حوارات ولقاءات

والي جنوب كردفان اللواء عيسى آدم أبكر: تجاوزنا مرحلة الحرب.. والتمرد انحسر بجنوب كردفان


** توالى خلال الآونة الأخيرة تدفق العشرات من المواطنين والعائدين من التمرد إلى مدن ولاية جنوب كردفان بعد الاستقرار والسلام الذي شهدته الولاية في كافة المحليات، وانعكس ذلك بشكل كبير في حركة المواطنين وتجولهم داخل وفي هذا الإطار أجرى المركز السوداني للخدمات الصحفية حواراً شاملاً مع اللواء عيسى آدم أبكر والي ولاية جنوب كردفان الذي تحدث عن مؤشرات والدلائل العميقة عن نهاية التمرد وانحساره في الولاية بجانب مشاركة أبناء الولاية في صنع السلام من الداخل وعودة الحياة إلى طبيعتها في كافة المجالات والحصاد الوفير للموسم الحالي وانعكاسه على الأوضاع الاقتصادية فضلاً عن العديد من المواضيع الأخرى التي نطالعها عبر هذا الحوار..
في البدء كيف تنظر إلى الجولات الرسمية وغير الرسمية للمفاوضات السابقة؟
الولاية عانت كثيراً من الحروب والمشاكل خلال الفترات السابقة وبالتالي نحن وصلنا إلى قناعة بأنه لابد أن يكون للسلام دور واضح بالولاية حتى تنهض في كافة المجالات، ورؤيتنا أن يكون للمواطن دور واضح في تحقيق السلام لأن المفاوضات سواء في أديس أو في برلين أو أي مناطق في العالم لن تستطيع أن تأتي بالسلام إلا حال اقتناع المواطن وكل الأطراف في الميدان، وحقيقة نحن لم نهتم كثيراً بما يدور في الخارج باعتبار أن همنا ولاية جنوب كردفان، وقد ركزنا في تهيئة المسرح بالداخل لتحقيق السلام بمعنى أن يصل المواطن إلى قناعة تامة بأن السلام هو أولوية بالنسبة للمواطن وأن الحكومة اقتنعت بذلك.
* في رأيك ما هي الخيارات الاستراتيحية لذلك؟
أنشأنا آليات كبيرة للسلام المجتمعي والسلام من الداخل وقمنا بتكوين آلية للإدارة الأهلية وللمرأة وآلية للشباب والطلاب والأحزاب السياسية بالإضافة لآليات الحكومة المختلفة والتي تحركت في اتجاه عمل حوار مع التمرد في تلك الجبال خاصة آلية الإدارة الأهلية لأنهم يرون أن المتمردين هم أبناؤهم كذلك الذين يوجدون في المدن التي فيها الحكومة هم أيضاً أبناؤهم ولابد أن يكون لهؤلاء المتمردين دور واضح في السلام ولذلك تحركت هذه الآليات حركة كبيرة في أوساط المتمردين وخاصة الذين لديهم آراء ويتفقون مع المتمردين في كثير من الأشياء وفي داخل المدن وحتى الذين يوجدون في الخرطوم وكادوقلي والدلنج وأبو جبيهة استهدفناهم بالحوار الذي استمر لمدة (7) أشهر وأثمرت هذه الجهود في تحقيق السلام وإيقاف العدائيات وانعكس ذلك في عودة أعداد كبيرة منهم الى الولاية، وبالتالي أصبحت العودة كبيرة لدرجة أن المواطنين بالولاية ما عادوا يتحدثون عن الحرب، وأصبح التواصل والتداخل والسلام الاجتماعي كبيرا بين العائدين والمواطنين خاصة في مناطق التي يوجد بها الجيش كما أصبحت المصالح واضحة في ارتياد الأسواق وحضور الأفراح والأتراح وخاصة محليات دلامي وهبيلة والدلنج، فالمواطنون في الولاية لا يهتمون بنجاح أو فشل المفاوضات لأنهم تجاوزوا مرحلة الحرب وانحسر التمرد.
ماذا عن ما يحدث في المنطقة الشرقية والعباسية على وجه التحديد؟ هل تم حسم هذه التفلتات؟
هذه أحداث بسيطة وليست تمرداً منظماً لأن التمرد يتحرك بالفصائل والسرايا والجيش والكتائب ولكن ما حدث عبارة عن مشاكل عادية ويمكن أن تحدث في أي مكان وهي محاولة واحدة وفاشلة وقعت بالقرب من الكوبري بالدلنج وتم تلقين المجموعة المعتدية درساً قاسياً وتم حسمها نهائياً.
ما هي جهودكم في مجال التنمية والخدمات وما مدى تجاوب الحكومة الاتحادية؟
معلوم أن إحلال السلام دون تنمية وخدمات لن يتحقق، ولذلك فإن الحكومة في المركز وقفت معنا وقفة كبيرة ونحن قمنا بالاستفادة القصوى من إمكانياتنا المحلية واستطعنا في خلال هذه الفترة النهوض بالتعليم خاصة التعليم الأساسي وركزنا على المدن والقرى والبوادي البعيدة وفي مدينة كادوقلي، وما قدمناه في مجال التعليم كان مقنعاً، وكذلك في الصحة الأولية في مجال القابلات قمنا بإنشاء المراكز الصحية والشفخانات وكل ما يحتاجه إنسان الريف لأن العائدين يرجعون إلى تلك المناطق ولأن المتضررين الحقيقيين من مواطني الولايه يتركزون في الريف، كما قمنا بتوظيف كل الإمكانيات التي تأتينا من المركز خاصة وزارة الصحة التي أعطت أولوية للولاية لأجل تحقيق الاستراتيجية والأولوية في مجال الصحة الأولية إضافة للاهتمام بالمستشفيات في المدن الكبيرة وقمنا بترفيع مراكز صحية إلى المستشفيات الريفية، وأولينا الاهتمام للمستشفيات الكبيرة في الدلنج وكادوقلي وأبو جبيهة وفي العباسية وتلودي وقمنا بتطويرها وصيانتها بجانب بناء وتشييد (24) مركزا صحيا وصيانة (38) مركزا وترفيع (5) مراكز صحية إلى مستشفيات كبيرة وتم تجهيزها بغرف عمليات وبنوك نقل الدم.
ماذا عن الخدمات الأخرى كالمياه والكهرباء؟
وصلت الكهرباء إلى المدن الكبيرة وتحققت أحلام المواطن بوصولها وأصبح الحلم حقيقة وكذلك الخط الدائري للكهرباء القومية. ودخول الكهرباء القومية في الطريق الذي يبلغ طوله (680) كيلومترا والكهرباء الآن مستقرة تماماً الآن، وفي مجال المياه أكملنا العمل في شبكة مياه كادوقلي التي تشمل أكثر من (35) كيلومترا إلى جانب (21) صهريجا و(4) أحواض كبيرة بسعة (4) آلاف قدم في اليوم وكذلك شبكة مياه الدلنج وأخرى بمحلية أبو جبيهة ويجري العمل على إنشاء سدود في محلية كبير وحفائر على امتداد المحلية للاستفادة من عملية حصاد المياه في موسم الخريف المقبل.
أين وصلتم في تطوير قطاع التعليم؟
تم تشييد (16) مدرسة أساس وثانوي، وكذلك تمت صيانة أعداد كبيرة من المدارس إضافة إلى توفر خدمات الطرق المعبدة بمدينة كادوقلي وتزيين طرق المدينة بالانترلوك لأنها تعتبر واجهة حضارية للولاية وجمالها جاذب لكافة المواطنين.
ماذا عن إعادة مؤسسة الأقطان بجبال النوبة؟
تعتبر عودة المؤسسة بعد قرار الرئيس البشير فتحاً كبيراً للولاية لأنها تعتبر مؤسسة قومية ضخمة وأكبر مشروع قومي، وقد تمت الاستعدادات لزراعة (52) ألف فدان قطن مطري من النوع قصير التيلة ووضعنا خطة خمسية لزراعة (300) ألف فدان وهناك جهات كبيرة ترغب في الاستثمار في مجال زراعة القطن، بالإضافة إلى شركات كبيرة للدخول في شراكات مباشرة مع الولاية ووزارة الزراعة، وكذلك توجد (8) محالج مجهزة إضافة إلى مصنع ضخم للغزل والنسيج في كادوقلي بجانب المنازل والورش وكافة المقومات لبداية العمل بالمؤسسة.
وشهد القطاع استقراراً كبيراً بسبب السلام الذي تشهده الولاية ولذلك تمت زراعة مساحات واسعه تقدر بأكثر من (5) ملايين و(900) ألف فدان ولأول مرة ترتفع الإنتاجية وذلك بفضل خريف هذا العام وتمت عملية الحصاد لمحاصيل السمسم والذرة ولكن المزارعين يواجهون مشكلة في التسويق مع تدنٍ كبير وركود في الأسعار، ولذلك نسعى لإيجاد حلول للتسويق مع البنك الزراعي لبيع المحاصيل حتى يتم تشجيع المزارعين على الاستعداد للموسم المقبل.
هل هناك وعود من البنك لشراء الفائض من المحاصيل؟
نعم تم وعدنا بشراء المحاصيل وبأسعار مناسبة وفي هذا الإطار وجه نائب الرئيس حسبو عبد الرحمن وزارة المالية بتذليل كافة المعوقات التي تواجه المزارعين، وهذا دليل على أن الإنتاج وفير إضافة لاهتمامنا بقطاع الثروة الحيوانية وتطويرها وتوفير كافة اللقاحات لتطعيم القطعان وقد وصلنا الرعاة في أماكنهم البعيدة والقريبة وتعتبر الولاية في المرتبة الثانية بين ولايات السودان إنتاجاً للمواشي.
ماذا عن تنقيب المعادن النفيسة؟
في مجال التعدين أولينا اهتماماً كبيراً لهذا القطاع باعتبار أن الولاية تأتي في المرتبة الأولى من حيث الإنتاج بين ولايات السودان وتوجد كافة أنواع المعادن النفيسة وبذلنا جهودا كبيرة في مجال التعدين باعتباره المخرج لاقتصاد الولاية والسودان وقد تم التنسيق مع وزاره المعادن وتعاقدنا مع شركات كبيرة لاستخلاص الذهب ولذلك حدث تطور كبير في هذا القطاع وذلك لتوفير الاستقرار والأمن بالمناجم ومربعات التعدين لإنتاج الذهب.
إذاً، ماذا عن قرار الرئيس البشير حول فتح الحدود مع دوله الجنوب وهل هناك محاذير أمنية لتطبيق القرار؟
بالنسبة لنا لا توجد أي مشكلة ناجمة من فتح الحدود مع الجنوب وفي المناطق المتاخمة لجنوب السودان مع الولاية لا يشكل التمرد خطرا على المواطنين ويوجد تعايش سلمي بينهم وفي اعتقادي أن هذا القرار ستستفيد منه دولة الجنوب بصورة كبيرة بل هناك فوائد كبيرة للولاية من حيث تسويق المحاصيل التي يوجد بها فائض كبير ففي السابق كان يتم تهريبها ولكن تم تنظيم حركة هذه البضائع لكي يستفيد منها المزارعين

حوار – نوال تاج السر
اليوم التالي