أبشر الماحي الصائم

حظر منفعة استصلاح الأرض


* بالأمس سكبنا هنا كثيراً من الدموع والأحبار، على أن جهة ما تمكنت من (إستصلاح) قطعة زراعية منتجة بمساحة ألف فدان بجنوب الخرطوم، وتحويل منفعتها إلى (مخطط) سكني!! علما بأن هذه الأرض التي خصصتها حكومة مايو كمزرعة (لألبان بطانة)، فأنظروا كيف نحن نتقدم إلى الخلف!! تقع هذا الأرض (المستصلحة) وسط مجموعة من مشروعات للألبان والدواجن المنتجة، على أن السيناريو المرعب المحتمل، يكمن في عمليات الزحف تدريجياً إلى بقية المزارع المنتجة، ذلك بالتحايل عليها وتحويلها واحدة بعد الأخرى إلى مخططات سكنية!! كأن ينهض سكان المخطط، فيما بعد، بحملة إعلامية مدفوعة الغرض والثمن، بأنهم لا يمكن أن يسكنوا وسط الأبقار والدجاج، على أن السكن وفق مواصفات الأمم المتحدة ومنظماتها الإسكانية، يجب أن يكون على مسافة تبعد مائة كيلومتر من أقرب مزرعة، وهذه المساحة تكفي لالتهام كل المزارع حتى مشروع.. سندس الزراعي جنوبا، والدجاج لا بواكي له!!
* تمنيت والحال هذه والاقتصاد يراوح تراجعه وفي المقابل الدولار يواصل تقدمه، تمنيت لو أن مجلس تشريعي ولاية الخرطوم (يتكل على الله) ويصدر تشريعا صارما يقضي بوقف عمليات (استصلاح الأرض) بتغيير منفعتها من زراعية إلى سكنية، ويلحقها من بتشريعات أكثر صرامة تقضي بأن تصديق (مشروع عمارة خرصانية) أصعب ألف مرة من تصديق مشروع مزرعة منتجة، حتى تنحدر رؤوس الأموال وتتدفق تلقائيا تجاه صناعة الحواشات والمزارع. فواحدة من عقبات الزراعة في بلاد (النيل والشمس والصحراء)، هو أننا لم نضع ما يكفي من الحوافز والتسهيلات في لوائح العملية الزراعية، فتستطيع خلال (ضحوية) واحدة أن تحصل على تصديق تشييد عمارة، وفي المقابل (سنة لا حولها لا تمكنك من الحصول على تصديق مزرعة إنتاجية) !!
* أتصور أن (لوائح جمهورية السودان الزراعية) لم تحتفل بعد بالزراعة، فعلى الأقل هي تسمي الأرض التي تحول منفعتها من الأغراض الزراعية إلى المعمارية بـ (الأرض المستصلحة)!! كما لو أن الأرض غير صالحة حتى تستصلح معماريا!!
ويفترض أن (فلاحنا ونجاحنا) في الزراعة ولا شيء غير الزراعة !!
* فثمة شيء آخر أكثر كلفة يكمن في تحويل أراضي ولاية الخرطوم إلى مخططات إسكانية فاخرة وشعبية، وهو أننا بهذه الثقافة الإسكانية نضرب فلسفة الحكم الاتحادي في أعز ما يملك، وذلك بتفربغ الريف السوداني من شغيلته المنتجين !!
* وتأسيسا على كل ذلك، هل نطمع من الحكومة عبر مجالسها التشريعية الولائية والاتحادية، في حماية ما بقي من الأراضي الإنتاجية، وذلك بإصدار تشريع يمنع منعا باتا تحويل منفعة الأرض من زراعية إلى سكنية؟! أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه.. رصوا صفوفكم قوموا لزراعة أرضكم وعبادة ربكم.