباب آخرين ليقنعوهم بالالتحاق بداعش، ابرز الطلاب هو الفلسطيني الذي تخرج من جامعة مأمن حميدة محمد فخري، وبلغة انجليزية رصينة بعث رسالة الي المترددين في الهجرة الي التنظيم والجهاد في سبيل الله، رسالة فخري ترجمتها (السوداني، بتصرف، حيث قال فيها: (الي المترددين في الهجرة والجهاد في سبيل الله، بعد ان تم وضح الاحكام التاسيسية للجهاد لجأ البعض الي تكتيك اخر يتمثل في تشويه الحقائق فمن السهل لمحبي الدنيا ايجاد ما يناسب رغباتهم، البعض يدلي بتصريحات وفتاوي مثيرة للسخرية، مثلا يمكن ان تقول الحكومة السودانية انها تطبق الشريعة فتنتفي حاجة الهجرة الي الله، او ان النظام السعودي لم يتخذ حلفاء يعادون الاسلام مثل امريكا وما يحدث مجرد تعاون تعود فوائده على الامة كما حدث في صلح الحديبية.
بالطبع ان هذه التصريحات هي اهانة لتعقل المسلمين، ولا يجب الرد عليها، اما ما يتعلق بالمعارك الحالية التي تمر بها الامة الاسلامية فانهم يقولون ان ما يحدث الان ليس جهادا انما قتال بين المسلمون بل انهم ينكرون ما يقوم به المجاهدون ويسخرون مما يفعلونه ويمكن لاكاذيبهم ان تصل حد اطلاق صفة كفار على المجاهدين وانهم يعملون لصالح المخابرات المركزية كما قال الشيخ العدناني حفظه الله، ان بعلموا الخير اخفوه وان علموا الشر اذاعوه وان لم يعلموا كذبوا، ولا يوجد عذر لاي احد بان يخلط الحقائق من يقتلون المسلمون يقولون لأحمد صانع الساعة “نعم يا احمد انها ساعة جميلة ونريد منك الحضور للبيض الابيض” وذلك ليثبتوا فقط انهم ليسوا ضد الاسلام انما ضد المتشددين.
سأنهي هذه الرسالة لكل متردد في الهجرة والجهاد في سبيل الله، ان الله جعل لنا ديانة بسيطة والوصول الي الحقيقة ليس صعباً، فليس من المطلوب ان تكون حاصً على الدكتوراه او ان تلقب بـ(شيخ) او أي اعتراف دنيوي اخر، الحقيقة انك تحتاج ان تكون صادقا في خشية الله، ولا تعقد الحقائق الواضحة فيصبح قلبك أبكم واعمى واصم، قال تعالى: “وأما من خاف مفام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى”.
قال لي صاحب اراك غريبا … بين هذا الانام دون خليل
قلت: كلا بل الانام غريب انا في عالم وهذي سبيلي
هذا هو الغريب .. غريب عند العابثين من البشر
ولكنه عن ربه في مقام كريم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بدأ الاسلام غريباً وسيعود كما بدأ غريباً، فطوبي للغرباء”.
وكجزء من محاولة التضييق على رغبة الشباب في الالتحاق بتنظيم داعش لجأت بعض المراكز والجهات الدعوية لي اجراء حوار فكري بحت مع معتنقي فكرة الهجرة والجهاد، بعيدا عن الاجراءات الاحترازية او القانونية التي وضعتها السلطات. ليس رئيس مجمع الفقة الاسلامي د.عصام احمد البشير وحده من يتحاور مع الشباب بل هناك مجموعة من العلاء تتركز مساعيهم في ادارة الحوار الديني المدعم بآيات القرآن واحاديث شريفة وقصص نبوية تدحض مزاعم وجوب الانضمام لتلك التنظيمات الجهادية.
منتدى النهضة والتواصل الحضاري كان يجري في الفترات الماضية حوارات دينية بصورة وان لم تكن معلنة الا انها ليست سرية او يعرفها من التحقوا بالتنظيمات الجهادية او لديهم رغبة بذلك، يدير الحوار الشخص المعتنق للفكر الجهادي مع احد العلماء او مجموعة منهم يدعم كل منهم فكرته الدينية دون تدخل أي جهات اخرى.
وليس بعيدا عن المنتدى فقد ترأس الرئيس عمر البشير الاجتماع الاول للمجلس الاعلى للرعاية والتحصين الفكري قبل ايام والذي يضم عددا من الوزارات والجهات ذات الصلة وشخصيات قومية ودينية يتم فيه التركيز على محاربة التطرف وسط الشباب.
غير ان البعض يرى ان مجهودات الدولة في انشاؤ مثل هذه المجالس التي تدعو الي نبذ التطرف الديني في المساجد واعداد مناهج تعليمية يتم تدريسها ليست مواكبة للوسائل التي استبق بها التنظيم لاستقطاب الشباب، فان كانت وسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والواتساب هي الاكثر انتشارا في السودان، الا ان التيليغرام كان الطريقة الاكثر استخداما بين الشباب والتنظيم.
كما ان معظم الشباب والمجموعات التي غادرت، تتقن الانجليزية اكثر من العربية وهو ما دعا الشاب الفلسطيني محمد فخري ان يوجه رسائل كتابية واخرى صوتية باللغة الانجليزية للمترددين في الانضمام للجهاد، وقد قالت والدة احدى الطالبات المنضمات للتنظيم في حديثها لـ(السوداني) ان ابنتها كانت تستمع لمدة شهرين لشيخ عراقي يتحدث الانجليزية وان ابنتها لم تكشف لها بداية الاستقطاب الا بعد ان التحقت بالتنظيم عبر المجموعة الاولى، فكتبت لوالدتها رسالة عبر الواتساب: “اعتذر ولكن القرار ليس متهوراً وجاء عن قناعة تامة بعد شهرين كاملين استمعنا فيها الي الشيخ (….) العراقي وجاءت دعوته مقرونة بكل الدلائل القرآنية”.

لينا يعقوب
صحيفة السوداني