مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : ما وراء الأخبار


> في العراق اصبح بديل جيش صدام ثلاثة جيوش.. هي الطائفي الذي تقوده بغداد الجديدة والعنصري في إقليم كردستان وجيش داعش الذي وجد فراغاً ميدانياً.
> وفي ليبيا بعد أن صفى القذافي الجيش الليبي واستبدله بمليشيات يقودها أبناؤه واستبدل الحرس الجمهوري أو الوطني بنساء يحملن ويتوحمن.. فإن هذا كله فيما بعد اصبح وبالاً عليه وعلى ليبيا.
> ودعك من البعيد.. فهنا في جنوب السودان انسحب الجيش منذ عام 2005م بموجوب اتفاقية نيفاشا التي كانت ثمناً غالياً جداً لحل مشكلة طال عمرها.
> والآن جنوب السودان أساس مشكلته هي انسحاب الجيش السوداني منذ ذلك الحين بطريقة غير سلسة.. استغلت فيها القوى الأجنبية الفرصة لتدمير جنوب السودان بتكلفة اقل من تكلفة دعم وتمويل التمرد قبل نيفاشا.
> وحزب المؤتمر الشعبي بقيادة الترابي يتهم أمس الأول احزاب المعارضة الرافضة للحوار الوطني بأنها تجلس مع دوائر استخبارية أجنبية لتأزيم الوضع، ولديها أجندة لتصفية الجيش ومؤسسات الدولة.
> والمؤتمر الشعبي كأنه يفضح برنامجاً تآمرياً أجنبياً ينفذ في ثلاث مراحل.. مرحلة فصل الجنوب.. وهذه انتهت.. واستكملت بتدمير الجنوب وانهياره وحرق آلاف القرى فيه، كما تحدثنا الأخبار هذه الايام وتحدثنا عن اكتشاف مقابر جماعية أيضاً بعد معارك دارت بين الجيش الشعبي وشباب السهام في الإقليم الاستوائي.. ولعلها شرارة الحرب الاستوائية النيلية القادمة.
> أما المرحلة الثانية فهي مرحلة تصفية الجيش السوداني باتفاقيات ستكون أسوأ من اتفاقية نيفاشا.. اتفاقيات مع عقار تسعى لها الحكومة ببراءة لإعادة الأمن والاستقرار في المنطقتين «جنوب كردفان والنيل الأزرق».
> وحسابات الحكومة حينها ستكون هي أن الجيش ليس جيش احتلال.. وأن قوامه مواطنون سودانيون.. وأن الالتحاق به يكون وفق شروط تضمن استمرار صلاحيته الوطنية حتى لا يكون مصيره مصير الجيش الشعبي أو مصير جيش أبناء القذافي في ليبيا.
> أو تصبح البلاد بثلاثة جيوش مثل العراق.. «طائفي شيعي وعنصري كردي اسمه البشمرقة ومختلط بالبعثيين والاسلاميين والصوفية والسلفيين اسمه داعش».
> ومعلوم أن القوى الأجنبية.. واشنطن وإسرائيل.. تستهدف أي جيش وطني في بلاد تستنكر وترفض استمرار دولة الاحتلال اليهودي في فلسطين.. والسودان طبعاً يرفض بشدة خاصة بعد اعتراض دولة الاحتلال اليهودي على إقامة دولة فلسطينية على الأرض الفلسطينية مجاورة للأرض المحتلة.
> فالمعارضة تعجز لوحدها أمام قوة الحكومة المؤسسية عن القيام بعمل يخدمها سياسياً ويخدم قادتها مادياً.. وتظن أن دخول الأجندة الأجنبية في معادلة إسقاط النظام سيقلل عن عجزها هذا.
> وهي بالطبع ترى ما يبرر لها الاستعانة بمطامع الأجنبي، دون أن تكترث لما ستتضرر منه هي مستقبلاً إذا تحقق لها حلم الوصول إلى السلطة.. طبعاً سيكون مصيرها مصير الحركة الشعبية في جوبا.. وستكون البلاد مثل جنوب السودان بعد أن أتت الأجندة الأجنبية هناك أكلها.
> هذا نقوله ونراه بافتراض أن ما قاله المؤتمر الشعبي عن المعارضة صحيح بحكم احتكاكه بها لأكثر من عقد من الزمان.. ولعله سئم من الحلف معها حتى كانت «جبارته» الحوار الوطني للابتعاد عنها دون ملامة.. فالآن هو الذي يلومها في رفضها الحوار الوطني.
> وهو الآن يتهمها بأنها تتواطأ لتمرير أجندة أجنبية لتنهار بها البلاد من خلال تصفية الجيش. والمعارصة يملي عليها عجزها عن المضي وحدها في اتجاه اسقاط النظام تبني مواقف سياسية لا تراعي معها تماسك البلاد.
> فيأسها وبؤسها يجردانها من الإحساس بالمسؤولية الوطنية.. لأن أي تفكير في ذلك يشعرها بأنه يحقق مكسباً عظيماً للنظام الحاكم الذي اصبح في نظرهم مثل السنة الكونية.. فهذا الشعور يقودهم إلى عدم التفريق بين الوطن والحكومة.. وكأن الوطن والحكومة اصبحا مثل اللحم والظفر.. هذا إحساس المعارضة على ما يبدو.. لذلك تريد تصفية الجيش ومؤسسات الدولة كما يتهمها حزب الترابي.
غداً نلتقي بإذن الله.