رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : ترحيل مستشفى الخرطوم و ساقية جحا


> المطلوب هو إنشاء مستشفيات جديدة في المناطق البعيدة التي يأتي سكانها إلى مستشفى الخرطوم.. وهي ليست أستاد الخرطوم حتى تحولها الدولة مجزأة إلى نواحي الولاية.
> و إذا أرادت الحكومة ترحيل المستشفى وليس الاستاد.. فعليها أيضاً أن تخلي محيطها من الناس وهم سكان وطلاب وعاملون بأعداد ضخمة .. والخرطوم في مركزها معروفة بالاكتظاظ خاصة من الصباح الباكر وحتى المساء.. وهؤلاء يحتاجون إلى مستشفى حوادث وطوارئ قريب.. وقد كانت مستشفى الخرطوم التي للأسف أريد ترحيلها قبل الاستاد.. وهذا تفكير غريب تسود به الحكومة صفحاتها في التأريخ.
> فمستشفى الخرطوم أصلاً شيدت بعد أن أخلي لتشييدها المكان من سكان المنطقة الأصليين.. لكن الآن يترك سكان المنطقة الجدد والعاملون والدارسون والعابرون مع كثرتهم بدون مستشفى «حكومي» للحوادث والطوارئ.
> ويصبح تحويل المستشفى مثل ساقية جحا.. فهؤلاء المقيمون في الخرطوم ومعهم العاملون والدارسون والعابرون وما أكثرهم إذا أصابتهم مصيبة سيضطرون أن يستأجروا سيارات التاكسي التي لا يملكون سعر أجرتها في غالبهم.
> سيؤخذون من السوق العربي أو مما جاوره إلى مستشفى إبراهيم مالك أو إلى ما أبعد منها.. ويكون تحويل المستشفى بطريقة ساقية جحا.
> فالمطلوب إذن هو زيادة المستشفيات وليس ترحيلها من أمكنة إلى أخرى.. لأن الخرطوم تستقبل يومياً المهاجرين إليها بأعداد كبيرة تتطلب مزيداً من إنشاء المستشفيات وليس تحويل بعضها إلى أمكنة أخرى من أمكنة فيها كثافات سكان وعاملين ودارسين وعابرين ومغترضين.
> لكن إذا صدر قرار بإخلاء الخرطوم من الناس ولو كان السبب إنشاء سد أو إنشاء سدين على طريقة سدي أعالي نهري عطبرة وستيت، ففي هذه الحالة لا حاجة إلى استبقاء مستشفى الخرطوم وكوبري المسلمية.
> والعاملون في السد أو السدين يمكن أن يستشفوا في وحدة صحية تابعة للمشروع. وسؤال هنا خارج الموضوع: هل يمكننا التوقع على إنشاء سد آخر في ولاية الخرطوم يكون هذه المرة في وسطها؟!
> أرجو ألا يستثمر من يرفضون إقامة السدود في مناطقهم فكرة هذا السؤال.. فهو للمزاح. لكن تحويل مستشفى من مكان لم يتركه ويغادره الناس بعد لأي سبب من الأسباب هو الشيء الذي نستغربه ونستنكره.
> والغريب أن من أبعدوا في الماضي من ديارهم بغير حق لتشييد مستشفى الخرطوم، لم يجدوا التقدير ببناء مستشفى لهم بعد رحيلهم إلى شرق النيل، وهم أهل الشيخ الطيب الجد في أم ضواً بان.. هم المسلمية.
> ففي الماضي كان إخلاء المكان من الناس لبناء سلسلة مستشفيات الخرطوم بطول خمسة كيلومترات تقريباً.. رغم قلة الناس.. قلة قليلة جداً.. فما كان أهل السودان النشطاء حينها يحبون الهجرة إلى ولاية الخرطوم لمزاحمة قبائلها وسكانها القدامى خاصة البيض .. «البيضان في السودان».
> ولكن اليوم فإن ترحيل مستشفى الخرطوم أو بالأحرى إزالتها جاء في وقت الحاجة فيه إليها أشد ومتعاظمة.. متعاظمة مع مزيد من البناء الرأسي وزيادة أعداد الساكنين والمقيمين في الشقق والفنادق العديدة والدارسين والعابرين.
> يبدو أن التفكير في الاستفادة من الأرض التي تقيم عليها سلسلة مستشفيات الخرطوم «الحكومية» متنوعة وشاملة التخصصات الطبية، كان طاغياً على التفكير في تقديم الخدمات الطبية للناس في أقسام الحوادث والطوارئ.
> إن الغرابة هي أن يشيد الناس مستشفى الخرطوم في وقت لا حاجة لمواطني الولاية به وهم في القرى لا يجدونه قريباً.. و يزيلونه في وقت من المفترض أن يبنى بجانبه امتداد لاستيعاب المصابين والمرضى.
> لكن الحكومة تريد أن يذهب المصابون في مركز الخرطوم إلى أطرافها إذا كانوا لا يملكون تكلفة العلاج في المستشفيات «الخاصة».
> معلوم أن تقديم الخدمة الطبية في ما يلي الإسعافات الأولية يتوفر حيث يوجد الناس بأعداد كبيرة جداً.. والسؤال هنا أي مكان مثل قلب الخرطوم ومحيط مستشفى الخرطوم توجد فيه أعداد كبيرة بهذا الحجم؟!
> إذن نفهم أن إغلاق مستشفى حوادث الخرطوم ليس لتوفير الخدمة الطبية الإسعافية في أمكنة قريبة من الناس.. وأكثر الناس في قلب الخرطوم.
> ولو كان الخطأ هذا في قرار إغلاق الحوادث عن اجتهاد.. فله أجر الاجتهاد. وهو «في ميزان حسنات صاحبه» بإذن الله.. فالأعمال بالنيات.. ولكل امرئ ما نوى.
> لكن دون إخلاء أية منطقة من الناس لا ينبغي أن تغلق فيها مستشفى.. لذلك إما تخليها من الناس لأي سبب وإما أن تترك المستشفى للناس وتذهب لبناء أخريات.
غداً نلتقي بإذن الله…

الانتباهة


تعليق واحد