منى ابوزيد

مصيبة كبيرة ..!


“على الدولة أن ترفع الضرائب على العزاب، فليس من العدل أن يكون بعض الناس أكثر سعادة من غيرهم” .. أوسكار وايلد ..!
«الريموت كنترول» ليس جهاز صغير للتحكم – عن بعد – بعروض القنوات على شاشات التلفزيون فقط، بل «أيقونة» سياسية، و»ترمومتر» حساس، لقياس معدلات الديموقراطية الأسرية خلف الأبواب المغلقة ..!
هل تأخذني على محمل الجد إذا ماقلت لك إن مسألة نجاح أو فشل الحلول الديموقراطية لمشاكل الحياة الزوجية قد تبدو أحياناً رهينة اختبار سياسي لموقف الشريك من ساعات استئثار الآخر بجهاز التحكم عن بعد حين مشاهدة برامج التلفزيون؟! .. فسلوك الشركاء في مؤسسة الزواج لا يتجزأ بل يتلون ويتمرحل بنسب متفاوتة .. بدءاً بنوعية الطعام ومستوى نضجه ونكهاته .. مروراً ببرامج التلفاز مواقيتها وأنواعها .. وانتهاءً بحفنة لا بأس بها من القرارات المصيرية ..!
في أوروبا أعلنوا قبل فترة عن نتائج استفتاء شعبي كبير أجرته إحدى أكبر الشركات الأوروبية المتخصصة بصناعة الأجهزة الإلكترونية كان موضوعه أثر جهاز الريموت كنترول على الخلافات الزوجية ..!
أجريت تلك الدراسة على أكثر من ألفي زوج من مختلف الدول الأوروبية وكان السؤال عن موقف الشريكين من اقتسام «السُّلطة» على جهاز الريموت كنترول، باعتباره وسيلة فعالة لاختبار الديموقراطية المنزلية ..!
ولئن سألت عن نتائج تلك الدراسة فدعني أخبرك إنها كانت مدهشة .. اعترف (72%) من الأزواج بأنهم يتشاجرون كثيراً بسبب السيطرة على ذلك الجهاز .. بينما اعترف (12%) منهم بأنهم قذفوا به من النافذة أو خارج الغرفة في أثناء الشجار ..!
بينما أقر (7%) منهم بأن الضرب كان نتيجة مباشرة لخلافاتهم حول التحكم بجهاز الريموت كنترول .. أما المفزع جداً فهو أن (4%) من سكان القارة المتحضرة قد اعترفوا بأنهم قذفوا الطرف الآخر بذلك الجهاز في أثناء الشجار ..!
والنتيجة هي أن أكثر من (90%) من الأزواج في أوروبا – قارة الديموقراطية السياسية – يتشاجرون كل يوم بسبب انعدام الديموقراطية الأسرية والتعسف في استخدام السلطة عندما يتعلق الأمر بخيارات جهاز الريموت كنترول ..!
نتيجة الاستفتاء تلك دفعت إحدى الشركات المنتجة لتلك الأجهزة إلى التحايل على الأمر بتصنيع جهاز ريموت كنترول جديد من مادة هلامية (لدنة) ضد الكسر .. وضد الإصابة .. وضد الإيذاء الجسدي أيضاً .. وأكثر أماناً وحفاظاً على سلامة مستخدميها في حال حدوث شجار ..!
وبما أن (الحجاز ليه عكاز) – كما يقول المثل السوداني – فقد كان الأجدى بتلك الشركة المنتجة أن تصنع أجهزة ريموت كنترول تصدر عنها رسائل صوتية تتضمن طابع الجودية المضمن في مناشدات الحجازين، ثم ما أن يسقط الجهاز أو يرتطم برأس أحدهم حتى تصدر عنه رسائل صوتية على غرار «ياجماعة باركوها» ..!
وإلا فماذا عسانا نقول؟! .. لا بد أن تخدم التكنولوجيا طبيعة عصرها أليس كذلك ؟!.. فتجاري بذلك طابع علاقات الأزواج في هذا الزمان الردئ، الذي تأخذ فيه مؤسسة الزواج شكل المصيبة – في بداياتها الكبيرة ونهاياتها الصغيرة – فتبدأ بأعظم الآمال وتنتهي لأتفه الأسباب ..!