جمال علي حسن

(الدمس) شجرة الوالي.. فمن ستقاضي


أرجو أن يسحب السيد مساعد رئيس الجمهورية عبد الرحمن الصادق المهدي تصريحاته التي تحدث فيها عن نيتهم مقاضاة الشركة التي استوردت شجرة (الدمس) وأدخلتها إلى السودان ..
لأن مثل هذا التصريح يعبر عن موقف غير شجاع من الحكومة في تحمل مسؤولية الخطأ الذي حدث ويعبر عن محاولة مرفوضة ومستنكرة و(شينة) من الحكومة في التملص من مسؤوليتها بعد سماحها بإدخال هذه الشجرة التي خنقت مواسير مياه الشرب وخربت (بيوت الناس) وأغلقت شبكات الصرف الصحي في الأحياء السكنية ..
نحن الذين كان علينا أن نقاضي الحكومة ونقاضي الهيئة القومية لغابات السودان وهيئة المواصفات وكل الجهات والمؤسسات الرقابية الرسمية المعنية بحماية المستهلك.. من المفترض أن يقاضي المواطن المتضرر تلك الجهات ويطالبها بتعويضه بسبب تخليها وتقصيرها عن دورها ومسؤوليتها في حماية المواطن وحماية البلد بمنع دخول هذه (الدمس) المخربة.
التقصير والمسؤولية في الأساس تقع على الحكومة فشجرة (الدمس) لم تدخلها تلك الشركة أو الجهة التي استوردتها عن طريق التهريب أو(شارع الهوا) بل أدخلتها تحت عينك يا حكومة ومن المؤكد أن الحكومة تحصلت رسومها وجماركها وضرائبها.. الدمس لم يتم إخفاؤها داخل حاويات مثل الـ(كبتاجون) التي يتم تهريبها عبر ميناء بورتسودان، بل هي شجرة معروفة كانت جهات حكومية قد مجدتها تمجيداً لم تجده شجرة النيم العظيمة واستخدمتها في مشروعات التجميل والتشجير التي كانت تتبناها وفي البحر الأحمر كان المواطنون قد أطلقوا على الدمس (شجرة الوالي) على نسق (بصات الوالي) في خرطوم عبد الرحمن الخضر.. حين كانوا يريدون (تدليع) تلك الشجرة الظليلة التي انتشرت بسرعة في كل مكان وملأت شوارع المدن السودانية حتى سماها البعض (المؤتمر الوطني) وكان المؤتمر الوطني سعيداً ربما بهذا اللقب إلى أن ظهرت حقيقة (الدمس) التي جففت حلوق المواطنين .
فمن ستقاضي يا سعادة مساعد السيد الرئيس.. من ستقاضي؟ وما هي الجهة الأولى بمقاضاتها ومحاسبتها.. الإجابة واضحة وبدهية ولا تحتاج لعبقرية، لأن الجهة أو الشركة المستوردة لأي سلعة عادية مثل الأشجار هي شركة تجارية ليس بالضرورة أن تكون على علم بالآثار والأضرار الأخرى لهذه الشجرة وتناسبها مع بيئة السودان وسلبياتها وإيجابياتها، لكن مؤسسات الحكومة المختصة هي التي كان يتوجب عليها إخضاع هذه الشجرة للبحث والتجربة قبل أن (تفكها) في البلد .
الاعتراف بالخطأ يخفف وطأته علينا أما المكابرة والتملص من المسؤولية فهو السلوك الذي لا يليق .
الإنجليز أدخلوا شجرة النيم قبل أكثر من مائة عام لكنهم لم يفعلوا ذلك إلا بعد الفحص العلمي والتأكد من تناسبها ونجاحها في بيئة السودان ..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.