مقالات متنوعة

احمد المصطفى ابراهيم : هذا الحذاء


لا تستغربوا العنوان، وكدت أن أكتب هذه الجزمة، ولكني تذكرت أنها دائماً تلحقها عبارة (بدون مؤاخذة). هل يستطيع أي من القراء الكرام أن يجيب على سؤال كم حذاء اشتريت في حياتك؟ أصدقكم القول إنني لا أستطيع أن أجيب على هذا السؤال.
ولو أردفنا هل كلها تحمل عبارة صنع في السودان؟ أم عليها (صنع في إيطاليا) و(صنع في الصين) كأشهر دولتين للأحذية في السوق السودانية، وكنا نرى صنع في سوريا وصنع في تركيا وهكذا. (ما أصعب الجمع بين تركيا وسوريا هذه الأيام في سطر واحد).
الحديث عن الأحذية ما هو إلا مقدمة لا بد منها لأنني أستمتع هذه الأيام بحذاء (جزمة) صنعت في السودان وأكاد أقسم أنها أمتع جزمة اشتريها في حياتي خفة وجمال وجلد طبيعي.
هنا صناعة محلية أكاد أقول أول صناعة محلية تتفوق على كل ما هو أجنبي لماذا لا نروج لها؟ ولماذا لا نسأل سؤالاً مشروعاً لماذا لم تغطِ السوق؟ ولماذا لم تشتهر وتنتشر؟
منْ هم القائمون عليها؟ ولماذا هي ضيقة الانتشار؟ كم استفهام يمكن أن أستفهم؟ كم نسبة الجلود التي استخدمتها من جملة ناتج الجلود السودانية؟ أليست هي القيمة المضافة التي نبحث عنها لمنتجاتنا الخامة.
لماذا همة القائمين عليها متواضعة حيث أنها لا تباع إلا في مكان واحد في العاصمة ومكان لا علاقة له بالأسواق وليس قريباً منها؟ لماذا لا نجد لها إعلانات تجارية في الصحف وفي القنوات حتى تكون الحذاء الأول؟ لماذا لا نعرف سبب قلة إنتاجها وضيق انتشارها؟
مكتوب عليها (ساريا) وكأني بها واحدة من منتجات التصنع الحربي. إن كان هذا صحيحاً هل هذا سر عدم انتشارها لأن القائمين عليها موظفون وليسوا ًتجاراً يعرفون البزنس وتقيدهم القوانين؟
لا أجد أي حرج في كتابة هذا الموضوع لأني أكتب بانطباعاتي ولا أعرف أي معلومة غير أني سمعت من أحدهم يقول إن معرضاً لساريا غرب سباق الخيل يبيع أحذية ممتازة وبأسعار معقولة. وقلت اذهب لأجرب وجدت معرضاً واسعاً به بعض أنواع للأحذية منها ما هو للطلاب وما هو رجالي وما هو نسائي واشتريت حذاء وأكدت أعلاه أنه من أمتع الجزم التي استعملت في حياتي. أنا لا أروج ترويجاً مدفوع القيمة لأني لا أعرف أياً من القائمين على هذا المصنع. ولكن أشير الى خلل عدم انتشار هذه الصناعة المحلية المفخرة. وأتمنى أن أجد لساريا معرضاً في كل مدينة من مدن السودان إلى أن نقول بعد سنة او اثنتين لا داعي لاستيراد أي حذاء.
والعالم كله يعرف قيمة الجلد الطبيعي إلا أهله. يقولون الصندل في بلاده نوع من سائر الخشب.
إلى القائمين على أمر ساريا هل تريدون أن تضعوا مثالاً يقلده السوق ؟ هذا السوق لا تهمه الجودة يهمه الربح وما دام بلغتم هذه الدرجة من تجويد صناعة الأحذية ضاعفوا همتكم وزيدوا منتجاتكم وأملوا الفراغ ودعونا نمزق (تمزيقا حقيقياً لا سياسياً) فاتورة استيراد الأحذية.
أمة أجود صناعاتها جزمة!