مقالات متنوعة

هاشم كرار : مستر موغابي.. افعلها يا رجل!


في كلمتين، لا غير: هذا سفه!

من أسفه من الحكام الذين يحتفلون بأعياد ميلادهم، في بذخ، وشعوبهم تتضوّر جوعا، وتسوّلا؟

هم كُثر. والمثال هنا: روبرت موغابي.

لا تذكر زيمبابوي، إلا وتذكر القبضة الحديدية، والجفاف، والفساد، وتزوير الانتخابات، والجوع، وسفه شيخ في الثانية والتسعين.. شيخ يسقط في مشيته، بمشيته، ويتأبى النزول عن السلطة، حتى الموت!

آخر سفه موغابي، احتفاله بعيد ميلاده الثاني والتسعين، أمس، بإقامة وليمة ضخمة لخمسين ألفا من أنصاره، سيتكأكؤون عليها.. ينهشونها نهشا، ويتجشؤون حمدا لـ(أبو الامة)!

لو كان قد بقى لمستر موغابي شيئا من عقله، لكان قد أدرك أن (أبو الامة) أي أمةـ لا يمكن أن يفعل مثل ذلك إطلاقا، خاصة حين تعيش أمته أسوأ حالاتها، مع الفقر والجوع.

ما تريده الأمة في زيمبابوي، ليس هذا الاحتفال السفه..

ما تريده سياسات منضبطة، وبرامج قابلة للتنفيذ للخروج من حالة التسول والأويئة والخوف.

ما تريده، مدارس.. ومستشفيات.. وطرق، وليس زنازين..

ما تريده، قبل ذلك ان يتقاعد موغابي العجوز، ويفسح الطريق بتقاعده أمام أجيال جديدة، روحها من روح هذا الزمان.. وتطلعاتها من احتياجات هذا الزمان، وخططها وبرامجها- بالضرورة- من الخطط والبرامج التي تنتشل الاوطان، من الأنفاق التي حفرها الآباء المؤسسون، إذ هم يرون أنهم هم وحدهم رسل العناية الإلهية للحكم، والاستمرار فيه، برغم الزهايمر، وخيانة الركب، وتقوس الظهر، وتلف العقل والفؤاد!

من يعطي هذا الموغابي عقله؟

لو كان موغابي يتأسى، لكان قد تأسى بأشرف رجل انجبته القارة المظلمة- مانديلا- إذ هو يتنازل عن السلطة التي انتزعها انتزاعا من أشرس نظام عنصري في التاريخ، بإرادته هو.. ولو كان مانيلا، لا يدرك أن لكل زمان رجاله، لكان حتى يوم وفاته، هو الخيار المحترم، لإرادة الصناديق السحرية!

في الدول التي يحكمها أشباه موغابي، ليس من أحد يجرؤ أن يقول لتلك الأشباه: تحسسي مكان العقل فيك.. وتلك الأشباه، لا تتحسس- دائما- إلا الرصاصة أو الطريق إلى الزنزانة، متى ما سمعت مثل هذه التخاريف!

بئس أقدار الشعوب، تلك التي يفقد فيها رؤساؤها، نعمة العقل.. ونعمة الشوف، ونعمة المشي دون الانكباب على الوجه!

مستر موغابي: في يوم وليمتك الكبرى، بعيد ميلادك الثاني والتسعين، مد بصرك إلى ما وراء الخمسين ألفا الذين يتجشؤون حمدا لك..

مد عينيك الكليلتين- ياسيدي- سترى بقية شعبك كله، يتضوّر جوعا..

لا. لا تجفل مذعورا بعينيك.. كن شجاعا، واستصدر أشرف قرار يمكن أن تستصدره في كل تاريخك: أيها الناس.. هأنذا أتقاعد، افسح الطريق لمن يستطيع أن يسكت صراخ مصارينكم!